«غزوات الاستنزاف».. استراتيجية الدواعش للعودة إلى الخلافة المزعومة
- هناء شلتوتمرصد الإفتاء يفكك تبني داعش لاستراتيجية "غزوات الاستنزاف" ويؤكد:
"غزوات الاستنزاف" سلاح داعش لإفقاد القوات النظامية الفاعلية والسيطرة .. وتتطلب حربًا معلوماتية
لجأ تنظيم داعش الإرهابي في الآونة الأخيرة إلى استراتيجية تسمى"غزوات الاستنزاف"، كشف عنها التسجيل المرئي الأخير لـ" أبو بكر البغدادي"، الذي تم نشره في 29 من أبريل الماضي، حث فيه مقاتليه على اتباع هذا الأسلوب، حيث قال: إن "معركتنا هي معركة استنزاف ومطاولة على جميع المستويات"، وهو ما تُرجم بالفعل من خلال إعلان مؤسسة "البتار" الإعلامية التابعة للتنظيم عن انطلاق ما يعرف بـ "غزوة الاستنزاف"، وذلك في الأول من يونيو لهذا العام .
وكما هو معروف أن الحرب مع تنظيم " داعش" مرت بمراحل عدة تبعًا لأشكال توحش هذا التنظيم، ففي السنوات الأولى لظهوره كان قد اتبع أساليب الحرب الهجومية على المدن السورية والعراقية، ونجح في السيطرة على مدن عدة حتى عام 2015، ومع بداية عام 2016 أصبح التنظيم عاجزًا عن التمدد والتوسع وبدأ في مرحلة خسارة المدن الكبرى التي استحوذ عليها حتى خسر الموصل عام 2017، مما جعل التنظيم يدخل في مرحلة من الارتباك وعدم القدرة على التماسك، وهو الأمر الذي دفعه إلى تبني استراتيجية "الاستنزاف" خاصة في مواجهة الجيوش وقوات الأمن.
وأوضح مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، إن استراتيجية "غزوات الاستنزاف" ليست بالجديدة، فقد سبق للتنظيم اتباعها تحت اسم "النكاية والإنهاك" في المناطق التي لايستطيع التنظيم أن يسيطر فيها على الأرض بشكل كامل، نظرًا لوجود قوات مسلحة قوية وقادرة على إلحاق الهزيمة بعناصره، فعوضًا عن السيطرة على الأرض، يقوم التنظيم بعمليات متنوعة باستهداف قطاعات مختلفة على مساحات واسعة، معتمدًا على أسلوب الهجمات الخاطفة، والاختفاء والتستر في الصحراء؛ الأمر الذي ينهك قوى الجيوش والدول التي تتعرض لمثل تلك الأساليب في هجمات داعش.
وتعتمد استراتيجية "غزوات الاستنزاف" لدى التنظيم على عدة وسائل، أهمها تسلل الانتحاريين بين صفوف القوات النظامية، وزرع العبوات الناسفة على الطرق وبالقرب من المناطق المستهدفة، والهجمات الخاطفة على نقاط بعينها ثم الانسحاب والتخفي بين المدنيين، أو في الظهير الصحراوي والجبلي. ويقوم بتلك الأعمال خلايا عنقودية صغيرة يرأسها أحد عناصر التنظيم ويكون على اتصال مباشر بقادة التنظيم لتحديد الأهداف المتوقعة والطرق الملائمة للهجوم عليها.
ولفت المرصد إلى أن جزءًا من تطبيق استراتيجية "غزوات الاستنزاف" يقوم على أساس المشاغلة والانقضاض، بحيث يشتت التنظيم النظر عن الهدف الأهم له، من خلال عمليات شكلية على مواقع متعددة، في حين يقوم الفريق الأكبر بالهجوم على الموقع المستهدف، وهو ما أفصح عنه التنظيم من خلال صحيفته الناطقة باسمه "النبأ" في عددها رقم (185)، وعادة ما يستخدم هذا الأسلوب في ضرب الطرق الرابطة بين عدة مدن خاصة في القرى الصغيرة، وهو تكتيك يكشف عن خطورة الخلايا النائمة للتنظيم.
وذكر المرصد أن تنظيم "داعش" نفذ هجومي العريش ودرنة بالاعتماد على هذه الاستراتيجية، حيث جاءت هذه العمليات ضمن ما أعلنت عنه مؤسسة البتار الإعلامية عن انطلاق ما يعرف بعملية "غزوة الاستنزاف" حيث استهدفت هذه العمليات القوات الأمنية، بالإضافة إلى الهجمات الأخرى التي ضربت مواقع عسكرية في سوريا والعراق، لذلك تقوم التنظيمات الموالية لداعش بإنهاك الجيوش والقوات الأمنيةبضربات متلاحقة بغرض إفقادها السيطرة والفاعلية.
وأكد المرصد على ضرورة تكثيف العمليات المعلوماتية للتخلص من الخلايا النائمة التي تعتبر الركيزة الأساسية في استراتيجية "غزوات الاستنزاف" التي يعتمد عليها التنظيم، فلا تزال الخلايا النائمة منتشرة في دول عدة كان قد ضربها التنظيم، ومن الواضح أنه سيعتمد عليها في شن عملياته الإرهابية، وهو ما يمكن قراءته من خطاب البغدادي الأخير الذى تزايدت بعده عمليات استهداف الجيوش وأماكن العبادة ضمن استراتيجيات عدة، أهمها: استنزاف الجيوش، وخلايا التماسيح، وسياسة الأرض المحروقة.