مجازر جديدة بحق 300 ألف مسلم «روهينجي».. والجيش البورمي يقطع الإنترنت ويدمر 362 قرية
أحمد واضح
- الأمم المتحدة تحذر: «جيش بورما يرتكب جرائم تطهير عرقي»
- الأقمار الصناعية تكشف تدمير جيش ميانمار مئات القرى لأقلية «الروهينجيا»
- قتل وتعذيب واغتصاب جماعي لعشرات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ
- تطرف وعنصرية البوذة يفشل دعوات شيخ الأزهر للسلام في «بروما»
ارتكاب جرائم ضد الإنسانية سر قطع حكومة «ميانمار» الإنترنت في مناطق مسلمي «الروهينجا»
"بورما " - ميانمار- ، اسم لهذه الدولة المتعصب غالبية أهلها في ذاك الجنوب الأسيوي من ناحية الشرق، حيث لا يمر يوم إلا وترتكب أعمال قتل وتعذيب، وتهجير بحق الأقلية المسلمة "الروهينجا"، القابعة تحت وطأة هذه الحكومة، وسط صمت دولي صارخ، وسكوت عربي وإسلامي فاضح.
لا تزال حكومة ميانمار "بورما" البوذية المتطرفة، تنتهك كافة مواثيق حقوق الإنسان العالمية في تعاملها مع أقلية "الروهينجيا" المسلمة، فلا مُوعِز لضمير إنساني حي، ولا منتفض لحماية حياة هؤلاء المستضعفين، والذين وصفتهم الأمم المتحدة بأكثر شعوب الأرض اضطهادًا وتقتيلا.
مجازر جديدة
"يانجي لي" مقررة الأمم المتحدة الخاصة، كشفت عن قطع خدمات الإنترنت في 9 بلدات بولايتي "راخين وتشين" في "ميانمار" قبل أيام، مشيرة إلى أن الغرض من هذا الفعل هو التستر على انتهاكات لحقوق الإنسان والتي تتم ضد أقلية "الروهينجا" المسلمة.
وقالت المقررة الأممية، في تصريحات صحفية،:"أخشى على جميع المدنيين هناك، وتم إبلاغي بأن التاتمادو -قوات ميانمار العسكرية- تقوم الآن بعملية تطهير وقطع الإنترنت، ويمكن أن يكون غطاء لارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد السكان المدنيين".
وقالت شركة "تلينور غروب" لخدمات الاتصالات في "ميانمار"، إن السلطات أصدرت أمرًا لشركات الاتصالات بقطع خدمات الإنترنت في ولايتي راخين وتشين غربي البلاد.
ووثقت الأمم المتحدة في أكتوبر الماضي، -بحسب تقرير نهائي لبعثة تقصي الحقائق- ارتكاب جيش "ميانمار" عمليات قتل واغتصاب بحق أقلية "الروهينجا" المسلمة، بقصد الإبادة الجماعية.
ودعا محققو المنظمة الدولية، إلى فتح تحقيق دولي وملاحقة قضائية بحق قائد الجيش في "ميانمار"، وخمسة قادة عسكريين آخرين، بتهم تتضمن ارتكاب جرائم إبادة جماعية.
وقالت بعثة تقصي الحقائق،:"يجب التحقيق بشأن كبار جنرالات الجيش في "ميانمار"، بمن فيهم القائد الأعلى للجيش وكبير الجنرالات "مين أونغ هلينغ"، وملاحقتهم قضائيا بتهم الإبادة الجماعية، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في ولايات "راخين"، و"كاشين"، و"شان".
وأضاف المحققون، أن الحكومة المدنية بزعامة، أونغ سان سو تشي، سمحت بانتشار خطاب الكراهية ودمرت وثائق وفشلت في حماية الأقليات من جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب ارتكبها الجيش في الولايات الثلاث.
وتقول منظمات حقوقية، إن الجيش دمر جزئيا أو كليا 362 قرية تسكنها الأقلية، وإن بعض هذه القرى سويت بالأرض، مشيرة إلى أن الفظائع التي ارتكبها الجنود دفعت نحو 700 ألف من أبناء "الروهينجا" للفرار نحو بنجلادش المجاورة منذ أغسطس 2017.
قتل وتعذيب مسلمين
قبل أشهر امتدت حملات الجيش البورمي الذي يدين بالديانة البوذية، ضد الأقلية المسلمية "الروهينجا"، فطالت رصاصات الجنود رؤوس وأجساد 7 آلاف إنسان من الطائفة المستضعفة -بحسب منظمة أطباء بلا حدود-، والذين لا ذنب لهم سوى أنهم اعتنقوا الدين الإسلامي، وحافظوا عليه رغم التضييق عليهم منذ أكثر من 200 عام، تجرع المسلمون على تلك الأرض كافة ألوان العذاب من تحديد للنسل، ومنع إقامة المساجد، بل وهدم الموجود منها في هذه المملكة القديمة التي تم إنشاؤها قبل 1200 عام تحت اسم مملكة "آراكان" الإسلامية.
الأمم المتحدة، أصدرت عدة تقارير حول معاناة مسلمي "الروهينجا"، كشفت فيها عن نزوح مئات الآلاف إلى حدود بنجلاديش خلال الفترة الماضية قبل أن تغلق بنجلاديش – دولة إسلامية-، حدودها وتمنع استقبال مزيد من المهاجرين المسلمين.
حملات التطهير
نزوج مئات الآلاف من مسلمي "الروهينجا" جاء عقب حملات التهجير والقتل، التي مارسها الجيش البورمي البوذي، في إقليم "آراكان"، ما تسبب في وقوع آلاف القتلى من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، إلى جانب اغتصاب آلاف المسلمات وقتلهن بعد حفلات الاغتصاب الجماعية على يد جنود الجيش البورمي البوذي المتطرف، فيما غرق المئات الآخرين أثناء محاولاتهم عبور النهر الرابط بين بورما وبنجلاديش فرارًا من حملات التطهير العرقي بحقهم.
وبموجب قانون أقرته بورما عام 1982، حُرِمَ 1.2 مليون مسلم من "الروهينجا" من حق المواطنة، كما مورست ضدهم حملات تطهير عرقي واغتصاب جماعي للنساء وتعذيب قبل القتل.
خبراء الأمم المتحدة، أعربوا عن بالغ قلقهم مما وصفوه باتساع دائرة العنف التي تحاصر سكان ولاية راخين "آراكان" في "ميانمار".
المنظمة الدولية للهجرة في بنجلاديش، أعلنت دخول100 ألف مسلم "روهينجي" إلى أراضيها منذ أكتوبر الماضي وحتى الآن بينهم 20 ألف دخلوا الأراضي البنجلاديشية في أقل من أسبوع، بسبب أسوأ اشتباكات تشهدها البلاد، مشيرة إلى سعيها توفير الغذاء والملاجئ المؤقتة للفارين، بينما وثقت المنظمة عشرات الأشخاص من النازحين مصابون بجروح سببتها طلقات نارية بسلاح الجيش البورمي.
بدورها طالبت منظمة الأمم المتحدة، السلطات في ميانمار - بورما - بحماية حياة المدنيين دون تمييز، فيما وجهت نداءًا إلى حكومة بنجلاديش بالسماح للفارين من الاشتباكات بدخول أراضيها بعدما أغلقت حدودها وشرعت في تسليم المسلمين لديها إلى الجيش البورمي.
ووصّفت الأمم المتحدة، حملات قوات الأمن البورمية على مسلمي الروهينجا بالجريمة ضد الإنسانية.
شهادة روهينجي
تواصلنا مع نور الله الشيخ يوسف الروهينجي، وهو طالب بجامعة الأزهر؛ ليطلعنا عن معاناة أقلية الروهينجيا، والذي أكد أن الصراع في ميانمار بين قبيلة بوذية تدعى "بورا" أو"نيما"، وهي التي تشكل غالبية السكان وعلى اسمها سميت الدولة "بورما" - "ميانمار" وبين أقلية بوذية تدعى "ماغ"، وهي تمتلك جيش موازي "A.N.A"، Arkan National Army-- وتطالب بالانفصال والحكم الذاتي، والقبيلتين يهاجمون قرى المسلمين ويدمرون ويعذبون أهلها خلال هذه الحرب، في إطار حملات تطهير عرقي ممنهجة فنحن لا نملك حتى السكاكين في بيوتنا.
وأضاف نور الله، في تصريح خاص لـ"الميدان"، أن أقلية الروهينجا كانت تشكل غالبية سكان إقليم آركان قبل نحو 50 سنة بعدد 4 ملايين نسمة، ولكن مع حملات التهجير والقتل، بين أعوام 1942 -حيث قتل الجيش البوذي البورمي أكثر من 100 ألف روهينجي بمساعدة الاحتلال البريطاني حينها-، و 1978 و 1997 و 2012، و 2016، وحتى الآن، انخفض عدد الروهينجيا إلى 1.5 مليون نسمة، والآن لا يتجاوز عدد المسلمين داخل أراضي ميانمار 300 ألف روهينجي معرضون للقتل والتعذيب.
وأوضح الروهينجي، أن حكومة بورما هاجمت قرى بوذية من قبيلة "الماغ" بالطائرات، وألقت قنابل حارقة على قرى المسلمين، مشيرًا إلى استغلال تجار البشر معاناة مسلمي الروهينجا حيث تم رصد 4 سفن محملة بمئات مسلمي الروهينجيا تم قتلهم جميعها وأخذ أعضاؤهم.
ولفت إلى أن هناك نحو 1.5 مليون روهينجي مهجرون في بنجلاديش وباكستان وماليزيا والسعودية، إلى جانب 300 ألف لا يزالون داخل بورما، لافتًا إلى أن إسرائيل ترسل خبراء عسكريين لتدريب الجيش البورمي على استخدام الأسلحة وقتل مسلمي الروهينجيا.
وأوضح أن رئيسة وزراء بنجلاديش قالت إن على مسلمي الروهينجيا البقاء في آراكان والتمسك بوطنهم، مستنكرًا هذا القول المتغافل عن عمليات القتل وتدمير قرى المسلمين على يد الجيش البورمي، حيث أرجع تصريح رئيسة الوزراء وكذا غلق حدود بنجلاديش أمام المهاجرين الروهينجيا؛ إلى ضغوط تمارسها الصين والهند وروسيا عليها؛ من أجل السماح للجيش البورمي بإتمام عملية التطهير العرقي للمسلمين الروهينجيا.
وكشف الشيخ يوسف، عن قيام الجيش البورمي بقتل المسلمين في مدينة أكياب عاصمة إقليم أركان في شهر رمضان الماضي وكذا في عدد من القرى الأخرى.
رسالة لشيخ الأزهر
ووجه رسالة إلى شيخ الأزهر قائلاً،:" أنت أعظم شخصية للمسلمين، فضيلة الشيخ، نحن الله خلقنا ونستحق الحياة، حتى الكلاب والخنازير تستحق الحياة طالما ليس هناك ضرر، ونحن أصبحنا أسوأ من الكلاب في بلدنا، أريده أن يوجه عبارات من هذا القبيل للأمم المتحدة والدول الإسلامية عل من يتحرك لإغاثة المسلمين في بورما".
وطالب الروهينجي، شيخ الأزهر بتوفير وفود علمية لنشر تعاليم الدين الإسلامي بين مسلمي الروهينجيا في مخيمات بنجلاديش، والهند، وباكستان، وفي داخل بورما، وذلك بعد غلق الجيش البورمي مدارسنا وهدم مساجدنا، وحتى لا ينتشر الجهل بين مسلمي الروهينجيا وينحرفون عن دينهم وسط الإغراءات التي يقوم بها المبشرون المسيحيون والبوذيون بتركنا أحياء ومنحنا المال إذا تنصرنا أو أصبحنا بوذيون، وحتى لا يتكرر ما حدث مع المسلمين في الأندلس، مشيرًا إلى أنهم رصدوا أحد المبشرين المسيحيين عرض على المهاجرين الروهينجيا في الهند التنصير مقابل توفير المال لهم والهجرة لدول أوروبية.
وحول تراجع الدول العربية والإسلامية في نصرة قضية الروهينجيا وسط ما يصيب هذه الدول من تراجع وحروب واقتتال، قال الشيخ يوسف،:" أقول ما قاله عمر بن الخطاب "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بدونه أذلنا الله".
الصين وإسرائيل تدعمان ميانمار
مسئول في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، أعلن عن دعم بلاده لحكومة ميانمار، مشيرًا إلى أن الصين لن تنضم إلى أي دول أخرى في التنديد حملات التطهير العرقي ضد مسلمي "الروهينجيا".
"قوه يى تشو"، المسئول بالقسم الدولي في الحزب الشيوعي، وصف مسلمي الروهينجيا بالإرهابيين، مستنكرًا الهجمات التي يشنها أفراد على مراكز للشرطة الميانمارية.
وتربط الصين علاقات وثيقة مع قادة جيش "ميانمار" الذي يحكم البلاد منذ عقود، فيما كشفت تقارير عن دعم الصين لميانمار دبلوماسيا وعن طريق مدها بالسلاح لتنفيذ حملات التطهير العرقي للأقلية المسلمة في ولاية "آركان".
تل أبيب ترفض وقف بيع الأسلحة التي تُبيد المسلمين في ميانمار، تحت مضمون هذا العنوان نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تكشف عن بيع إسرائيل ألغامًا وأسلحة للجيش البورمي لاستخدامها في قتل مسلمي الروهينجيا، رغم فرض حظر من قبل أمريكا والاتحاد الأوروبي على بيع السلاح لميانمار.
الكيان الإسرائيلي تجاهل جميع الدعوات لوقف بيع أسلحته لجيش ميانمار، على الرغم من الجرائم المرتكبة ضد المسلمين بهذه الأسلحة هناك، حيث فضحت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إصرار حكومة تل أبيب على الاستمرار في بيع السلاح لميانمار رغم الطلب المستمر من قبل حقوقيين لوقف بيع السلاح الذي يستخدم في قتل وتعذيب المدنيين الأبرياء.
وزار قائد جيش ميانمار "مين أونغ هلينغ"، الكيان الإسرائيلي في سبتمبر 2015 أمام مرأى دول العالم في مهمة شراء أسلحة من مصنعين صهاينة، والتقى وفده مع الرئيس الإسرائيلي "ربين ريفلين"، ومسؤولين عسكريين بما في ذلك رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي.
واشترت ميانمار زوارق دورية سريعة "سوبر دفورا" الإسرائيلية لملاحقة المسلمين الفارين من جحيم العذاب والقتل في ميانمار، كما اشترت ألغامًا زرعتها في مناطق مسلمي الروهينجيا لمنعهم من العودة إلى قراهم مرة أخرى.
حقوق الإنسان
الدكتور صلاح سلام، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أدان ممارسات الجيش البورمي بحق مسلمي الروهينجا، قائلًا:" لماذا لا يتحرك مجلس الأمن لوقف حملات الإبادة الجماعية بحق مسلمي آراكان حتى الآن".
وأضاف سلام، في تصريح خاص لـ "الميدان"،:"يتعين على الأمم المتحدة والدول الإسلامية والمجتمع الدولي النهوض من الثبات العميق لوقف المجازر التي ترتكب يوميًا بحق مسلمي الروهينجا والتي تندرج تحت عنوان حملات التطهير العرقي المستمر منذ عقود".
الشيخ علاء أبو العزايم، رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية، وشيخ الطريقة العزمية، طالب في تصريح خاص لـ "الميدان"، الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي بطرد سفراء ميانمار وإصدار إدانات واسعة لوقف المجازر وحملات التطهير العرقي بحق مسلمي آراكان.
الأزهر والسلام
"نحو حوار إنساني حضاري من أجل مواطني ميانمار"، كان هذا شعار المؤتمر الدولي، الذي نظمه مجلس حكماء المسلمين، برئاسة شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، في يناير 2017؛ لدعم ونشر السلام في بورما، التي تشهد أعمال عنصرية ضد المسلمين الروهينجا منذ سنوات.
المؤتمر الدولي شارك به شباب ممثلين لأطراف الأزمة، بينهم مسلمون، وبوذيون، وهندوسيون، ومسيحيون، كما حضر المؤتمر، سفير ميانمار في مصر"مينت لوين"، وعدد من الشخصيات الدينية والعامة حول العالم.
الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أكد خلال كلمته بالمؤتمر الدولي للسلام في بورما، أن بوذا من أكبر الشخصيات في تاريخ الإنسانية؛ حيث وصف كبار مؤرخي الأديان تعاليمه بأنها "تعاليم الرحمة غير المتناهية"، وأن الأزمة التي تدور في ولاية "راخين" -آراكان-؛ حيث تعيش أقلية الروهينغا المسلمة هي أزمة غريبة على شعب ميانمار- بورما- الذي يضرب بجذور راسخة في تاريخ الدين والحكمة والسلام.
وطالب شيخ الأزهر، شباب بورما البدء في غرس شجرة السلام؛ لتظلل مواطني الروهينجا حتى يقضوا على مفهوم الأقليات وما يجره من إقصاء وتهميش، لافتًا إلى أنه لا يرى حلا للأزمة إلا في العقول الشابة من مواطني بورما، وأن المشكلة إذا لم تحل فستقضي على الأخضر واليابس لا محالة، خاصةً وأن مفهوم الأقليات البائس ينتهي دائمًا بسفك الدماء والقتل وتشريد الأبرياء.
دعوات شيخ الأزهر أضحت مجرد كلام لم تستمع له حكومة بورما -ميانمار-، مع استمرار سياستها في التطهير العرقي بحق المسلمين على أراضيها.
تاريخ عنصري
حصلت بورما - ميانمار - على استقلالها عن الاستعمار البريطاني عام 1948، بعد إنشاء جيش الاستقلال البورمي الذي تكون من ميليشيا "الرفاق الثلاثون" في العام 1940.
الإسلام دخل بورما "ميانمار" عن طريق إقليم "آراكان" بواسطة التجار العرب في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد؛ حيث انتشر الإسلام بفضل صفات المسلمين الخلقية العالية، التي اتصفوا بها، وشيدت بالإقليم المساجد المزخرفة وأقيمت مملكة "آراكان" الإسلامية، إلا أنه مع مطلع القرن الثالث عشر الميلادي؛ أغار ملك بورما البوذي على المملكة واحتلها بعد تدميرها كليةً، بيد أن حاكم البنغال المسلم السلطان جلال الدين شاه، أرسل جيشًا ضخمًا واسترد مملكة أراكان من يد البوذيين وتعاقب الحكم الإسلامي عليها حتى منصف القرن السابع عشر الميلادي، - بحسب ما ذكر موقع ويكيبيديا- .
في عام 1784 قام "بودوبيه" حكام بورما البوذي، باحتلال مملكة آراكان الإسلامية وقام بمذابح فظيعة بحق المواطنين وتدمير كافة مساجدها وكل ما هو إسلامي بالمملكة؛ حيث قام بهدم المكتبة الملكية والمآثر القديمة والمساجد والمدارس وغيرها ومحوها كلية، وظل المسلمون يعانون منذ هذه الفترة وحتى الآن.
تسبب الحكم البريطاني في زيادة الضغوط الاقتصادية وكراهية الأجانب إلى زيادة المشاعر المناهضة للهنود، ومن ثم المسلمين، ففي أعقاب أعمال شغب مناهضة للهنود سنة 1930، اندلعت توترات عنصرية بين العرقية البورمية وبين المهاجرين الهنود والسلطة البريطانية، وتحولت المشاعر البورمية ضد هؤلاء بأنهم أجانب وشملهم المسلمون من كافة الأعراق، وبعدها في سنة 1938 اندلعت أعمال شغب ضد المسلمين بعد حملات عرقية ممنهجة.
وطوال الأعوام 1997، 2001، 2012، اشتعلت أعمال عنصرية لقتل وحرق المسلمين البورمين من جانب الأغلبية البوذية، فيما وقفت الشرطة والجيش موقف المتفرج، وبدأ البوذيون إبادة جماعية أخرى بولاية "راخين" - آراكان- ، في يونيو 2012، بعد أن صرح رئيس ميانمار "ثين سين" بأنه يجب طرد مسلمي "الروهنجيا" من البلاد، وإرسالهم إلى مخيمات لللاجئين تديرها الأمم المتحدة، وفرضت على المسلمين البورميين الضرائب الباهظة، ومنعوا من إقامة المساجد، ولم يعترف بهم كمواطنين بورميين، فيما يقوم الجيش والشرطة بحملات تهجير وقتل وسلب لممتلكاتهم بين الحين والآخر.
ولا يزال المسلمون الروهينجيا، يعانون وسط صمت رهيب من قبل المجتمع الدولي والحكومات والأمم المتحدة؛ لنطرح سؤالاً قد يختصر الرسالة كلها، هل لو كانت هذه الانتهاكات وجرائم القتل والتعذيب ترتكب ضد المسيحيين أو اليهود أو أي البوذيين كان العالم سيصمت ويغض الطرف عنها كما هو حاله مع مسلمي الروهينجيا أم كان سينتفض مجلس الأمن والامم المتحدة وروسيا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا؟!