مصر والجزائر.. وجهي العملة المحروق والنظيف
- رامي أيمنمع تأهل منتخب الجزائر إلى نهائي أمم أفريقيا، وتألق "محاربي الصحراء" خلال البطولة، كثرت المقارنات بين نجاح "الخضر" وفشل المنتخب المصري، مستضيف البطولة، ولكن ما هي الأسباب الحقيقية لنجاح الجزائر وفشل مصر في العُرس الأفريقي؟..لقد حافظ المنتخب الجزائري على جميع العوامل داخل وخارج الملعب، فظهر للجماهير بصورة المنتخب الموهوب والمنضبط والمخلص لشعار يعني الكثير للبلاد.
أما منتخب مصر، التي طالبت جماهيره باللقب الثامن، الأول منذ 2010، ففشلت بالإقناع منذ المباراة الأولى، وأخفقت فنيًا و"أخلاقيًا"، خاصة بعد فضيحة اللاعب عمرو وردة، وقرار مسؤولي اتحاد الكرة بإبقائه مع البعثة ثم عودته للفريق، عقب الإعلان عن استبعاده نهائيا.
المدرب
بداية حل المشكلات يبدأ من المدرب، فهو "الرئيس" المباشر للاعبين، وصاحب القرار الأخير داخل الملعب وخارجه، وهنا يتبين الفرق بين مدرب جزائري الجنسية جمال بلماضي الذي ساند لاعبيه جسديًا وروحيًا ومعنويًا، ومدرب مصر، المكسيكي خافيير أجيري.
ركز بلماضي كثيرًا على العوامل الشخصية للاعبين، واستطاع خلق مجموعة متجانسة تمزج اللاعبين المغتربين، واللاعبين المحليين، وخلق بينهم جو من الألفة والأخوة الحقيقية.
أما تكتيكيا، فقد نجح بلماضي بالدخول في كل مباراة بطريقة هجومية سلسلة، مع الاعتماد كذلك على خط دفاعي صلب، ليوازن بذكاء بين الهجوم والدفاع، ويروض جميع منتخبات أفريقيا التي واجهها، أما من ناحية أخرى فقد فشل أجيري ليس بالوصول للاعبين فقط بل إنتقائهم أيضًا واكتفى على عنصر الإحتراف في الأندية الخارجية، كما انه بدأ الهجوم وعلى مسافة بعيدة، تاركًا فراغا على المستوى الشخصي.
أما فنيا، فشل أجيري بإقناع الجماهير المصرية، بالرغم من تحقيقه العلامة الكاملة في مبارياته الثلاث الأولى.
وطالت الانتقادات على المنتخب "الباهت" قبل "صدمة الخروج" بوقت طويل، والسبب تركز في المستوى الهزيل الذي ظهر به "الفراعنة" حيث لم يقنع الفريق هجوميًا، أو حتى دفاعيا كما كان الحال مع الأرجنتيني هيكتور كوبر الذي قاد المنتخب المصري إلى المباراة النهائية للبطولة السابقة واحتل وصيفًا بعد هزيمته من الكاميرون بهدفين لهدف في الأنفاس الأخيرة من المباراة وقئتذ.
الفضائح
دخل المنتخب المصري خلال البطولة بدوامة من الفضائح، أبرزها اتهامات بالتحرش الجنسي التي لاحقت عمرو وردة، والتي بدأتها عارضة أزياء مصرية نشرت صورًا للرسائل التي تلقتها من اللاعب، لحقتها العديد من الصور المماثلة ومقطع فيديو فاضح.
ونتيجة لذلك، أعلن اتحاد الكرة المصري إستبعاد اللاعب صاحب الـ 25 عامًا من المنتخب وبشكل نهائي، لكنه سرعان ما عاد وأعلن خفض العقوبة إلى الاستبعاد من دور المجموعات فقط، مما أثار انتقادات عريضة من الجمهور المصري.
وعلى العكس تمامًا، لم يواجه محاربو الصحراء أي مشكلات شخصية، وإلتزم اللاعبون بتمثيل المنتخب، والتركيز على البطولة، فجاءت أغلب الأخبار إيجابية، خلال التغطيات الإعلامية للمنتخب.
الضغوط
عانى المنتخب المصري كثيرًا من الضغوط والتي وضعت على عاتق لاعبيه كافة، من قبل الجماهير، التي لم تقبل بأقل من اللقب الثامن، منذ لحظة إعلان استضافة مصر للبطولة.
وينقلب السحر على الساحر فسرعان ما يتحول التشجيع الكبير للمنتخب إلى "ضغط لا يحتمل"، حتى جاءت النتائج سلبية أمام حشود المساندين في استاد القاهرة الدولي.
أما الجزائر، فدخلت من دون أي ضغوط، خاصة أن المنتخب فشل بالتأهل العام الماضي لمونديال روسيا، مما أبعد صفة "المرشح" عن "الخضر.
وأدرك مشجعو المنتخب الجزائري أن منتخب بلادهم يدخل مرحلة إعادة تأهيل، تحت إشراف جمال بلماضي، فلم يطالبهم باللقب، وتمنوا فقط رؤية تمثيل مشرف في بطولة القارة السمراء كان 2019.
التعلم من الأخطاء
من أبرز علامات نجاح الجزائر، كانت التعلم من الأخطاء السابقة، حيث بدا واضحًا أن اتحاد الكرة في الجزائر تعلم من أخطاء تعيين المدربين كبار السن، وتوجه نحو الشاب بلماضي، الذي يحمل سجله نجاحات كبيرة بعقلية حديثة.
أما المنتخب المصري، فاختار تعيين أجيري، الذي لم يختلف كثيرًا عن سلفه هيكتور كوبر، الذي ابتعد عن كرة القدم الجميلة، وأصبح عدوًا للجماهير.
إضافة إلى ذلك يمتلك أجيري سجل طويل في كرة القدم، حيث لم يعرف أبدا بكرة القدم الحديثة، كما سبق له الفشل قاريًا مع منتخب اليابان في 2015، لذا فتعيينه كان بمثابة خطوة "للوراء".
المحترفون
نجح أبرز محترفو منتخب الجزائر برفع مستوى "الخضر"، والظهور بأعلى مستوياتهم، وكأنهم في ذروة الموسم الأوروبي.
وعلى رأس المحترفين رياض محرز، نجم مانشستر سيتي، وسفيان فيجولي، نجم فريق جالاطة سراي، الذين نجحوا بقيادة كتيبة الجزائر مباراة تلو الأخرى.
أما مصر، فتراجع مستوى نجومها كثيرًا، وعلى رأسهم محمد صلاح، الذي ظهر كشبح للنجم المتألق في ليفربول، ورغم أنه حاول كثيرًا فقد أخفق في تقديم مستواه الذي تعودت عليه جماهير ليفربول بالدوري الإنجليزي الممتاز.
ومع الخروج "الصادم" لمنتخب مصر، سيتوجب على المسؤولين والمنتخب التوقف قليلا، ودراسة قصة كفاح المنتخب الجزائري، لأن الإحتذاء بذلك المثال يقود حتمًا للقب الثامن.