بعد القرارات الـ17.. هل تنجح حكومة العراق في امتصاص غضب الشارع؟
- رمضان إبراهيمبعد أيام من الاحتجاجات التي خلفت عشرات القتلى ومئات المصابين، تحركت الحكومة العراقية وأصدرت 17 قرارًا، خلال جلسة استثنائية دعا إليها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، كحزمة أولى من الاستجابة للحراك الشعبي الذي شمل معظم المحافظات، وسط محاولات لامتصاص الغضب الشعبي.
وشهد العراق احتجاجات دامية على مدار الأيام الأخيرة، إذ قتل نحو 100 شخص، وأصيب نحو 4 آلاف بجروح، في 5 أيام من المظاهرات التي بدأت في بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات الأساسية وتوفير فرص عمل، ثم امتدت إلى مدن جنوبية، وارتفع سقف المطالب ليصل إلى استقالة الحكومة وتغيير النظام برمته.
ووضع مواطنو العراق القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء مساء السبت "استجابة لمطالب المتظاهرين"، في ميزان النقد، لمعرفة مدى تأثيرها على حياتهم اليومية، وتضم الحزمة الأولى 17 قرارًا، تستهدف بالتحديد المجال الاجتماعي، مثل توزيع القطع والأراضي السكنية، وتقديم منح شهرية لبعض العاطلين عن العمل، لكن التظاهرات التي بدأت بالمطالبة بتحسين الخدمات الأساسية وتوفير فرص عمل، ارتفع سقف مطالبها ليصل إلى رحيل حكومة عبد المهدي وتغيير النظام برمته.
وتتضمّن الحزمة الأولى 17 قرارًا، والذي نص على فتح باب التقديم على الأراضي السكنية المخصصة لذوي الدخل المحدود، والفئات الأخرى في المحافظات كافة، واستكمال توزيع 17 ألف قطعة سكنية للمستحقين من ذوي الدخل المحدود في محافظة البصرة، خلال فترة زمنية لا تتجاوز 4 أسابيع، مع إعداد وتنفيذ برنامج وطني للإسكان يشمل بناء 100 ألف وحدة سكنية موزعة على المحافظات، مع منح الأولوية للمحافظات والمناطق الأكثر فقرًا، ومنح 150 ألف شخص من العاطلين، ممن لا يملكون القدرة على العمل، منحة شهرية قدرها 175 ألف دينار لكل شخص (نحو 150 دولار)، لمدة 3 أشهر.
وتتولى وزارة المالية تعزيز رصيد صندوق الإسكان من أجل زيادة عدد المقترضين وتمكينهم من بناء الوحدات السكنية على قطع الأراضي التي ستوزع على المواطنين وتضمين ذلك في موازنة 2020، وتكون القروض مُعفاة من الفوائد وفقا لقانون الصندوق، وإنشاء مجمعات تسويقية حديثة (أكشاك) في مناطق تجارية في بغداد والمحافظات تتوزع على المشار إليهم في الفقرة السابقة خلال مدة 3 أشهر، بكلفة كلية قدرها 60 مليار دينار، على أن يتعهد صاحب الكشك بتشغيل اثنين من العاطلين عن العمل لضمان توفير ما لا يقل عن 45 ألف فرصة عمل للمواطنين، مع مراعاة إعطاء الأولوية لمن أزيلت أكشاكهم.
ونصت حزمة القرارات على إعداد برنامج لتدريب وتأهيل العاطلين عن العمل، بعدد 150 ألفا من الشباب الخريجين، وغير الخريجين مع صرف منحة مالية خلال فترة التدريب البالغة 3 أشهر، ومنح الناجحين في تلك الدورات التدريبية قروضًا ملائمة لتأسيس مشروعات متوسطة أو صغيرة، من خلال مبادرة البنك المركزي لإقراض الشباب والبالغة ترليون دينار، وشمول العاطلين عن العمل من المشتركين ببرنامج التدريب بقانون الخدمات الصناعية، من خلال منحهم قطعة أرض مخدومة لإنشاء مشروع صناعي مع تمتعهم بكافة الامتيازات التي يوفرها القانون المذكور.
وتتولى وزارة الدفاع فتح باب التطوع للشباب من عمر (18-25 عامًا)، وتتخذ وزارتا الدفاع والداخلية "الإجراءات الأصولية" لإعادة المفسوخة عقودهم في المحافظات كافة، واعتبار الضحايا من المتظاهرين والأجهزة الأمنية شهداء، وشمولهم بالقوانين النافذة، ومنح عوائلهم الحقوق والامتيازات المترتبة على ذلك، وتتولى وزارة الصحة تقديم الخدمات العلاجية للجرحى من المتظاهرين والقوات الأمنية وتوفير كامل الاحتياجات على نفقة الحكومة، بما في ذلك العلاج خارج العراق إن اقتضت الحاجة إلى ذلك، مع قيام وزارتيّ الدفاع والداخلية باتخاذ الإجراءات الأصولية لإعادة المفسوخة عقودهم في المحافظات كافة.
وتتولى وزارة التربية اتخاذ الإجراءات اللازمة للتعاقد مع المحاضرين المتطوعين وإدراج التخصيصات المالية المطلوبة ضمن موازنة 2020 وفقا للحاجة والتخصص، وتتولى وزارة الزراعة اتخاذ الإجراءات الأصولية لإعفاء الفلاحين من مبالغ استئجار الأراضي الزراعية المترتبة بذمتهم سابقا وحتى 31 من ديسمبر المقبل، ويتولى المحافظون وبالتنسيق مع دوائر الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية تهيئة قوائم بالعوائل المحرومة المستحقة لغرض منحهم رواتب الرعاية الاجتماعية وبعدد 600 الف عائلة.
واعتبر عراقيون أن تلك القرارات الصادرة التي أصدرتها حكومة العراق غير كافية، وأن المطالب أكبر من ذلك بكثير وأن تنفيذها قد لا يحدث لعدة أسباب، خاصة أنها تأتي للتغطية على عمليات القمع، التي نفذتها السلطات ضد المتظاهرين، كما أن القرارات قد تدفع أيضًا لمواصلة ممارسة الانتهاكات ضد المحتجين، على اعتبار أن الحكومة ستعتبر أن الاحتجاجات باتت غير مشروعة في ظل تحقيق جزء من مطالبهم.
وأرجع المراقبون إلى أن أزمة الاحتجاجات نشأت عن أزمة الدولة العراقية برمتها ونظامها السياسي، حيث أن هناك أطرافًا موالية لإيران تحاول حاليًا توجيه الاحتجاجات واختصار كل المشاكل في عادل عبد المهدي وحكومته، رغم أنه لا يملك أي نفوذ لفرض أي إصلاح أو اتخاذ القرارات الكبيرة، على اعتبار أن أصل أسباب الفساد هم الذين سيعرقلون هذه الإصلاحات لجعل عادل هو العلة في العراق، وأدى ذلك إلى ارتفاع سقف مطالب المحتجين والمطالبة باستقالة عبد المهدي وحكومته.