هل يمثل الانسحاب الأمريكي من سوريا خطوة نحو إنهاء النزاع؟
- رمضان إبراهيمقوبل قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب الوحدات الأمريكية من شمال سوريا، بانتقاد دولي واسع باعتباره مهد الطريق للهجوم العسكري التركي في المنطقة، بالتزامن مع تقدم العملية العسكرية التركية "نبع السلام"، وذلك في وقت قيل بأن ترامب غير مهتم بسياسة خارجية استراتيجية، بعد تبنيه رؤية بأن الولايات المتحدة يجب ألا تضطلع بدور شرطي في الشرق الأوسط، لكن يعتقد البعض أن وراء انسحاب الوحدات الأمريكية قد تكون مصالح جيو استراتيجية.
وتكمن خطوة سحب الرئيس ترامب قواته من شمال سوريا وتمهيد الطريق للهجوم التركي، بأن هناك دوافع جيوسياسية وراء القرار، حيث أن الأنظار باتت تتجه صوب إيران، خاصة أن الأمر لا يرتبط بانسحاب الولايات المتحدة من منطقة الشرق الأوسط بقدر ما عملت بسحب الوحدات البرية على التقليل من الهجمات المعادية والتي قد تأتي من إيران.
وينظر "جوزيف برامل" مدير برنامج أمريكا لدى الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية، إلى سياسة سوريا للولايات المتحدة منه منظار إيران، لأنه في النزاع مع إيران لم يقل الأمريكيون كلمتهم الأخيرة، وذلك من منطلق بأن الولايات المتحدة الأمريكية تريد منع إيران بضربات وقائية كي لا تتسلح نوويًا.
وفي حال ما تحركت الولايات المتحدة الأمريكية بضربات جوية ضد ايران، فإنه يجب توقع ضربات معادية، فإيران يمكن مثلًا أن تستهدف الوحدات الأمريكية المرابطة في سوريا المجاورة، "إذا كان لدى الولايات المتحدة عدد قليل من الجنود في المنطقة، فإنه سيكون لها عدد أقل من الضحايا الذين قد تستهدفهم ايران في ضربة ثانية"، وذلك حسب قول "جوزيف برامل".
وعقب انسحاب الوحدات الأمريكية أطلقت تركيا في شمال سوريا هجومها العسكري ضد ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية. والانعكاسات كبيرة الآن: فمعطيات منظمة الصحة العالمية تفيد أن الوحدات التركية ومعها الميليشيات المجاهدة المتحالفة معها أرغمت 200 ألف شخص على الهجرة.
وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن أكثر من 130 مقاتلًا من القوى الديمقراطية السورية التي يتزعمها الأكراد و69 مدنيا قُتلوا، ومن غير المحتمل أن لا تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد قيمت الانعكاسات المحتملة لانسحاب قواتها من المنطقة، لكن المنطقة وكذلك الأكراد قد يتحولوا مرة أخرى إلى ضحية لمنافسة كبرى على النفوذ.
ويرتبط الأمر في آن واحد بالصين، خاصة إذا تعلق الأمر بخلافات مع إيران، باعتبار أن الصين تعد هي أكبر مشتري للنفط الايراني، كما أن التشابك مع إيران جزء هام من مبادرة طريق الحرير الصينية، وهذا المشروع من شأنه خلق ممرات اقتصادية من الصين إلى أوروبا وإفريقيا، وهذا لا يضفي شفافية أكبر على الوضع.
فالمصالح المختلفة والفاعلون في الشرق الأوسط متداخلون بشكل وثيق، فانسحاب الوحدات الأمريكية من سوريا قد يكون له تقليل استراتيجي من أهداف الهجوم، وهذا سيكون مهمًا بالنسبة إلى الولايات المتحدة إذا حصل تصعيد عسكري مع إيران، ثم الصين ليست بعيدة، حيث إذا تم استهداف إيران، فإنه يتم أيضًا استهداف الخصم الرئيسي الصين التي وجب عليها ضمان موارد التموين من هذه المنطقة.