مديونيتها تتجاوز الـ700مليون جنيه
مأساة العاملين في «الشركة العامة لاستصلاح الاراضي والتنمية والتعمير» التشريد بأمر «الحكومة»
- محمود أبو السعود- تأخر صرف رواتب العاملين والشركة تباع بالتجزئة فى مزاد علني
- العاملون يطالبون بإسناد مشروعات بالأمر المباشر من الوزارات السيادية بالدولة
- صرف قرض للشركة لإعادة تأهيل معدات الشركة حتي يمكن استخدامها للتشغيل
- رفع جميع الحجوزات من قبل وزارة الري والتأمينات وغيرها وكذلك الإعفاء من الغرامات المحسوبة على أصل الديون
- التمهل فى إجراءات سحب العمل والسماح بمهلة لإنهاء الأعمال وعدم تغريم الشركة فروق أسعار وتعويضات
- صرف التعويضات المستحقة للشركة من جهات الاسناد حتي تتوفر السيولة
لا تحتاج للدخول إلى مقر الشركة للوقوف على حقيقة المأساة التي يعيشها العاملين داخلها، فبمجرد أن تطأ أقدامك أبواب «الشركة العامة لاستصلاح الاراضي والتنمية والتعمير »، تستقبلك المعدات المتهالكة والتي تباع خردة فى مزادات علنية لصرف رواتب العاملين التي تتأخر، تشييع العاملين المصريين إلى مثواهم الأخير بفعل فاعل ووقف رواتبهم مع سبق الإصرار والتعمد من قبل إدارة الشركة، التى لا تجد حلاً سوي تأخير المرتبات للعاملين بفروع الشركة فى المحافظات المختلفة، ولا عزاء لمن يصاب بجلطة أو مرض مزمن جراء عدم توفير قوت يومه.
رحلة عذاب يعيشها العاملين بالشركة فالاحتجاجات لا تنقطع فمنذ عام تقريباً تجمهر المئات من موظفى الشركة العامة لاستصلاح الأراضى، و التابعة للشركة القابضة لاستصلاح الأراضى، وحتي وقتنا هذا ما زال العاملون يعيشون تلك المأساة، والغريب أن هناك صمتًا مريبًا أمام أسباب توغل الفساد بهذه الصورة المتوحشة .
استمر الفساد ينخر داخل أكبر شركة حكومية متخصصة فى استصلاح الأراضى والتنمية والتعمير حتى وصل الأمر إلى اعتصام عشرات العاملين بمقر الشركة العامة لإستصلاح الأراضى والتنمية والتعمير بدار السلام، مطالبين بحقوقهم المسلوبة وتأخير صرف مرتباتهم، واستقطاع الحوافز، مما أدى إلى تدهور الوضع الاجتماعى للعاملين بالشركة، هذا السيناريو تاخر حدوثه فى ظل ما تشهده الشركة التى كانت فى وقت من الأوقات من اكبر الشركات العملاقة فى مجالها حتى وصل الأمر إلى بيع اراضى الشركة واصولها من المعدات فى مزادات علنية، وبات العاملين فى الشركة يواجهون شبح التشرد .
وتقدم الأستاذ عبد المنعم بدر رئيس اللجنة النقابية بالشركة العامة لاستصلاح الاراضي والتنمية والتعمير بمذكرة عاجلة لرئاسة مجلس الوزراء كشف خلالها وضع الشركة وما آلت إليه مؤخراً.
تحلولت الشركة من القطاع العام غلى قطاع الاعمال فى عام 1994 وتخلصت الدولة من هذه الشركات ببيعها للعاملين (اتحاد عاملين مساهمين) وتم تحويلها للقطاع الخاص تحت شعار توسيع قاععدة الملكية ومشاركة العاملين فى الإدارة فى الوقت الذي كانت الدولة تنوي إنهاء ما تبقى من أعامال فى خطتها السابقة وإيقاف عمليات الاستصلاح نهائياً ولأن هذه الشركات كانت تعتمد على إسناد الأعمال لها بالأمر المباشر فقد عانت الشركة فى الحصول على على أعمال بالأمر المباشر.
الشركة العامة لها باع طويل فى الأعمال الوطنية فقد ساهمت بالمجهود الحربى بعد حرب 1967 وكذلك بعد حرب 1973 فى توسيع قناة السويس وإزالة الساتر الترابى بخط بارليف بالإضافة إلى تقديم شهداء للوطن عندما كانت تنفجر فيهم ألغام العدو الصهيوني، ورغم ذلك قامت الشركة بتنفيذ أعمال التنمية بسيناء ومنها غنشاء محطة الرفع بعد سحارة قناة السويس وكذلك ترعة الشيخ جابر الصباح وترعة السلام واستصلاح مساحات من الأراضي الزراعية بسيناء.
وبعد كل هذا تخلصت الدولة من الشركة فتعذر عليها المنافسة فى سوق العمل والحصول علي أعمال جديدة عن طريق المناقصات تمكنها من الاستمرار فى الوقت الذي بدأ فيه حجم العمل المتبقى في التناقص ، بالإضافة إلى إرتفاع أسعار المواد الخام وتدمير المعدات بمشروع توشكي الذي انهي عليها اقتصادياً.
ورغم ذلك قامت الشركة بتنفيذ اعمال فى مشروع قناة السويس الجديدة ومشروع الثروة السمكية ببورسعيد وتنقية بحيرة المنزلة وكذلك مشروعات الإسكان (بالتجمع والعاشر والشروق) .
وبدأ التحرك فى عام 2007 للمطالبة بعودة الشركة للدولة لضمان استمرارها والحفاظ عليها وعلى مصدر لقمة العيش للألاف من العاملين بها وأسرهم وعلى مدار سنوات كانت تبحث مشكلة الشركة وتم عقد اجتماعات وتشكيل لجان وتعاقب حكومات ووزارات مختلفة حتي قيام ثورة2011.
وفى عام 2012 تولى الدكتور كمال الجنزوري رئاسة مجلس الوزراء فأصدر القرار الوزارى رقم (106) لسنة 2012 بشأن عودة شركات إستصلاح الاراضى لقانون رقم(203) لسنة 1991 واللائحة التنفيذية الخاصة بشركات قطاع الأعمال العام وتأسيس الشركة القابضة لإستصلاح الأراضي وأبحاث المياه الجوفية ومن ضمن الشركات الشركة العامة لاستصلاح الأراضي والتنمية والتعمير، وانشئت الشركة القابضة وتم نقل ملكية الشركة وتبعيتها لها منذ عام 2012 وحتي الآن لم تقم أى من الوزارات المعنية بغنقاذ الشركة ولم تسند لها أى أعمال من الوزارة او غيرها ولم تتخذ أى خطوات لإنقاذ تلك الشركة من كبوتها، ووصل الأمر بالشركة إلى حالة من الشلل التام وبيع الأصول لتوفير رواتب العاملين بالشركة بخلاف المديونيات للتأمينات والضرائب والبنوك.
وعرض رئيس اللجنة النقابية بالشركة عدة مطالب لإنقاذ الشركة من حالة الركود التام وضياع حقوق العاملين وتشريد الألاف منهم رغم ما قدموه للوطن من أعمال تسجل فى تاريخ الشركة.
وكانت أبرز تلك المطالب...
- إسناد مشروعات بالأمر المباشر من الوزارات السيادية بالدولة وهي الزراعة والري والمجتمعات العمرانية
- صرف قرض للشركة لإعادة تأهيل معدات الشركة حتي يمكن استخدامها للتشغيل أو حتى تأجيرها حتي تتوفر السيولة أو لسداد خطابات الضمان والتأمين الابتدائي للعمليات المسندة.
- رفع جميع الحجوزات من قبل وزارة الري والتأمينات وغيرها وكذلك الإعفاء من الغرامات المحسوبة على أصل الديون للضرائب والتأمينات مع السماح بتقسيط المبلغ على عدد من السنوات حتي يتسني للشركة الخروج من عثرتها حيث أن مديونية الشركة تتجاوز الـ700 مليون جنيه.
- التمهل فى إجراءات سحب العمل والسماح بمهلة لإنهاء الأعمال وعدم تغريم الشركة فروق أسعر وتعويضات ومحاولة عمل جداول زمنية جديدة لهذه العمليات مع تختيم العمليات التي لا جدوي من الاستمرار فى تنفيذها أو الاكتفاء بما تم تنفيذه حسب القرار الوزارى رقم(12) لعام 2006.
- صرف التعويضات المستحقة للشركة من جهات الاسناد حتي تتوفر السيولة.
- تأخر صرف رواتب العاملين بالشركة ويرجع لعدم وجود حجم أعمال يغطي الرواتب والتي تقترب من 3 ملايين جنيه شهرياً والسيولة غير متوفرة لعدم إسناد أعمال بالأمر المباشر كما تقوم الشركة بإنهاء اعمال قديمة واستكمالها بتكلفة أعلى من التي تم إسنادها به مما حمل الشركة أعباء مالية كبيرة.
- توقف جميع السيارات المملوكة للشركة لعدم موافقة التأمينات على إصدار شهادات للمرور مما يعوق حركة السير وتعرض السائقين للحبس والمساءلة القانونية وتعطيل العمل.
وطالب رئيس اللجنة النقابية كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس البرلمان بوضع حل جذري لإنقاذ الشركة ومنع تشريد 5000 من العاملين ممن أفنوا حياتهم داخل الشركة وهم الآن يفترسهم غلاء الاسعار، وارتفاع تكاليف المعيشة بسبب الكبوة التي تعيش فيها الشركة العريقة التي أعطت الوطن الكثير ولا تزال تنتظر رد الجميل.