ليس لدي ما أقول، سوي ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت إن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا» والقول المقتبس من كتاب «الأدب المفرد» للإمام البخاري والذي قال فيه «إذا أصيب القوم في أخلاقهم.. فأقم عليهم مأتماً وعويلًا .. صلاح أمرك للأخلاق مرجعه.. فقوّم النفس بالأخلاق تستقم».
يا له من واقع أليم، أحاط بنا فى ظرف استثنائي يصعب تخيله عندما نري مشهد قاتم تحوم حوله العديد من علامات الاستفهام، وتساؤلات كثيرة حول من السبب فى ضياع الهوية المصرية وما المقصود من وراء تصعيد وجوه الاسفاف التي صدرت فيروسات أقوي من الكورونا وأمراض مزمنة أقوي من السرطان من الصعب علاجها ؟ فى وقت يحتاج فيه الوطن لمن يضمد جراحه من هول ما نشاهده علي الساحة الدولية من حروب الجيل الرابع التي لا نستطيع مواكبتها حتي وقتنا هذا!!
يخبرنا التاريخ دائما أنه ليس هناك أمة من الأمم ارتقت مرتقى صعباً على سلم الحضارة الإنسانية بما تملكه من ثروات مادية وكيان اقتصادي متين أو قوة بشرية وعسكرية فحسب، غير أن تلك الثروات البشرية والمادية تأطرت بسياج من الأخلاق والقيم التي تجعل للتقدم هدفا ساميا وغاية كبرى تحمل رسالة خير للإنسانية، ويمكن أن أذهب أبعد من ذلك إلى أن الأخلاق والقيم قد تمثل قوة الدفع المحفزة للتقدم، حتى وإن عزت الموارد وتضاءلت الثروات.
دعوني أسوق إليكم تساؤلات كثيرة تدور فى أذهان من يخاف علي هذا الوطن وعلي شبابه...
من المسئول يا سادة عن تفشي فيروسات المهرجانات؟ من المسئول عن تصعيد وتصدير المشهد لكائنات ضارة تعبث بعقول جيل كامل وتقضي على مستقبله المجهول.
من الذي سرق أحلام «طه حسين ونجيب محفوظ»، من الذي تسبب فى هروب الناجحين من أبناء مصر لينفعوا بعلمهم من هم خارج دائرة وطنهم، من السبب حتي يجعل مصر فقط مأوي لقبورهم، ألم نسأل يوماً السير «مجدي يعقوب» لماذا نجح خارج مصر؟ لماذا لم نسأل «أحمد زويل» لماذا حقق نجاحات مبهرة خارج المحروسة؟
الإجابة واضحة وضوح الشمس فى كبد النهار من لهم مصلحة فى وجود «نامبر وان، وحمو بيكا، وشاكوش وكزبرة»، فيروسات وكائنات هاجمت مصر فى غفلة وللأسف الشديد تصدروا المشهد برمته، حتي جاء اليوم ليصدروا لنا السموم عبر قناة شرعية وبحماية دولة بالكامل هي سقطة بالفعل، أن يغني شاكوش فى قلب استاد القاهرة أمام ما يزيد عن 70 الف متفرج من شباب مصر ليستمعون نشرب خمور وحشيش ويشاهدون تمايل وهزات الكائنات الضارة بل القاتلة لجيل كامل يفسد عقوله بفعل فاعل.
يا سادة الأمر جلل لابد من وقفة حتي نضع حد لمن يروج للاسفاف وخراب العقول، تناقضات رهيبة نعيش فيها علي ارض مصر لا نعلم من المستفيد ومن المدبر لتلك المفسدة.
كيف لدولة تقف شرطتها ليل نهار لتحليل المخدرات للسائقين والشباب على الطرق، وفي نفس الوقت وفى مشهد عبثي نضع الشاكوش والكزبرة فى استاد القاهرة ليطربوا السمع بالخمور والحشيش، كيف أن تصبح قضية مصر كيفية الصلح بين عمرو كمال وشاكوش لاختلافهم علي أغنية بنت الجيران؟
كيف وصل بنا الحال إلي أن تحوذ قضية محمد رمضان والطيار المصري شهور علي صفحات السوشيال ميديا وإعلامنا المبجل، كيف نسمح لهذا النامبر أن يواصل سخريته من الشعب المصري غاضباً من حملات المقاطعة التي يحاول خلالها قلة من الشرفاء وقف المشهد العبثي.
من يا سادة المسئول عن وصول إيرادات قناة اليوتيوب لمحمد رمضان سنوياً إلي 250 مليون جنيه، وحمو بيكا إلي 54 مليون جنيه، وكزبرة 28 مليون جنيه؟ من الذي صعد بالإسفاف لهذه الدرجة من الذي جعله يفوق العلم؟ من الذي جعل الشباب المصري يندم علي التعليم؟.
من القدوة؟ حمو بيكا وشاكوش ونامبر وان، فلنلعن تلك القدوة ومن ساقها إلينا ومن دعمها ومن صدرها المشهد، علينا جميعاً أن نحارب هؤلاء فهم أقوي من الارهاب هم دعاة إرهاب العقول لا ريب، علينا المحافظة على شبابنا من الانسياق وراء هذا المشهد الخطير، فلنعلمهم أن هذا الإسفاف ليس فناً ولكنها شيطنة تستهدف تدمير العقول.
إن الأخلاق الراقية هي سر حضارة الأمم وديمومتها ومهما رأيت من عظيم البنيان وضجيج المصانع وحركة التجارة في غياب الإطار الأخلاقي فهي لا محال إلى زوال، ذلك «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا».