مجدي يعقوب.. أسطورة القلوب من ركوب «الحمار» إلى العالمية
أحمد واضحمجدي يعقوب قصة نجاح غيرت مجرى الطب في العالم، واستطاع أن يرسم اسمه بحروف من نور في جميع أرجاء الدنيا، ورفع اسم مصر عاليًا في السماء؛ بإنقاذه آلاف الأشخاص من الموت وسط قصص مأساوية أخرى ساهمت في قتل الآلاف بل الملايين من البشر في الحروب والدمار.
ولد مجدي حبيب يعقوب، يوم 16 نوفمبر من عام 1935 في مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، لعائلة قبطية ارثوذكسية، تنحدر أصولها لصعيد مصر والده يعمل طبيبًا للجراحة العامة وكان دائمًا التنقل بين المحافظات بحكم مهام وظيفته، وكان مولعًا بمهنة والده وتمنى العمل بالطب وهو في السابعة من عمره.
مفتاح الشخصية
تخرج يعقوب، في كلية الطب القصر العيني، منتصف خمسينات القرن الماضي منذ أكثر من 65 عام، وهو متزوج وله 3 فتايات نجح في تربيتهم على الحرية الكاملة لاختيار ما يريدونه في حياتهم العملية، منطلقًا من قاعدة الاقتناع بالشيء قبل فعله.
عمل في مستشفي لندن للصدر عام 1962 ، وحصل على زمالة كلية الجراحين المليكة بلندن عام 1962 ودرجات شرفية من جامعات برونيل وكارديف ولوفبورا ، وجامعة ميدلساكس البريطانية ولوند السويدي، وأصبح أخصائيًا في جراحات القلب والرئتين في مستشفى هارفيلد ومدير قسم الأبحاث العلمية والتعليم.
في عام 1987 عين الدكتور مجدي يعقوب رئيسًا لمؤسسة زراعة القلب في بريطانيا، ومديرًا للبحوث والتعليم الطبي، ومستشارًا فخريًا لكلية الملك، وحصل على لقب بروفسيور في جراحة القلب عام 1985-وفقا لما ذكر بالمصادر-.
معايير وتحديات الإنجاز
وفاة عمته، وهو طفل بمرض في القلب اعتبرها تحديًا لابد أن يهزمه ويتغلب عليه في مستقبله، كما واجه معاناة للإلتحاق بكلية الطب إلى جانب عمله في أقاليم الصعيد والمناطق النائية.
كان الدكتور مجدي يعقوب، بعد تعيينه بوزارة الصحة طبيب امتياز، يذهب إلى الأقاليم، وهناك كان يتم نقله عن طريق الدواب -ركوب الحمار-، وبعدها يقوم أحد ألاشخاص بحمله حتي يعبر المجري المائي -القناية بلغة المصريين الدراجة-، وسافر للخارج ليكمل مشواره العلمي ولم ينس مصر فعاد ليرد الجميل بإنشاء مركز مجدي يعقوب للقلب بأسوان.
أجرى أكثر من 200 عملية سنويا ولم يتوقف قطار التميز في بريطانيا، ولكنها كانت بمثابة الانطلاقة القوية لتحقيق الغاية في كافة دول العالم.
نجح في ابتكار طريقة جديدة لزراعة القلب، وأجرى أكبر عدد لعمليات زراعة القلب في العالم، ويعد من أشهر ستة جراحين للقلب على مستوى العالم.
واجه مجدي يعقوب، الشخصيات الحاقدة والتي تسعى إلى هدم أي نجاح يقوم به في البلاد التي سافر إليها للعلم والعمل بالالتفات عنها وتركيزه في عمله، وواجه روح الانهزامية وأكمل طريقة لتحقيق الهدف ولم يهرب.
دي إن آيه الشخصية
التعليم والمثابرة، الوفاء لبلده، فعل الخير للجميع، والبعد عن السياسة.
طول عمر النجاح
الدكتور مجدي يعقوب ساهم في منح العمر والحياة لعشرات الآلاف من البشر لمساهمته في علاجهم بجراحات القلب فلا زال الآلاف يتنفسون اليوم بفضل عملياته الجراحية الناجحة لهم.
الدكتور مجدي يعقوب مع شهرته العالمية لم ينجر إلى أي من الصراعات السياسية ، ولم ينضم لأي من المعسكرات المتصارعة رغم أنه عاصر عواصف من التغيرات السياسية
الدكتور مجدي يعقوب نجح مع فريق طبي بريطاني بتطوير صمام للقلب مستخدمين الخلايا الجذعية، والاكتشاف يسمح لهم باستخدام أجزاء تم زراعتها صناعياً للقلب في خلال 3 سنوات، كما أنهم سوف ينجحون في التوصل إلى زراعة كاملة للقلب باستخدام الخلايا الجذعية في غضون 10 أعوام، وهذا سيكون إنجازًا عظيمًا يخدم البشرية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
أشرف الدكتور مجدي يعقوب على أكثر من 18 رسالة دكتوراة في جراحة القلب ونشر أكثر من 1000 مقال علمي وأكثر من 400 بحث متخصص في جراحة القلب والصدر ، أفادت البشرية إلى اليوم.
مع النجاح الكبير الذي حققه الدكتور مجدي يعقوب أكمل مشواره لإسعاد الناس ومساعدتهم فأسس البرنامج العلمي لزراعة القلب والرئة وابتكر جراحة "الدومينو" التي تتضمن زراعة قلب ورئتين لمرضى ذات الرئة وأنشاء مؤسسة سلاسل الأمل للأعمال الخيرية بخلاف إجراءه العملايات الجراحية بالقلب مجانا للفقراء.
أجرى عملية القلب المفتوح لنقل شرايين القلب للممثل الكوميدي الإنجليزي الراحل إيريك موركيمب الذي كان يدخن 60 سيجارة يومياً، كما أجرى عملية أخرى للممثل المصري العالمي عمر الشريف.
تكريم واحتفاء
حصل على وسام الواجب الأول ووسام الجمهورية بمصر في يوم الطبيب عام 1988.
في عام 1991 حصل على لقب سير ووسام فارس عام 1992.
حصل على جائزة الشعب عام 2000 والتي قامت بتنظيمها هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي وحصل على جائزة الإنجازات المتميزة بالمملكة المتحدة .
في يناير من عام 2011 حصل مجدي يعقوب على قلادة النيل وعضو بهيئة المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا في مصر وأحد أعضاء لجنة الخمسين لتعديل الدستور.
حصل يعقوب على جائزة فخر بريطانيا في 11 أكتوبر 2007 بحضور رئيس الوزراء غوردن براون لمساهمته في الشجاعة والعطاء والتنمية الاجتماعية والمحلية.
تفاعل بالملايين
الدكتور مجدي يعقوب له شعبية عالمية لإسهاماته في مجال تخصصه دفعت به ليكون محبيه بالملايين حول العالم وصاحب فضل على البشرية جمعاء.
وهب حياته للعلم ولم يبخل بمجهوده على الفقراء فقام بإجراء العديد من العمليات الجراحية مجانًا.
لقّبته أميرة ويلز الراحلة، ديانا، بملك القلوب ودخل موسوعة جينيس لقيامه بإجراء 100 عملية قلب في عام واحد، وذلك كان عام1980.
اختاره رئيس وزراء بريطانيا الأسبق "توني بلير" لإصلاح نظام التأمين الصحي في المملكة المتحدة الذي يعتبر من الأنظمة المهمة والمحورية للشعب الإنجليزي، وانتخبه الشعب البريطاني ليفوز بجائزة الإنجازات المتميزة في المملكة المتحدة وهذه الجائزة التي تقدم لتكريم أصحاب الإنجازات المتميزة بالمملكة المتحدة
الدكتور مجدي يعقوب أصبح أشهر 6 جراحين للقلب على مستوى العالم وثاني طبيب يقوم بزراعة قلب بعد "كريستيان برنارد" عام 1967، كمان أجرى الدكتور مجدي يعقوب أكثر من 20 ألف عملية خلال مشواره الطبي منها 2500 عملية زراعة قلب كانت أول عملية لزراعة القلب عام 1980.
يعتبر الدكتور مجدي يعقوب المصري الوحيد الحاصل على لقب سير "بروفيسور"كما أنه حامل لقب: "أكثر أطباء العالم إنجازا في عدد عمليات زرع القلب"، التي قام بها خلال مسيرته الطبية الطويلة، وحرصت الملكة الإسبانية 'صوفيا' علي تسليمه الميدالية الذهبية تقديرا للتاريخ العلمي للدكتور مجدي يعقوب، وللأعمال الخيرية الهائلة التي يقوم بها حاليا.
المال والشهرة ليس لهما أي قيمة عند الدكتور مجدي يعقوب؛ فالسعادة والصحة وخدمة الناس هي القيمة الحقيقية التي جعلته يصل لقمة القلوب.
أقواله المأثورة
"أحلم بالعدالة والمساواة في تقديم الخدمات على أعلى مستوى لجميع أفراد الشعب واكتشافات جديدة في القلب ونحن اقتربنا منها لعلماء في جميع أنحاء العالم".
"كنت معجبًا بوالدي ومنهرًا بالطب، وكنت دومًا أفكر في خدمة الناس ورايت أهمية ذلك وظل ذلك هذا الهدف معي إلى اليوم".
"نجاح أي مشروع جماعي يحتاج على إيمانهم جميعًا بالفكرة ليحققوا الصعاب".
"العمل الجماعي كان مهمًا لإنجاز التحديات بشرط إيمان الفريق كله بالفكرة".
"الطبيب لا يجب أن يكون عاطفي في وقت العلاج نفسه والعمليات الجراحية".
"الاستقرار والتقدم حلم كل مصرى فهل نحن على الطريق؟".
"ضللنا الطريق في مصر لمدة طويلة ويجب علينا أن نعود لتحقيق نهضتنا".
ملامح حياته
حكي عن السر في تحديد مستقبله من داخل أسرته قائلًا،:"والدي كان جراحا وأنا صغير في السن وكنت أرغب ان أعمل جراح مخ أو قلب ولكن عندما توفت عمتي الصغري "أوجيني" وكان عمرها 21 سنة بسبب ضيق في صمام القلب حزن والدي عليها جدا جدا, خاصة انها تركت بعد رحيلها ابنتها وهي صغيرة جدا وقال: حرام أن تموت شقيقتي بهذا المرض خاصة أن هناك جراحات بالخارج كان من الممكن أن تنقذها, فقلت حينها أنا أريد أن أتخصص في هذه الجراحات, وتخصصت ولو كانت عمتي موجودة كان انقاذها سهلا جدا, فالعملية التي كانت تحتاجها بسيطة جدا"؛ كان هذا هو الدافع للدكتور مجدي يعقوب، في رسم وتحديد مستقبله، لتحقيق الغاية من الحياة بإعمار الأرض وإسعاد الناس، فكانت هذه القصة نقطة الانطلاق التي تحفز الإنسان للقيام بدوره في الحياة وتقديم الخير للناس جميعًا وهذه رسالة جميع الديانات.
صوفي مجدي يعقوب
قصة رواها أحد المقربين من الدكتور يعقوب، قائلًا،: "سألت الدكتور مجدي عن مهنة الطب في عالمنا العربي، لم يجب بطريقة مباشرة، ولكن حكى لي قصة ابنته صوفي، صوفي هي واحدة من ثلاثة أبناء لمجدي يعقوب، والوحيدة بينهم اللي قررت أن تدرس الطب اقتداء بوالدها كما اقتدى هو بوالده.
ذهبت صوفي للمقابلة التي حددت لها قبل دخول كلية الطب، سألتها البروفسورة «أنت فرصته الأخيرة إذن»، في إشارة إلى أن أبناء الدكتور مجدي الذين لم يختاروا مهنة الطب ولم يبق سواها في الأسرة لتختار مشوار أبيها، فلامس تعليق البروفسورة، الذي ينطوي على تحد كبير، مشاعر الفتاة، فاضطربت وبكت أثناء المقابلة.
ولما عادت إلى البيت وحكت لوالدها، قال لها: «إذا كنت تضطربين وتبكين في مواجهة أول تحد، فإن مهنة الطب ليست لك، لأنها أكثر المهن المليئة بالتحديات».
وفي الصباح التالي، فوجئ مجدي يعقوب بأن ابنته قبلت التحدي وقررت الاستمرار في دخول كلية الطب ولما ذهبت الفتاة إلى الجامعة قابلت البروفسورة ذاتها التي أبكتها من قبل فقالت لها اذهبي إلى المستشفى للتعرف على المرضى الذين ستقضين كل حياتك بينهم؛ قالت صوفي: "وماذا أقول لهم وأنا مجرد طالبة تدرس الطب؟ فردت البروفسورة «قولي لهم أنا اسمي صوفي يعقوب وأنا هنا من أجل مساعدتكم»، فقالت صوفي «وكيف لي أن أساعدهم وأنا لست بطبيبة بعد؟»، فردت البروفسورة «لا تقلقي، هم سيطلبون منك ما يريدونه، فقد تحضرين لهم الصحف أو تقدمين لهم كوب ماء، افعلي ما تستطيعينه الآن وغدا ستقدمين الخدمة الطبية، المهم هو أن تدركي أن رسالتك هي خدمة هؤلاء، وأنك ستعيشين بينهم معظم عمرك إن اخترت هذه المهنة، إذا وجدت هذا مناسبا فيمكنك أن تصبحي طبيبة، أما إذا لم يناسبك فستتركين مهنة الطب لغيرك»، ويبدو أن الموضوع قد ناسب صوفي لأنها طبيبة ناجحة الآن، وهذه قصة نجاح أخرى شربت من بئر التحدي الذي حفره والدها الدكتور مجدي يعقوب.