الكنيسة في حُكم مُبارك.. عصر المُسكنات السياسية التي أُلغيتْ في عهد السيسي
- حازم رفعتالرئيس الراحل محمد حسني مبارك، ذلك الشخص الذي كان صاحب الضربة الجوية في حرب السادس من أكتوبر عام 1973، وصل الي زمام حُكم مصر في فترة شديدة التوتر، حيث علاقات متأزمة بين الرئاسة وكافة الأطياف، بسبب اعتقالات الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة التي أطلقها الراحل أنور السادات في عام 1981، لكن كانت واقعة تحديد إقامة قداسة البابا الراحل شنوده الثالث في دير الأنبا بيشوى في وادي النطرون، تلك القضية الفريدة من نوعها، لم تحدث في تاريخ الكنيسة المصرية.
وفي عام 1985 أصدر مبارك قرارا بإلغاء إجراءات السادات وإعادة البابا شنوده إلى منصبه.
البابا شنودة والرئيس:
بعد إنتهاء عهد السادات، تغير المسار السياسي بين بابا الكنيسة القبطية والرئيس الجديد، الذي يعكس شكل العلاقة بين مبارك والبابا شنوده التى كانت يسودها الود والإحترام ويجمعهُما حُب الوطن.
وكان يَرى شنودة الثالث أن مُبارك نجح في التخفيف من حدة التوتر، وهو ما ذكره في افتتاحية مجلة الكرازة فى أُكتوبر 2010 عندما قال: " إن الرئيس حُسني مُبارك نجح بإقتدار في تهدئة التوتر الديني بعد أن تدخل بصفته راعيًا لهذه الأُمة وحريصًا علي سلامتها وأكد حرصهُ علي وحدة النسيج الوطني وأنه لا توجد أدني تفرقة بين أبناء الوطن الواحد بسبب العقيدة أو الدين، وإننا جميعًا ـ مُسلمين ومسيحيين ـ نعيش تحت عَلم واحد لوطن واحد يحكمهُ مبدأ المواطنة".
مُبارك والأقباط:
حاول الرئيس الأسبق التقرُب للأقباط وتقديم الدعم لهم وذلك من مبدأ الوحدة الوطنية والتي دفعتهُ لإصدار قرار في عام 2002 بإعتبار يوم السابع من يناير هو عيد قومي للدولة، كما إنه أصدر قرارًا أخر بتفويض المُحافظين بتولي شؤن ترميم وإعادة وبناء الكنائس قبل صدور قانون بناء الكنائس الحالي.
جمود العلاقة بين الدولة والكنيسة:
ويقول كمال زاخر، الباحث والمُفكر القبطي، أن عزل البابا شنودة قد إمتد لثلاث سنوات، وبعدها خرج خروجًا مشروطًا في يناير ٨٥، كما أن هُناك تفاقُم كان يستهدف الاقباط من قبل الجماعات المُتطرفة وقتها، مما تسببت في جِمود العلاقة بين الكنيسة والدولة.
وأضاف " زاخر" لبوابة الميدان، إن عصر مُبارك كانت الأحداث الطائفية التي تستهدف الأقباط، أطلق خلالها الحل بالجلسات العرفية بديلًا عن المسار القضائى، وإهدار حقوق الضحايا الأقباط في الأعمال الإجرامية الموجهة ضدهم، مؤكدًا أن فترة برود العلاقات بين الكنيسة والاقباط كانت في جهة، وبين الرئيس والدولة من جهة أُخري.
همزة وصل بين الرئيس والبابا:
يضيف كريم كمال الكاتب والباحث في الشأن السياسي والقبطي، ورئيس الإتحاد العام لأقباط من أجل الوطن، أن عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي هو العهد الذهبي للأقباط من جميع النواحي السياسية والإجتماعية، حيث لأول مره في التاريخ منذً ثورة يوليو يتواجد مثل هذا العدد من الاقباط داخل المجلس النيابي، لافتًا إلى أن في عصر السيسي تم إصدار قانون لبناء الكنائس ويتم تقنين بعدد ضخم من الكنائس.
وأصاف " كمال" لبوابة الميدان، أن عهد الرئيس الراحل حُسني مُبارك، كان عهد جيد للأقباط، ولكن عهد الرئيس السيسي هو عهد المواطنة الحقيقه وتساوي جميع المواطنين في الحقوق والوجبات.
وتابع: لقد كان إحترام وتقدير الرئيس مبارك لقداسه البابا شنودة الثالث دور كبير في حل العديد من المشاكل الطائفية المُعقدة والتي كانت ستنفجر إذا لم يتدخل قداسه البابا شنودة بحكمته لحلها مثل مشكلة الكُشح علي سبل المثال.
وأوضح، أن هناك كانت همزة وصل ببن الرئيس والبابا في مرحله من المراحل هو الدكتور مصطفي الفقي، سكرتير الرئيس للمعلومات، كما كانت في مراحل أٌخرى كان الدكتور زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، كما أكد قداسته لنا أن الرئيس كان يقدره تقديرًا خاص جدًا، كما إنه كان يستمع لنصائحه بخصوص المشاكل الطائفية، لان الرئيس مُبارك كان يعلم تاثير البابا شنوده الشديد علي الاقباط.
واضاف قائلًا: لكن دائمًا لا شك انه حصل بعض الصدمات بين الكنيسة والدوله في عهد الرئيس مبارك، حيث قال لنا البابا شنودة إنه في أحدى الأيام زاره في الدير، اللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدوله، وقال للبابا شنوده إنه عمل إحصائيه ووجد عدد الاقباط سته ملايين، وكان رد قداسته عليه بأن الكنيسه تعرف عدد الاقباط من الافتقاد والعضوية الكنائسية وليس في إحتياج بأن يعلمها أحد بذلك، مؤكدًا له بأن العدد يزيد عن ١٥ مليون في ذلك الوقت، كما قال لنا قداسته، إنه بلل ورقه بيضاء في كوب ماء خلال اللقاء لتوصيل رد مناسب علي ذلك الكلام.
اللقاء الأخير بين شنودة والرئيس:
طلب الرئيس محمد حسني مبارك بأن يلتقى مع البابا شنودة الثالث، وذلك كان على خلفية أحداث كنيسة العذراء بالعمرانية، ويعد ذلك اللقاء آخر لقاء بينهم.
شنودة يُساند مبارك في 25 يناير:
اعلن البابا وقتها مساندته الكاملة للرئيس مبارك جين قيام ثورة الخامس والعشرون من يناير2011 قائلًا " اتصلنا بالرئيس وقلنا له كلنا معك والشعب معك، فليحفظه الله لمصر"
بُكاء الرئيس:
حينما رحل البابا شنودة في 17 مارس من عام 2012 عن عُمر يناهو التسعون عامًا، تأثر الرئيس الاسبق مبارك وبكى بكاءً شديدًا، خلال مشاهدته صلاة تشيع الجنازة عبر شاشات الفضائيات، كما إنه ظل يتابع مراسم تشيع جثمان البابا، والتي أقيمت بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
الكنيسة في عهد السيسي .. أيقونة حرية :
بعد أكثر من 160 عاماً على صدور " الخط الهمايونى"، الذى كان يجرى على أساسه تنظيم عملية إنشاء دور العبادة للمسيحيين فى مصر، صدر قانون بناء وترميم الكنائس فى 2016، طبقاً للنص الذى وُضع لأول مرة فى دستور 2014، وهو القانون الذى شرع طرق ترخيص الكنائس والمبانى التابعة لها، التى بُنيت خلال العهود السابقة بدون ترخيص، وتسهيل الحصول على تراخيص لبناء كنائس جديدة.
بالإضافة إلى ذلك وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسى، بتحمل الدولة تكلفة إنشاء كنائس للطوائف المسيحية فى المدن الجديدة، إلى جانب المساجد والمدارس والحضانات، وهى التوجيهات التى تُوجت ببناء أكبر كنيسة وكاتدرائية فى مصر والشرق الأوسط بالعاصمة الإدارية الجديدة، كاتدرائية "ميلاد المسيح'، التى أبهرت العالم، وصارت محطة لزيارات المسئولين الغربيين، وأيقونة تؤكد إيمان الدولة بحرية المعتقد.