رسالة مهنية خُطّت بدايتها قبل 60 عامًا..
طبيب من زمن الخير.. عبد العزيز حامد: «أنا من الفقراء وإليهم»

قليل أولائك الذين يهبون حياتهم، وأوقاتهم لخدمة الفقراء والمحتاجين، فيعمدون إلى نكران الذات؛ أملًا في جني الثواب من الله، ومنعًا لتسلل الكبر والرياء إلى قلوبهم، الكتور عبد العزيز حامد المتخصص فى مجال الأطفال والجلدية، أحد هؤلاء أصاحب الأيادي البيضاء، والقلوب النقية المشفقة على كل فقير مريض قد يهمل صحته أملًا في توفير لقيمات له ولأولاده، ولد الدكتور عبد العزيز حامد صاحب الثامنين عامًا، لأسرة بسيطة كغالبية المصريين في تلك الحقبة التاريخية التي انتشر فيها الإقطاع وساد مذهب السادة والعبيد.
يمكننا أن نقول، إن أسرة الدكتور عبد العزيز حامد، كانت فقيرة؛ فعلى لسانه وفي انتقاء للألفاظ ينم عن عزة النفس، جاء قوله،:"أسرتي كانت أقل بكثير من الطبقة المتوسطة ".
مفتاح الشخصية
هو طبيب مصري يستشعر الفقراء، ويرفض أن يمارس الطب كمهنة؛ وإنما يمارس مهنته كرسالة لخدمة المرضى وخاصة الفقراء، فهو يحاول رفع المعاناة عنهم؛ فمنذ أكثر من 50 عامًا يجرى الدكتور عبد العزيز الكشف على المرضى في عيادته بأجر رمزي يقترب من أن يكون مجانيًا، فلا تتجاوز ثمن تذكرته العلاجية 5 جنيهات بعد أن بدأها بـ 25 قرشًا، ويسعى ألا يجاوز ثمنها ثمن التذكرة المجانية في المستشفيات الحكومية.
تخرج عبد العزيز حامد، في كلية الطب مطلع الستينيات من القرن الماضي، وبعد تخرجه عمل بالعديد من المستوصفات الطبية التي تقدم الكشف، والعلاج المجاني للمرضى، ورفض العمل في المراكز والمستشفيات الخاصة.
التحديات والإنجاز
ابتعد حامد، عن الصراعات السياسية فلم يمارس أي دور سياسي وتفرغ لخدمة المرضى وآداء رسالته العلمية والخدمية.
افتتح عيادته الخاصة في وسط القاهرة، وحدد سعرًا زهيدًا؛ للكشف على المرضى البسطأ، ولم يفكر في تغيير سعر الكشف وكانت عبارته الدائمة " ده مبدأى ومش هغيره، أنا قررت أعمل للفقرا وهفضل كده".
واجه تحديًا من الأطباء أصحاب العيادات الخاصة المحيطة به؛ حيث مارسوا عليه ضغوطًا لرفع سعر تذكرة العلاج مقابل 20 جنيهًا فيما بلغت تكلفة الكشف لديهم 350 جنيهًا للتذكرة.
كان أبرز تحدي واجهه هو ارتفاع الأسعار فرغم أن مهنته كفيلة بأن تجعله ميسور الحال؛ إلا أنه دائمًا ما يقول "ياريت نرحم الناس كفاية اللى هما فيه الغلاء في كل شيء، والأمراض أصبحت كثيرة ولابد أن نخفف المعاناة عنهم".
من أقواله،: "رسائل الله لي كبيرة، فرغم كبر سني لست مصابًا بأي مرض، وضعف سعر الكشف يعوضه عدد المرضى الكبير، وهناك أفراد مقتدرين ماديًا، يدفعون تكلفة تذكرة علاج المرضى لدي وهذا خير كبير".
طول عمر النجاح
الدكتور عبد العزيز حامد أجرى عشرات الآلاف من الكشوفات الطبية على المرضى من الفقراء، ومتوسطي الدخل.
ظل منطويًا عن الإعلام، ورفض أن يكشف عن فعله الخير؛ ابتغاء وجه الله؛ ولإيمانه بأن مهنته ليست تجارة، وإنما رسالة لتخفيف معاناة المرضي، وخاصة الفقراء منهم.
ضرب مثلًا في الدور الاجتماعي المفترض أن يتم تعميمه في البلاد للقضاء على معاناة البسطأ والمحتاجين.
جعل شركات الأدوية تتكفل بإجراء التحاليل الطبية، ففرض على الشركات إجراء التحاليل الطبية، وتقديم عينات للدواء مجانًا للمرضي الفقراء؛ مقابل أن يستخدم منتجاتها العلاجية للمرضي.
كون منظومة اجتماعية مصغرة للتخفيف عن المرضي والفقراء، ورفض رفع سعر تذكرة الكشف رغم ارتفاع الأسعار، والغلاء في الشارع.
رسخ مبدأ التكافل الإنساني حيث يقوم أحد المرضي من الميسورين بالتكفل بدفع ثمن التذاكر للمرضى الفقراء .
نشر ثقافة التعاون، والإيثار حتى بين الفقراء فدائمًا ما يقول،: "المريض لما بيخف بيجبلى باقى علبة الدوا بتاعته ويقولى إديه لمريض تانى محتاجه".
تفاعل بالملايين
حصد حب الناس، والفقراء، وصار مشهورًا بلقب طبيب الفقراء مع قلة من الأطباء أمثاله.
أصبح شخصية شعبية، وليست نخبوية حيث خرج من طبقة الفقراء، وظل بينهم؛ لخدمتهم ورفع المعاناة عنهم.
لا يسعى إلى تحصيل مكاسب مادية على حساب البسطأ فاستخدم تعليمه في التخفيف من معاناة المرضى.
يوزع الصدقات على الآلاف من علمه، وماله.
وصل لسر السعادة بخدمة الفقراء.
دي إن آيه الشخصية
استخدام العلم في خدمة الفقراء ورفع المعاناة عنهم، والتنازل عن متعته وحياته الشخصية في سبيل آداء رسالته.