الدب الروسي يراوغ لضرب الاقتصاد الأمريكي..
«حرب النفط».. السعودية في مواجهة روسيا و20 دولارًا للبرميل قريبًا
أحمد واضح- انهيار الأسعار الأكبر منذ حرب الخليج قبل 30 عامًا.
- العراق الأكثر تضررًا بـ 50 مليار دولار و 48 مليارًا لأمريكا.
- 36 مليار دولار خسائر روسيا حال استمرار انهيار الأسعار.
- 20 % خسائر المملكة من العائدات تتداركها برفع الإنتاج.
تزامن انتشار فيروس كورونا، وهبوط مؤشرات البورصات العالمية، مع انخفاض حاد في أسعار النفط الخام والذي سجل 37 دولارًا للبرميل، في أكبر هبوط له بنسبة 30 % منذ حرب الخليج مطلع التسعينيات من القرن الماضي؛ لكن الهبوط الحاد في أسعار النفط لم يكن بسبب انتشار الفيروس؛ والذي جاء بعد فشلت منظمة «أوبك» في التوصل إلى اتفاق مع روسيا لخفض إنتاج النفط جماعيًا بواقع 1.5 مليون برميل يوميًا؛ لتلافي هبوط الأسعار، وهو ما أدى إلى زيادة المعروض وهبوط الأسعار، لتعلن المملكة العربية السعودية فور فشل المحادثات نيتها رفع قدرتها الإنتاجية بنحو 500 ألف برميل يوميًا، لتصل إلى إجمالي إنتاج يومي 12.3 مليون برميل يوميًا؛ هادفةّ للسيطرة على حصة من السوق العالمية، ومنع تأثير انخفاض سعر برميل النفط على ميزانيتها العامة.
خبراء يرجحون أن تلجأ السعودية إلى الاحتياطات لتوفير الإنتاج الإضافي، في ظل عدم تجاوز شبكة الإنتاج النفطي بالمللكة حاجز 12 مليون برميل يوميًا كحد أقصى؛ وهو ما أثار اضطرابات في أسواق الطاقة العالمية لتنهار الأسعار في أكبر هبوط لها منذ حرب الخليج قبل نحو 30 عامًا، ويتوقع محللون استمرار خفض الأسعار ليسجل البرميل 20 دولارا، مع دخول رفع الإنتاج السعودي حيز التنفيذ إبريل المقبل.
رد المملكة
قرار المملكة العربية السعودية خفض أسعارها؛ جاء ردًا على رفض روسيا خفض إنتاج النفط في ظل المخاوف المرتبطة بانتشار فيروس كورونا الجديد -كوفيد19- ، بيد أنه لا حل يلوح في الأفق لوفق انهيار أسعار الذهب الأسود، في ظل إصرار المملكة على فرض أجندتها كثاني أكبر منتجي النفط عالميًا وبفارق بسيط عن الولايات المتحدة متصدرة التصنيف.
الرفض الروسي للاتفاق السعودي جاء مفاجئًا للجميع، حيث اعتبر رفضًا سياسيًا، يهدف إلى الإضرار بالاقتصاد الأمريكي الذي يعتمد على عدد من شركات النفط الصخري؛ فمع انخفاض أسعار النفط تحت حاجز 42 دولارًا للبرميل تهوي أسهم شركات النفط الصخري الأمريكية لانخفاض سعر برميل النفط عن تكلفة إنتاج النفط الصخري المقدرة ب 42 دولارًا للبرميل؛ وهو ما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى عقد اجتماع مع ولي العهد السعودي لتدارك الخسائر، وبحث تداعيات قرار المملكة رفع إنتاجها إلى 12.3 مليون برميل يوميًا، وهو ما يهدد بخسائر ضخمة للاقتصاد الأمريكي.
خبراء وتحليل
«الميدان» رصدت في هذا التقرير، آراء عدد من الخبراء المختصين، حول حرب النفط التي بدت تلوح في أفق الاقتصاد العالمي، وتهدد بخسائر قد تتجاوز 200 مليار دولار للدول المنتجة للنفط.
طارق بن طالب الحربي، الخبير النفطي السعودي، قال إن زيادة الإنتاج السعودي للنفط لتسجل 12.3 مليون برميل نفط يوميًا، بعدما سجل في السابق 9.7 مليون برميل يوميًا، وبنسبة تصل إلى 30 %، ليسجل الآن سعر برميل النفط 37 دولارًا، وذلك في إطار فشل الاتفاق مع روسيا حول خفض الإنتاج ما دفع السعودية للدفاع عن مصالحها، وليس القصد إغراق السوق العالمي بالنفط.
وأوضح الخبير السعودي، في تصريح له، أنه بعد خروج روسيا من الاتفاق لأسباب سياسية، جاء رد المملكة للحفاظ على توازن إنتاج النفط مع عدم التأثير على ميزانيتها جراء خفض الأسعار، وهو ما دفعها لرفع الإنتاج بهدف تعويض تأثير هبوط الأسعار على ميزانية المملكة.
وأفاد الحربي، بأن المصالح المشتركة كانت مهمة لأوبك مع روسيا للحفاظ على سعر 50 دولارًا للبرميل، ومع تخلي روسيا عن خطط خفض الإنتاج، واستهداف السعودية 45 دولارًا للبرميل في مزينيتها مع توقع عجز بالموازنة، وانخفاض السعر 30 % سيؤثر بالقطع على ميزانيتها، ولكن السعودية ستعوض هذه الخسائر من خلال رفع الإنتاج، مشيرًا إلى أن المملكة لم تبدأ حرب النفط ولكنها تدافع فقط عن مصالحها.
وأشار الخبير النفطقي، إلى أن قرار روسيا عدم الاتفاق مع السعودية هو حرب غير معلنة بين روسيا وأمريكا؛ حيث تتضرر أمريكا حال وجود سعر النفط تحت 42 دولارًا وهي تكلفة إنتاج النفط الصخري وهو ما يخرج الشركات النفط الصخري من السوق، قائلًا،: "روسيا اللاعب الأكبر خارج أوبك رفضت خطة السعودية لخفض الإنتاج، وهو ما دفعها للرد برفع الإنتاج لتعويض الانخفاض في سعر البرميل".
ورأى، أن الحرب ستبدأ في الانحسار لشعور كل الأطراف بالخطر، وبداية انحسار أزمة كورونا في الصين، وهي أكبر مستهلك للنفط في العالم، مع سيطرتها على فيروس كورونا، حيث تؤثر على 30 % من الاقتصاد العالمي، ومع تعافي الصين سيرفع الطلب على النفط وهو ما سيرفع الأسعار عالميًا، لافتًا إلى أن السعودية أثبتت أنها المحرك الرئيسي للنفط عالميًا، وروسيا هي الخاسر من حرب النفط الحالية، وسوف يرتفع سعر برميل النفط قريبًا، والانخفاض مرهون باستمرار زيادة الإنتاج مع قلة الطلب العالمي.
العراق ونزيف الموازنة
"كوفن شروالي" الخبير النفطي العراقي، أشار إلى أنه توجد إمكانية لدى العراق لرفع الإنتاج، ولكن الإشكالية هي اعتماد سعر البرميل بالموازنة العامة نحو 56 دولار، وإذا انخفض سعر البرميل إلى 30 دولارًا ستسجل الموازنة العامة العراقية خسائر تصل إلى 50 مليار دولار خلال العام الحالي، وهو رقم لا يستهان به بالنسبة للاقتصاد العراقي الذي يعاني من العديد من المشاكل السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية بالمقام الأول.
وأوضح "شروالي"، أن انهيار الأسعار لهذه الدرجة لم يكن متوقعًا، وأن الموقف الروسي كان مفاجئًا للجميع، بعد تصريحات الرئيس فلاديمير بويتن، بأن 50 دولارًا سعر مريح لروسيا، فيما اختلف الموقف يوم 6 مارس الجاري؛ بعدما رفضت روسيا الاتفاق السعودي على خفض الإنتاج وتخفيض فائض بمقدار 1.5 مليون برميل من الإنتاج اليومي لمنظومة أوبك+.
ولفت الخبير النفطي، إلى أن شركات النفط الروسية فقدت أكثر من 20% من أسهمها بعد قرار رفع الإنتاج السعودي، كما تخسر الموازنة الروسية 36 مليار دولار هذا العام، وبواقع 100 مليون دولار يوميًا، حال استمرار الأسعار عند هذا الحد.
وأشار، إلى أن الحكومة العراقية ملزمة بإعادة النظر في الموازنة قبل اعتمادها من البرلمان، وتعديل سعر برميل النفط وفقًا للوضع العالمي الراهن، وهذا الأمر لن يؤثر بشكل كبير على رواتب موظفي الحكومة والمتقاعدين لأنها ستوفر حتى تحت بند عجز الموازنة، ولكن القطاع الذي سيتأثر بشكل كبير هو قطاع الخدمات الذي يستفيد من ارتفاع الموازنة العامة للعراق.