نشاط في اليمن والعراق وتمدد كبير في إفريقيا..
قلب «داعش» ينبض من جديد.. هل أعاد «كورونا» الحياة للتنظيم الإرهابي؟!
أحمد واضحإصدارات جديدة وصورًا موثقة، بثها تنظيم "داعش" الإرهابي عبر حساباته، ومواقعه على الشبكة العنكبوتية؛ إيذانًا بمرحلة جديدة تعيد للنظيم روحه، بعد أن فقد أكثر من 95% من مناطق سيطرته بمعقله الرئيس، وعاصمة ما تسمى دولة الخلافة في سوريا والعراق.
التنظيم الإرهابي بث إصدارًا جديدًا حمل عنوان "معذرة إلى ربكم"، حمل بصمة ما تعرف بولاية اليمن، سلط الضوء على مسيرة انحراف تنظيم القاعدة بعد ما عُرف بثورات الربيع العربي، وجاء في 52 دقيقة، متناولًا دور تنظيم القاعدة مركزيًا، وفي شبه الجزيرة العربية، خلال السنوات التسع الماضية.
في اليمن والعراق
«داعش» حمل تنظيم القاعدة، مسؤولية فشل استثمار ثورات الربيع العربي، وعدم رغبتهم في قتال جماعة الإخوان -الإرهابية-، بعد أن اعتلت الحكم في تونس ومصر، وإشادتهم بشخصيات مثل المعزول محمد مرسي، ودعوة قواعده إلى كسب الحاضنات الشعبية؛ ومع هذا فشلوا في استثمار تلك الثورات، معتبرًا أنه -تنظيم الدولة- نجح في استغلال الأوضاع في سوريا والعراق فأعلن الخلافة، ونصب الإمام الخليفة، وأقام المحاكم الشرعية، ورفض وجود أصحاب الأديان الأخرى في مناطق الخلافة.
التنظيم الإرهابي استخدم استراتيجية إحياء الخلايا النائمة، وحرب العصابات بهدف إظهار قدراته على البقاء، والمواجهة، حيث نفذ عشرات العمليات التفجيرية على كمائن الحشد الشعبي والجيش العراقي، إلى جانب تنفيذ عمليات اغتيال لمن وصفهم بالصحوات والعملاء، مستغلا انتشار وباء كورونا، ووجود انقسام سياسي في الشارع العراقي، خاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية، وإعلان القضاء على التنظيم نهائيًا.
وبث التنظيم مواد، تثبت عملياته في العراق، وسوريا واليمن وبوركينا فاسو، والكونغو، وكابل، وموزامبيق، والهند، وتشاد، ونيجيريا، وأفغانستان، شملت تدمير عربات حربية، واستهداف معسكرات، وكمائن أمنية، وعمليات تصفية لمن يصفهم التنظيم بالعملاء.
الدفاع الأمريكية
وزارة الدفاع الأمريكية، كشفت أن القوات العراقية غير قادرة على الوصول للمعلومات الاستخباراتية، واستخدامها بشكل جيد في الغارات ضد تنظيم داعش بمفردها، أو تنفيذ العمليات في مناطق وعرة دون مساعدة التحالف الدولي، مؤكدةً أن داعش شن هجمات عدة ناجحة بمستوى منخفض في الأسابيع الأخيرة، لكن ذلك لا يمثل "زيادة كبيرة" في عمليات التنظيم مستقبليًا؛ فالأمر لا يقتصر على عدد الهجمات فقط، ولكن ما نوعية الهجوم:- هل هو معقد؟ ، ما نوع المعدات أو التكتيكات التي استخدمت؟ ؛ ولكن معظم العمليات كانت بدائيةً وبسيطةً.
أحمد سلطان، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية المسلحة ومكافحة الإرهاب، قال إن الحديث عن عودة تنظيم داعش "غير دقيق" لأن التنظيم لم يختفِ من الأساس، مضيفًا أن التنظيم خسر ما عُرف بمعاقل الخلافة المكانية في سوريا والعراق، لكن مازال لديه آلاف المقاتلين المتناثرين في عدة بلدان.
وأشار سلطان، في تصريح خاص لـ«الميدان»، إلى أن أبوبكر البغدادي، زعيم داعش السابق، أعاد هيكلة التنظيم كمجموعات عصابات قبل وقتٍ قليل من خسارة آخر معاقل داعش في قرية الباغوز فوقاني السورية في مارس 2019، مبينًا أن التنظيم لديه مابين 14 إلى 18 ألف مقاتل في العراق وسوريا فقط، وذلك استنادًا لتقدير المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، والصادر قبل نحو عام.
وأوضح الباحث في شؤون الحركات الإسلامية المسلحة، أن التنظيم الإرهابي لجأ لاستراتيجية الحرب الاستنزافية الطويلة، ونشط في عدد من البلدان الأفريقية والأسيوية رغم هزيمته في معاقله الرئيسية بسوريا والعراق، معتبرًا أن عودة التنظيم ستكون من العراق وليس من سوريا كما يقول البعض.
داعش وكورونا
وأكد سلطان، أن التنظيم الإرهابي استفاد من انتشار فيروس كورونا بصورة كبيرة، إذ اضطرت قيادة قوات عملية العزم الصلب المعروفة بالتحالف الدولي لسحب بعض قواتها، وإعادة توزيع بعض القوات في عدد من القواعد المتواجدة بها في العراق، وهو ما سمح للتنظيم بشن هجمات إرهابية عديدة داخل البلاد، مدللًا على عملياته بالإحصائية الصادرة عن التنظيم في صحيفة النبأ الداعشية للعمليات الأخيرة بعنوان حصاد الأجناد، موضحًا أن نحو 60% من الهجمات التي شنها داعش خلال الأسبوعين الماضيين تمت في داخل الأراضي العراقية، تلتها الهجمات التي نفذتها أفرع داعش في شمال وغرب أفريقيا.
ولفت، إلى أن داعش يواصل عملياته في سوريا عبر تكتيكات نصب الكمائن وزرع العبوات الناسفة واغتيال الأفراد، وذلك في عدة مناطق أبرزها مناطق السيطرة الكردية في شمال شرق سوريا، إضافةً للبوادي السورية التي يقود فيها التنظيم حرب استنزاف غير مسبوقة، كما ارتفعت مؤخرًا وتيرة الهجمات الداعشية في منطقة حوران وبالقرب من هضبة الجولان.
استغلال وانتشار
المحلل السياسي فاضل أبو رغيف، رجح استغلال تنظيم داعش للجمود السياسي الذي تعيشه العراق في ظل توتر المحادثات حول تشكيل الحكومة المقبلة، وانخفاض أسعار النفط، والخلافات بين الحكومة المركزية، وإقليم كردستان حول الموازنة، قائلًا،: " داعش لديه مجسات على الوضع السياسي، كلما احتقن الوضع السياسي كلما نشط بطريقة انتهازية"
ورأى فاضل، أن خفض انتشار قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قد مهد الطريق لذلك، محذراً من أن التنظيم في نشاط مستقبلي أوسع وأكبر من الآن، وأن ذاك النشاط المستقبلي لن يستطيع العودة إلى سابق عهده، حين استولى على مساحات شاسعة في العراق وسوريا توازي مساحة بريطانيا وتضم سبعة ملايين نسمة. -بحسب ما نقلت فرانس برس-.
نشاط داعش في أفريقيا
بالعودة إلى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أحمد سلطان، حول تمدد التنظيم داخل إفريقيا مؤخرًا، أفاد بأن موزبيق أصبحت هدفًا مفضلًا للتنظيم الإرهابي الذي يحاول حاليًا السيطرة على منطقة كابودلجاو في شمال شرق البلاد وإقامة إمارة داعشية فيها، موضحًا أن التنظيم يحاول كسب تأييد الأقلية المسلمة في موزبيق عبر تقديم المساعدات لهم، وذلك تكتيك داعشي يطمح إلى استغلال المسلمين هناك في دعم العمليات الإرهابية واستقطاب عناصر جدد للسيطرة على المنطقة الغنية بالنفط والغاز الطبيعي.
ويواصل التنظيم عملياته في منطقة بحيرة تشاد التي يوليها أعمية خاصة خلال هذه الفترة، موضحًا أن التنظيم الإرهابي يتوقع تراجع الدعم المقدم من التحالف الدولي للقوات الأفريقية المشتركة المكونة من جيوش نيجيريا وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو، وبالتالي حدوث فراغ أمني قد يعطي فرصة ذهبية لانتشار داعش هناك.
وتوقع سلطان، أن يعمل التنظيم على تنفيذ هجمات عدة خلال الفترة المقبلة وتسليط الأضواء الإعلامية عليها حتى يثبت أنه مازال فاعلًا قويًا على ساحة الجهاد العالمي، ويستفيد من ذلك في استقطاب عناصر جديدة في ظل انشغال العالم بمواجهة جائحة كورونا.