حي المرج وفساد بالملايين.. مافيا «الزبالين» تبتز الأهالي ومياه الصرف والكلاب الضالة والناموس يقتلونهم بالبطيء
أحمد واضحالباعة الجائلون يحتلون الشوارع المحيطة بمحطة المرج الجديدة بـ«الأرضية»
أطفال يسقطون في مياه الصرف الصحي.. وحلم المحطة منذ 30 عامًا
مسؤول سابق بالحي يعترف بإهدار ملايين الجنيهات
المتعهدون يجمعون ملايين الجنيهات شهريًا من المواطنين بالمخالفة للقانون
وفرع هيئة نظافة وتجميل القاهرة «خارج الخدمة»
تلال قمامة، وكلاب ضالة، وصرف صحي، يحاصرك أينما ذهبت، هذا هو حال بعض مناطق "حي المرج" الذي يقع شمال شرق القاهرة، "الميدان" رصدت عن قرب انتشار القمامة بمناطق الحوض الطويل وشارع ترعة الجبل، والشارع الرئيسي بالحي "مؤسسة الزكاة"، رغم تخصيص عربات هيئة النظافة للمرور على الشارع يوميًا، حيث انتشرت تلال القمامة والكلاب الضالة في غياب تام ل29 متعهدًا بحي المرج يتقاضون نحو 3 ملايين شهريًا من هيئة نظافة وتجميل القاهرة؛ لتنظيف شوارع الحي، والجمع السكنى من منازل المواطنين، وهو ما لا يحدث بشهادة الأهالي، بل يجمعون ملايين الجنيهات من المواطنين مقابل المرور يومين أو ثلاثة كل أسبوع لجمع القمامة.
مؤسسة الزكاة
بداية جولتنا بحي المرج كانت من منطقة مؤسسة الزكاة والتي تقع على الطريق الدائري الحدودي مع حي السلام، ويطلق اسمها على الشارع الرئيس بالحي، وبالرغم من قيام الحي متمثلًا في فرع هيئة نظافة وتجميل القاهرة بتخصيص عدد من سيارات جمع القمامة لنظافة الشارع، إلا أنه لا يخلو أبدًا من تلال القمامة، وفى منطقة الحوض الطويل التي يقطنها عشرات الآلاف من المواطنين رصدنا انتشار عشرات الكلاب الضالة على جوانب شارع "ترعة الجبل" والتي يقوم الأهالي بتوصيل مخلفات الصرف الصحي عليها لعدم إنشاء محطة حكومية للصرف بالمنطقة، رغم بداية العمل بالمحطة قبل عدة سنوات، وتوفير الاعتمادات المالية لها!!
حلم الصرف منذ 30 عامًا
مشهد يعيد إلى ذاكرتك فيضان النيل في عشرينيات القرن الماضي وأطفال يلعبون في مياه النيل بعد أن فاضت على جوانب قراهم؛ هذا هو واقع الحال بمنطقة الحوض الطويل بمؤسسة الزكاة، باختلاف بسيط، وهو أن الأطفال يلعبون في "مياه الصرف الصحي" التي غمرت الشوارع أمام منازلهم لتنتشر الأمراض بين جيل المستقبل وفى ظل غياب تام سواء من رقابة الأهل أو المسئولين الذين تخلوا عن واجبهم في توفير حياة آدمية لهؤلاء المواطنين.
يقول الحاج على عيسي -رحمه الله- أحد أهالي المنطقة: إن "طفح" المجارى أمام منازل الأهالي باستمرار أدى إلى تعود الأطفال على اللعب في مياه الصرف الصحي، باعتبارها مياهًا نظيفة في ظل انشغال الأسر الفقيرة لكسب رغيف العيش.
بينما واجهنا أيمن حمدي ليسانس حقوق، وأحد شباب المنطقة، قائلًا: "إحنا زهقنا من عيشتنا الحكومة مش حاسة بينا وروحنا لرئيس الحي أكتر من مرة ومفيش حد يسأل فينا، عاوزين نقول للمحافظ الحقنا احنا تبع العاصمة وبقالنا 30 سنة مفيش صرف صحي، ولما توفر اعتماد للمحطة العمل توقف واستؤنف أكثر من مرة ومتعطل الانتهاء منها منذ سنين".
تحدثنا مع مسؤول سابق بحي المرج، والذي أكد أنه تم توقيع عقد لإنشاء محطة للصرف الصحي لخدمة أهالي منطقة الحوض الطويل والعزب المجاورة لمنطقة مؤسسة الزكاة مع شركة مصر لأعمال الاسمنت المسلح، وكان من المفترض أن تنتهي الأعمال بحلول يناير 2016، وتم توفير الاعتماد المالية الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي التابع لوزارة الإسكان، ولكن للأسف لم تنه الشركة المنفذة عملها حتى الآن.
قمامة وكلاب وناموس
القمامة تنتشر في شوارع المدينة، رغم ظهور المتعهد المختص بالمنطقة والمدعى حسن فايز، والمرور على المنازل مرتين أو ثلاث على أقصى تقدير أسبوعيًا؛ لجمع القمامة من أمام المنازل، وليس جمع سكني من الوحدات كما هو عقده المبرم مع الحي وهيئة النظافة، بخلاف أنه كان لا يحضر للمنطقة منذ سنوات، وظهوره فقط بعد عرض مشكلة المنطقة على إحدى الفضائيات؛ ما تسبب بإحالة رئيس الحي للتحقيق حينها، كما أنه يخالف القانون ويجمع من كل وحدة سكنية 15 جنيهًا شهريًا مقابل جمع القمامة منها، إلى جانب انتشار مصانع تدوير المخلفات والقمامة، حيث واجهنا الشيخ ثروت إمام مسجد البقل بالمنطقة، قائلًا: "مخازن البلاستيك ومخلفات المستشفيات تنتشر بالمنطقة إضافة إلى انتشار الحرائق والدخان جراء عمليات فرز القمامة وتجميع كتل البلاستيك بمصانع الخردة، الأمر الذي يصيب أولادنا بالأمراض التنفسية والحساسية ونعانى من الأمراض والتلوث وانقطاع.
لا تكاد تدلف قدماك بوابة المدينة على الطريق الدائري حتى ترى جيوشا من الكلاب الضالة تنتشر بالشوارع، وأمام المنازل، حيث اشتكى الأهالي، من ظاهرة انتشار الكلاب الضالة في المدينة، والتي انتشرت في المنطقة بكثرة لوجود العديد من المجازر التي تلقى بمخلفاتها في ترعة المنطقة "الرشاح"، وهو ما يجذب الحيوانات للتغذي على هذه المخلفات.
وعن "الناموس" يقول الحاج أبو مصطفى، إن إلقاء الصرف الصحي في ترعة المنطقة يزيد من وجود الناموس الذي يعد ناقلًا للأمراض بين المواطنين، مطالبًا حي المرج بإرسال سيارات مكافحة الحشرات بالطرق العامة لمساعدة أهالي المنطقة.
وخلال تجولنا في شوارع المدينة رصدنا مدى الإهمال الذي يعانى منه أهالي المنطقة، فشوارع مليئة بالصرف الصحة وعدد من قطع الحجارة يعبر عليها المواطنون بسبب فيضان الترعة التي يوصل الأهالي الصرف الصحي بالجهود الذاتية عليها، حيث اشتكى الشيخ حسام إمام مسجد وأحد أهالي المنطقة، من تقاعس المسئولين في الحكومة في توفير محطة صرف صحي للمنطقة وتمهيد الطرق الترابية، قائلًا: "منذ أكثر من 30 عاما والمنطقة بدون صرف صحي وتوجهنا بالعديد من الشكاوى لأكثر من رئيس حي دون استجابة والأمراض انتشرت بين أبناء المنطقة إلى جانب انتشار الكلاب الضالة والتي تعفر الأطفال باستمرار".
بينما واجهنا طاهر حمدي، قائلًا،: "طفح بنا الكيل فلا مسئول يسأل ولا خدمات تقدم"، مشيرًا إلى أن عددا كبيرا من الأطفال يسقط في ترعة المنطقة جراء العبور من على جذوع النخل لعدم توفر "كباري" بين البريين الشرقي والغربي بالمنطقة.
وقالت المواطنة أم محمد: "بتوع الزبالة بياخدوا مننا 15 جنيها في الشهر وكمان مش بيرضوا ياخدوا الزبالة كل يوم بيجوا يومين أو تلاتة في الأسبوع وبيذلونا"، وهو الأمر الذي يؤكد قيام المتعهدين بتحصيل أموال من المواطنين للجمع السكنى بالرغم من حصولهم على 4 جنيهات لكل وحدة سكنية من هيئة نظافة وتجميل القاهرة والتي تحصلها بدورها الحكومة من المواطنين على فاتورة الكهرباء، وهذا كله بالمخالفة للقانون، حيث يجمع المتعدون ملايين الجنيهات من الأهالي بدون وجه حق، بل ويصدرون للأهالي أن تلك الخمسة عشر جنيهًا هي مقابل جمع القمامة، فلا يفصحون أنهم متعهدون تابعين للحكومة ووظيفتهم جمع القمامة بدون مقابل من المواطنين.
إهدار بالملايين
بدورنا تواصلنا مع مسؤول كبير بالحي سابقًا، لسؤاله عن هذه المشكلة ليرد،: "لدينا 29 متعهدا بالحي لجمع القمامة من نحو 700 ألف وحدة سكنية، ويتقاضون نحو 3 ملايين جنيه شهريًا نظير القضاء على تلال القمامة والجمع السكنى من منازل المواطنين، إلا أن ذلك لا يحدث ونضطر إلى الدفع بسيارات هيئة نظافة وتجميل القاهرة بفرع المرج لرفع القمامة"، مشيرًا إلى أن قسم الرصد البيئي بهيئة النظافة يرصد مخالفات المتعهدين ويقوم بفرض غرامات عليهم تخصم من مستحقاتهم المالية، إلا أنه لا يتم فسخ التعاقد مع تكرار المخالفات.
جائلون أمام المترو
أكملنا جولتنا لنصل إلى محطة مترو المرج الجديدة، حيث انتشار الباعة الجائلين أمام المحطة في ظل غياب كامل للتواجد الأمني باستثناء المناسبات الرسمية أو جولات المسئولين، رغم وجود عدد من أمناء الشرطة التابعين لإدارة المرور؛ بيد أن عددًا من الباعة همس في أذني أن هناك أرضيات تدفع لبعضهم -مال محدد يدفع بشكل يومي-، فبعد أن خصصت محافظة القاهرة للباعة أمام محطة المترو سوقا شعبيا في مواجهة المحطة بإجمالي 289 باكية ومحلا تجاريا مقابل إيجار شهري 300 جنيه للباكية الواحدة، عاد الباعة من جديد لاحتلال الطريق أمام محطة المترو، ليس ذلك فقط، إلا أنهم قاموا أيضًا باحتلال مدخل المحطة، الأمر الذي يتسبب بشلل مروري وزحام شديد في محيط المترو في تحد صريح لقرارات المحافظة وقسم شرطة المرج الذي أغلق نقطة شرطة المرج الجديدة بجوار محطة المترو بعد مشاجرات متعددة بين الباعة وسائقي السير فيس من جهة وأمناء وأفراد الشرطة من جهة أخرى.