التصوف بين كرامة واستقامه
الشيخ جابر بغدادى
محمد عبده بني سويف
أو قل التصوف هو كرامة الإستقامه، أو قل الإستقامة خير من ألف كرامه، فلقد جمع الله مجامع الكرامة كلها في أية واحده
"إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة
ألا تخافوا ولاتحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الأخره"
ليعلم الخلق أن الطريق إلى الله، بين توحيد وعمل خالص
ومالم يتفق ظاهر قولك مع باطن حالك فلاحقيقة لكونك
على الصراط المستقيم، فلقد قال العارفون لو رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فزنوا حاله على ميزان الكتاب والسنه فإن وافق ذلك فهو ولي وإن خالف ذلك فذالكم شيطان، لأن الله ضمن العصمة في الكتاب والسنه ولم يضمنه في غيرهما
فالإستقامة لها ثلاث أركان، قيام .وتقويم. وإقامه، ولكن، بغير تقييم
"القيام بالعبوديه"
فالعبوديه لها مظاهر خمسه
"حفظ الحد، ولزوم الورد، ووصل الود، وصيانة العهد،واستواء العطاء والفقد"، فمن حفظ العهد بلغ منزل التقوى، ومن لزم الورد له في منزل الأنس مأوى، ومن وصل الود شرب، وارتوى، ومن صان العهد سلم من كل بلوى
ومن سلم للحكم واستوى كان في معية أجل من الكون، وماحوى
" تقويم لرعونات البشريه"
فلقد أوردت في كتاب الياقوته حكمة أقول فيها
مالم تدع ماتهوى (النفس) لمن تهوى فتصوفك دعوى في دعوى
فربك قال "واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا"
فالتبتل هو التطهر من الطبائع النفسيه والشهوات الأرضيه
لأن منازل الحضره لا يقيم فيها من فيه بقية من نفس
فلن يصل المريد لخرق العاده الكونيه قبل خرق العاده النفسيه
"وتقويمها بأربعة أشياء"
الزهد في الكلام ....يقيك شر حب الظهور
الزهد في المنام.......يبلغك الأنس والحضور
الزهد في الأنام....... يورث القلب نور
الزهد في الطعام.......يكفيك بواطن الشرور
ومن جمع بينهما فقد نزل منازل النور على نور
"إقامة في شرف المعيه دون تقويم"
فالأصل في الصوفي أنه، مع مولاه كريشة في فلاه
فالعاقل من إذا أصبح نظر ماذا يفعل به والغافل من يرى ماذا يفعل، فأنت به فانتبه
فالصوفي ذاهب عن شهود نفسه مقيم في وادي قدسه، ومن تمام الكمالات في درب الإستقامه.
أن العبد لايقيم نفسه ولا يلتفت لزهو أحواله ولا يرتقب كراماته، فمتلفت لابصل
فالأستقامه، قيام بالعبوديه وتقويم للرعونات البشريه وإقامه بلاتقييم في أشرف معيه، فإن تحقق للعبد ذلك
فتحت له أبواب الكرامة الكبرى، فيصير العبد كعبة تنزلات ملائكيه "تتنزل عليهم الملائكه"ويضحى نزيل حضرة أمان (ألا تخافوا ولاتحزنوا) فى بهيج الجمال المكنون (وابشروا بالجنة التي كنتم، توعدون)