الجمعة 22 نوفمبر 2024 02:37 صـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

    آراء وكتاب

    ا.د فتحي العفيفي أستاذ التفكير الاستراتيجي

    رهانات القوة المصرية في المصالحة الخليجية

    د . فتحى العفيفى

     

     

    " اتفاق العلا " الموقع في المملكة العربية السعودية بين الرباعي العربي ودولة قطر في ٥ يناير ٢٠٢١م يعد صلحاً ينهي " المقاطعة بالحصار " ويعيد العلاقات إلى سابق عهدها في مغامرة جديدة محفوفة بالمخاطر والحسابات الاستراتيجية في بيئة أمنية رخوة وإقليمية معقدة.

    إذ كانت هذه المقاطعة نوعاً من " الحرب الصامتة " بين الفرقاء وحالة اصطفاف وفرز قد زادت المشهد تعقيداً ، بينما كانت مصر هي الاستثناء والمستفيد الأوحد من المقاطعة والمصالحة في آنٍ معاً .

    بالعودة إلى المطالب الثلاثة عشر المعلنة عشية المقاطعة والتي صيغت وسيقت كمبررات لعزل دولة قطر عن محيطها العربي وتحديداً " السعودية ، البحرين ، الإمارات ، بالإضافة الى مصر " في عام 2017 م وفشل حالة المصالحة التي قام بها الملك عبد الله بن عبد العزيز لمقاطعة عام 2014 نجد أن رهانات القوه الاستراتيجية قد تمحورت حول المضامين التالية :-

    أولاً : أن هذه المطالب قد استوفت أغراضها واستنفذت طاقاتها ، وتم إفلاسها أيديولوجياً وأفرغت من مضامينها وفاعليتها عملياً ، بحيث لم يعد ذي موضوع التوقف كثيراً عند مقولات ساذجة وقشرية قد تجاوزتها الأحداث والتحديات ، لقد فرضت " الواقعية الجديدة " أنماطاً من السلوك السياسي الذي يتفق والمتغيرات العاصفة.

    ثانياً : لم يعد سؤال المنهج الآن " هل نفذت دولة قطر مطالب الرباعي العربي الثلاثة عشر ؟ وإنما الصحيح والأصوب هو محاولة الإجابة على السؤال الأدق والأكثر نجاعة " هل حافظت دولة قطر على فاعلية أوراق الضغط هذه الموسومة بـ "المطالب" ؟ وذلك في ظل عمليات الإنهاك والاستنزاف الممنهجة التي تعرضت لها هذه الدولة لقاء إصرارها على العنت والرفض ؟؟

    ثالثاً : أن التشريح المعملي للحسبة الاستراتيجية من وراء " اتفاق العلا " المفاجئ قد استندت في أحد أهم أسبابها الجلية إلي ذلكم السبب القاهر من فوق كل الظواهر التي دفعت باتجاه هذا الإعلان ... وهو ذلك المرتبط بأنطولوجيا التعالي ومحنة النص الحاكم لعلاقات القوة والسيطرة والتدافع الحضاري " دفع الناس بعضهم ببعض " ... فقد أتى على الانسان حين من الدهر اعتقد فيه أنه صانع لعالمه الأفلاطوني وفق مدينته الفاضلة التي توهم تشييدها على أسس من العلم والعقلانية ووفق ابداعاته المنسوبة إلى عبقريته المدعاة .. فإذا بهم يسقطون صراعا على وقع وباء " كورونا كوفيد 19 " الفتاك حول العالم .. !!!

    رابعاً : أصبح الحصار والمقاطعة واللدد في الخصومة أعمالاً غير انسانية في عمق المحنة والابتلاء والاختبار الالهي بغية عودة الرشد للعقل العربي المبتلى بعد أن ضرب الجميع الحصار والمقاطعة وهم أحراراً وطلقاء حيث يفر المرء من أخيه وصاحبته وبنيه وفصيلته التي تأويه خشية الإيذاء والعدوى والمرض فضلاً عن الموت وهذه إشارات لا يستهان بها في الفعل السياسي إذ أن متخذ القرار في النهاية بشر يتأثر بما يدور حوله من متغيرات ... !!!

    خامساً : انهارت حكماً نبرة التعالي عند من يعتقدون أنهم يُسِيِرُون دفة الأمور ، وتساوى الجميع حكاماً ومحكومين تحت وطأة الخوف من المجهول والمخبوء ، وتدنت الأطماع والأحقاد الدنيوية إلى دركها الأسفل على وقع الطعن ( الحروب ) والطاعون ( الوباء ) ، وأضحت الإنسانية أقرب إلى الانصياع للتعالى الأنطولوجي الإلهي ، وتعاليم التسامح والتسامي والتقارب الإبراهيمي عل وقع " الواقعية الجديدة " و " الأخوة الإنسانية " ... فالوباء " كورونا " ذلك المتغير الجديد الذي ضرب العالم مع نهاية 2019 م ولا يزال يحصد حول العالم أضعاف من يفنون بالإرهاب ومع ذلك البشرية تتعايش وتمضي وتتعالى على جراحاتها المثخنة ...!!!

    سادساً : فقدان البوصلة والاتزان في أعلى قمرة القيادة حيث المتغيرات العاصفة المتعلقة بالراعي الرسمي للمقاطعة والمحرض والمحفز عليه وهي الولايات المتحدة الأمريكية حيث شهدت نهاية العام 2020 م إنهيارات متتالية ومتسارعة للسياسات والاستراتيجيات التي أوجدت المقاطعة وفرضت الحصار ( هزيمة دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية ، اقتحام الكونجرس الأمريكي في 6 يناير 2021 م والاشارات الغامضة من الرئيس المنتخب " بايدن " .. حالة الفوضى العارمة والانتكاسة لوسائل وآليات الديمقراطية الأمريكية العريقة، وسقوط تمثال الحرية ونموذج المثال، و بدايات للتفكك الأمريكي، و" الفوضى الخلاقة " حيث انقلب السحر على الساحر ... وأصبحت أمريكا دولة عادية يقتتلها الإحتراب الأهلي .. ورئيسها يدعو الحشود إلى اقتحام مؤسسات الدولة مثلما هي الدعوات في العالم الثالث .. سقط التمدن والعصرنة والحداثة والعولمة على أعتاب أمريكا، فكان اقتحام مبنى "الكابيتول" حدثا فارقاً لا محالة ...!!!

    سابعاً : التعويم المدار للسياسات الخليجية والإقليمية عوضاً عن " الفوضى الخلاقة " وكانت " المقاطعة " هي النسخة الأمريكية في عهد " ترامب " وقد حققت بنهايات حكمه وولايته أهدافها الاقتصادية والاستراتيجية بالكامل بحيث أصبح الاستمرار فيها والمضي لأبعد من هذا المدى يعد عملاً خارج المنطق والمعقولية ويفضي إلي تقوية خصوم آخرين يتمردون خارج السياقات الأمريكية مثل " إيران ، تركيا " .. ومن حيث الجُعل الاقتصادي وتحت وطأة المقاطعة والتمزق الخليجي فقد تمت المقايضة الكبرى والاستبدال بين أكبر اتفاق في التاريخ ما قيمته 460 مليار دولار كاستثمارات أمريكية في السعودية بقانون "جاستا" الذي يحمل "الرياض" مسئولية تعويض أهالي الضحايا في تفجيرات 11 سبتمبر 2001 م ، لم يعد بإمكان السعودية الاستمرار في الانصياع لكل ما تريده أمريكا لأنه مكلف وتكاليف باهظة !!!

    ثامناً : أن الحرب في اليمن ضد الحوثيين ومن خلفهم إيران قد استهلكت كل المخزون في المصانع الأمريكية من الأسلحة التقليدية وغير الذكية ، فضلاً عن الحروب غير المنتهية في سوريا والعراق وليبيا ، وأن استراتيجية "النـزف المفتوح" قد وصلت إلى غاياتها المرحلية بحيث أن ترك دولة قطر لأكثر من هذا نهباً لكل من تركيا وإيران أمراً يخل بالتوازن الاقليمي وفي غير صالح إسرائيل .. فضلاً عن أن المقاطعة التي أنهكت شعوب الفرقاء الأربع قد وضعت حكامهم في وضع حرج ومأزق أخلاقي كبير ، وضائقة تاريخية عبرت عنها فرحة الشعوب التلقائية والمتفجرة ، دون أدنى حسابات أو تعقيدات عشية الإعلان عن اتفاق العلا في 5 يناير 2021م .

    تاسعاً : أن المقاطعة قد استدعت لاعبين جدد في سياج الأمن الأمريكي في الخليج العربي لأجل خلق البدائل الاستراتيجية عوضاً عن هذا الدور الإمبريالي الغربي .. مثل روسيا والصين ، ومزاحمة أوربا من بعيد ، وضع قد أبانت عند الصعوبات اللوجستية التي حالت دون تحكم واشنطن في كل رهانات المقاطعة وبدا أن " قرية المليونيوم " و "القيادة الأمريكية المركزية الوسطى" في قاعدتي السيلية وخور العديد بدولة قطر فضلاً عن مراكز وخزانات التفكير مثل " كارينجي .. وراند " والنسخة العربية للسان الأمريكي الموسوم بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بقيادة الفلسطيني عزمي بشارة والتي تم تأسيسها جميعاً لإدارة ملفات الشرق الأوسط .. بدت متهمة بأنها تمثل دولة قطر وتنحاز لوجه نظرها فأصبحت تعبر عن قطر وليس عن الولايات المتحدة .. وبالتالي تعطلت الإدارة الكولونيالية الأمريكية بفعل كل هذه التناقضات فكان لابد من إنهاء هذه الحالة لحماية كل هذه الاستثمارات والسياسات الأمريكية في المنطقة من دولة قطر بوصفها المقيمية السياسية الأمريكية في الخليج والشرق الأوسط ، والتي تماثل المقيمية البريطانية في حقبة الاستعمار التقليدي ...!!!

    عاشراً : تجدد وتغير القناعات والتحديات : لا تعمل النظم والحكومات في زمن الحداثة والعولمة تحت وطأة "الدوجما". وإنما تعيد بالضرورة تقييم الأوضاع ودراسة المواقف المعلنة في ظل صعود تحديات جديدة حيث وصلت كل من السعودية والبحرين والامارات إلى قناعة مفادها أن المطالب الثلاثة عشر قد تجاوزتها الأحداث ، ولم يعد التمسك بها عملاً أخلاقياً ، فجوهر الخلاف أن المقاطعة قد أسهمت بالفعل في تحطيم "الظاهرة الإخوانية" ومن لف لفيفها من جماعات الاسلام السياسي المتطرف وأصبحت عمليات المراقبة الدؤوبة المفروضة على حركة "الأموال الساخنة" المستخدمة في دعم الارهابيين مجدية للغاية على صعيد تجفيف المنابع وتراجعت الجمعيات والأفراد الداعمة للتطرف كثيراً عن ذي قبل ، بحيث أصبحت العمليات النوعية شبه معدومة فقطع الوصل في دوائر الاتصال عبر الحصار والمقاطعة قد فت في عضد الإرهاب وجماعاته في مصر ودول الخليج العربية ، فضلاً عن أن دولة الإمارات العربية المتحدة التي وقعت للتو "الاتفاق الإبراهيمي" مع اسرائيل قد أرادت الاتساق الذاتي بالتصالح مع قطر !!

    حادي عشر : أن المطلب المتعلق بتسليم أفراد وجمعيات متهمة بدعم الارهاب وتمويله أيضاً قد فقد بريقه وفاعليته بالإعلان عن أسماء هؤلاء وأولئك ، والافتضاح في حد ذاته يعد أقصى عقوبة بحقهم إذ تم وصمهم بالتجريس السياسي وذويهم ويعانون من التضييق والرفض والمنع من المشاركة في الحياة العامة وأصبحوا بذلك أوراقاً محروقة يستوي بحقهم التسليم وعدم التسليم ، ولا تزال الملاحقة مستمرة عبر قوائم الإرهاب التي تحول بينهم وبين أن يعيشوا حياة طبيعية ، كما أن نجاح مصر اللافت في اعتقال قيادات إخوانية أمثال : "المرشد العام محمد بديع" ثم "القيادي محمود عزت" ، وملاحقة : "نشاطات يوسف القرضاوي" ، والحذر من دولة قطر على مدى ثلاث سنوات قد ساهم في كشف الغطاء المعلوماتي عن هذه الأفراد وبالتالي لم يعد هذا المطلب قائم بشكل واقعي وحقيقي ولا ضرورة إذاً من التوقف طويلاً حياله ، لقد نجحت الضربات الاجهاضية المتتالية في شل حركة الأفراد والجماعات والذئاب المنفردة بشكل شبه تام بحيث أن البحث عن أهداف مطلوبة للتسليم أصبح مطلباً عزيز المنال للغاية .. !!!

    ثاني عشر : أن المطلب المتعلق بقناة الجزيرة وأعمالها الدعائية والتخريبية ينسحب عليها ما قيل بحق المطالب الأخرى .. ذلك أن ظاهرة الاختراق الاقليمي المعولم المنسوب إلى " شارة الجزيرة " شكلاً ومضموناً ( حجراً ثقيلاً في الماء الراكد الأسن ) قد نجحت في ضرب الاستقرار ، ونالت من الهيبة والوقار بالخروج عن اللياقة في نقد النظم العربية حتي يسهل إسقاطها ، وكانت ذروة هذا الاعتداء في صميم الحكم السعودي في واقعة : "اغتيال الصحفي جمال خاشقجي" إذ نجحت حملة الجزيرة وحكومة قطر في إحراج المملكة وولي العهد محمد بن سلمان ...وابتدعت مقولة "المنشار" غير أن الرأي العام والعقل الجمعي العربي مثلما إعتاد مشاهد الدم والهدم .. فقد إعتاد واستمرأ ما كان يعتقده تشويقاً وإبهاراً وتنفيساً لافتاً عن الاحتقان الذي دام لسنوات ، هذا فضلاً عن أن ظهور "جزر صغيرة جديدة منعزلة" من الغوغائيين قد حد من غلواء ظاهرة " الجزيرة " مثلما هو المثل الخليجي القائل : "امسك عليك مجنونك حتى لا يأتيك من هو أجن منه " ... !!!

    ثالث عشر : لقد هزمت قناة الجزيرة الفضائية بأيدي صانعيها الذين توسعوا ودعموا قنوات مماثلة في تركيا مثل "الشرق" و "مكملين" على أيدي مرتزقة الاعلام ومطاريد بلادهم والذين فضحت أمثالهم "تسريبات خيمة القذافي" للتآمر الإخواني ضد حكامهم وتحديداً الكويت التي رعت المصالحة عبر حياد نزيه لم يفسده إلا أمثال "حاكم المطيري ، وعبد الله النفيسي ، وناصر الدويلة" ، لقد تم هجر قناة الجزيرة إلى حيث الظواهر السيبرانية المستجدة . الأكثر جرأة وتجاوز لكل المحرمات بفعل ثورة الأنفوميديا والهايبرميديا . لم تعد قناة الجزيرة إذاً ذات تأثير فعال في ظل ممارسات الرذائل والحماقات التي ترعاها تركيا ، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي و"الذباب الاليكتروني" الفضائحي الذي لم يتورع عن الخوض في الأعراض من حرائر العرب .. " الحرب السيبرانية الشاملة " قد تجاوزت سقف الجزيرة بمراحل عديدة بحيث أنها أصبحت أخف الأضرار وغلقها يضر ولا يفيد ، والمقاطعة ذاتها قد خلقت أجيالاً ممن تربوا على " السباب الاليكتروني " المتجاوز للأخلاق والأعراف والدين .

    رابع عشر : مصر .. هي الرابح الأكبر من المقاطعة والمصالحة في آن معاً .. فالمقاطعة بالفعل قد سلطت الضوء على أحد أهم أبواب دعم الاخوان لوجيستياً ومادياً وإعلامياً من خلال الاشارة بأصبع الاتهام تحديداً إلى دولة قطر بوصفها المسرح الامبريالي الاقليمي للعولمة من خلال إدارة التوحش المالي عبر ثالوث : ( الاستثمارات في اسقاط النظم العربية - القيادة المركزية الأمريكية الوسطى - قناة الجزيرة وتوابعها الفضائية ) .. ومعروفه هي الخلفيات الأيديولوجية التي قادت الحكام في قطر إلى التورط في كل الدول العربية التي تم تثويرها تحت زعم من الزور والبهتان الهادف إلى التمكين للإسلاميين .. من دون أن يكون ذلك مسموحاً به في قطر . وأن الدول الخليجية المقاطعة كانت تدرك أن الأوضاع في مصر ستؤثر بالضرورة عليهم إذا ما تمكنت (طيور الظلام) من سبر أغوار الدهاليز المفضية إلى السلطة . ونجحت المقاطعة إذاً في كسر أنف الارهاب وكبح جماح التطرف على :( صعيد الاخوان ، الدواعش ، الحوثيين ) . لكن التاريخ لن ينسى الدور القطري الذي لقى الهزيمة الفعلية بانهيار كل هذه المشروعات التي تم حياكتها في بيوتات المخابرات المعولمة الصهيو- أمريكية لضرب الدين والقومية العربية في آن معاً ..!!!

    خامس عشر : اعتبارات الأمن القومي العربي ووشائج القربي لا تزال ماثلة وشاخصة بإصرار رغماً عن كل الاعتلالات التي تعانيها .. فقد كانت رهانات المصالحة عملاً تكتيكياً مطلوباً بالحاح لتخليص قطر ذلك ( الجيب العربي ) من قبضة الفرس ، والترك ، ووقف النـزيف للأموال والمقدرات العربية .. فضلاً عن عدم التمكين لأبعد من هذا للمشروعات الإقليمية لكلاً من "الامبراطورية الفارسية" ، و "الخلافة العثمانية" بمخالب قطرية ، صحيح أن مصر قد تجرعت مرارة فقدان القيادة للقرار في النظام السياسي العربي لمصلحة السعودية لكنها تدرك في الوقت ذاته أن التاريخ دورات وأدوار وأن الإنهاك الذي تعانيه لن يدوم طويلاً ، والجميع يدرك رغماً عن كل هذا أنه لا يوجد نظام سياسي عربي بدون مصر ..!!!

    سادس عشر : قطر : سيتوقف التاريخ طويلاً لدراسة كيف أن دولة ما أضاعت ثلث قرن من الزمان بحثاً عن الثأر ممن لم يعترفوا بتغيير نظام الحكم في قطر 1995 من الأب للابن ، والذين عدوه إنقلاباً من "حمد" على "خليفة بن حمد" ، حيث تعهد حمد بن خليفة ووزير خارجيته حمد بن جاسم بإسقاط نظم الحكم في كل الدول التي لم تبارك هذا التغيير ، وهي ما كانت تعرف في حينها بدول "إعلان دمشق" والتي باركت انقلاباً على الانقلاب في العام التالي لم ينجح في إعادة خليفة بن حمد إلى الحكم في بلاده ، فالمقاطعة لم تكن وليدة عام 2014م ولا 2017م وإنما يمكن التأريخ لها من هذه الأحداث الجسام بداية من عام 1995م ، عندما أعدت كلاً من السعودية والامارات والبحرين بمساعدة مصر وسوريا تصوراً لإعادة خليفة بن حمد إلى الحكم ، في مجتمع لايزال محكوم بالفيودالية حيث يتحكم (الأمير) شيخ القبيلة في رؤوس الأقنان المرتبطين بالعمل في حقول النفط والغاز (الفلاحية البترولية) ونسق مستمد من قروسطية العصور الوسطى ..!!!

    سابع عشر : سيتوقف التاريخ والمؤرخين طويلاً لدراسة التكاليف الاقتصادية والسياسية الباهظة التي تكبدتها دولة ما من ثرواتها ومستقبل أجيالها لقاء عنتريات وعناد لم تجنى من وراءه إلا حصاد الهشيم فإذا كان الحد الأدنى من تعريفات السياسة هي " فن الممكن" عوضاً عن " فن المستحيل " فإن القاعدة كانت مقلوبة في الحالة القطرية التي ركبت قطار الاستحالة لسنوات عديدة تكبدت خلالها خسائر فادحة أشبه بتكاليف الحرب وأن مياه عديدة قد سرت تحت الجسر ، فللمقاطعة تداعيات نفسية وثقافية واجتماعية لن تنتهي في المنظور القريب .

    - لم تقم دولة قطر بعملٍ تكتيكيٍ خلاقاً وغير تقليدياً ، واستسلمت لوشايات الخصوم والخواة من منتسبي السياسة والاستراتيجية ، ولم تقم بعملٍ مطلوبٍ بالحاح من ضرورة إقتحام جدار الصمت والذهاب للعواصم المقاطعة وتقديم حلول مقبولة في حدها الأدنى لتلافي كل هذه الخسائر ووقف كل هذه المعاناة ،، سينفتح البحث العلمي على دراسة تكاليف القواعد التركية والاحتلال العثماني الجديد في قطر ، وعلى صفقات السلاح من الغرب تحت وقع التصديق بأنها دولة معزولة ومهددة ، سيتجلى البحث السياسي في أدق مرامية للحكم على هذه الوقائع التاريخية وكيف أن قطر قد استسلمت بالمطلق للمؤامرات الاقليمية والغربية طمعاً في ثرواتها ومقدرات شعبها ، لم تفعل شيئاً وقطر لم تمارس سياسة الدولة وإنما تحكمت في رأس حكامها عصبية القبيلة .. فكانت الحرب العربية الصامتة التي خسرت فيها الدولة المنهزمة " أموالاً" ، بينما الدول المنتصرة قد خسرت "بشراً" من الشهداء ضحايا الإرهاب والتطرف ..!!!

    المصالحة ... لم تكن ترفاً وإنما كانت ضرورة استراتيجية وحلاً لوقف نزف الأموال والمقدرات والبشر ووصلاً للأرحام ودعماً لوشائج القربى .. ولا يزال الطريق طويلاً للوصول إليها ..!!!

     

    المصالحة الخليجية.الدبلوماسية المصرية. المفكر فتحي العفيفي

    استطلاع الرأي

    أسعار العملات

    العملة شراء بيع
    دولار أمريكى 49.3414 49.4414
    يورو 53.7723 53.8961
    جنيه إسترلينى 62.9153 63.0675
    فرنك سويسرى 56.0507 56.1898
    100 ين يابانى 33.3726 33.4470
    ريال سعودى 13.1553 13.1826
    دينار كويتى 160.5278 160.9055
    درهم اماراتى 13.4325 13.4633
    اليوان الصينى 6.8549 6.8693

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 3,629 شراء 3,686
    عيار 22 بيع 3,326 شراء 3,379
    عيار 21 بيع 3,175 شراء 3,225
    عيار 18 بيع 2,721 شراء 2,764
    الاونصة بيع 112,849 شراء 114,626
    الجنيه الذهب بيع 25,400 شراء 25,800
    الكيلو بيع 3,628,571 شراء 3,685,714
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى
    مصر 24 أول خبر المطور بوابة المواطن المصري حوادث اليوم التعمير مصري بوست

    مواقيت الصلاة

    الجمعة 02:37 صـ
    20 جمادى أول 1446 هـ 22 نوفمبر 2024 م
    مصر
    الفجر 04:55
    الشروق 06:26
    الظهر 11:41
    العصر 14:36
    المغرب 16:56
    العشاء 18:17