بعد 44 عاماً لا يزال الغائب الحاضر العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ يٌشعل مشاعر الوطنية والحب داخل قلوب عاشقيه
منى أمين
احتار الجميع فى تحليل شخصيته ومكوناتها رغم كونه كان يجمع بين كل الصفات والسمات التى يٌسهل على الناس قراءتها وفهمها جمع بين الطيبة والأخلاق العالية والرقى والفن الجميل والرومانسية الحالمة وكان مصدر إلهام كل المؤلفين والشعراء بالعصور الماضية وحتى وقتنا الحالى .
أنه حكاية شعب و أسطورة الغناء فى العالم العربى الراحل العندليب الأسمر الفنان النجم عبد الحليم حافظ الذى تتواكب ذكرى مرور أربعة و أربعون عاماً على وفاته .
العندليب الذى احتار العالم فى تحليل صوته وحنجرته التى وصفوها بالحنجرة الذهبية ,حيث بحث المتخصصين فى لندن سر الحنجرة الذهبية والصوت القوى وحتى الآن لم يستطيعوا معرفة سر أسطورة الغناء والتى هى منحة وهبة من الله اختصه بها .
العندليب الذى ولد يتيماً بقرية الحلوات بمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية وعاش حياة صعبة جداً وعانى من الحرمان من حنان وعطفة الوالدين ,لكن إرادة الله أن يصبح الشاب البسيط اليتيم من كبار مشاهير العالم العربى وحفر إسمه فى سجلات التاريخ بأحرف من نور .
ولكن عندما عرفت الشهرة والأضواء طريق النجم ابن الشرقية سبقه المرض الذى لصق بجسده النحيل وسرق منه الفرحة والسعادة ولكنه نجح فى اجتياز كل المحن والمصاعب وآلالام المرض وأقام كبرى الحفلات الفنية فى مصر والعالم .
وغنى للوطن والرومانسية والحب وحث الجميع على العمل وحب الوطن وعشقه وتقديم الأرواح فداءاً لتراب الوطن .
كان العندليب الأسمر المٌلهم لكل العاشقين والمحبين وحتى الآن يتغنى الجميع من مختلف الطبقات والفئات العمرية بأغانيه وألحانه الرائعة .
أسهم العندليب فى إثراء الحياة الفنية بأجمل الأغانى وأصعب القصائد وكان يٌغامر فى تقديم أغانى وقصائد كانت فى وقتها صعبة على أذان المستمعين .
لكن كروان الشرق كان يمتلك إرادة وصلابة وإصرار فى تحقيق أهدافه المنشودة فى التميز وتقديم كل ماهو جديد على الساحة الفنية إثبات وجوده وسط عمالقة الطرب والشعر والألحان والغناء والتمثيل فى ذات الوقت .
العندليب قدم كل الأدوار التى تٌعبر عن فئات كثيرة من الشعب وقتها وتخللت أعماله السينمائية أجمل وأعذب الأغانى والكلمات التى أثرت الحياة الفنية والتى يتغنى بها الصغير قبل الكبير حتى الآن .
العندليب لم يكن فنان عادى يٌقدم أفلام سينمائية ويعتلى خشبة المسرح لغناء قصيدة أو أغنية .
بل كان الجندى الثائر فى الميدان وسلاحه كان الميكرفون والكلمات ويسبقهم الإحساس القوى والمسؤولية تجاه الوطن .
العندليب أشعل فتيل الوطنية داخل الرؤساء وأبناء الشعب المصرى حينذاك ,هو من صرخ بأعلى الصوت احلف بسماها وترابها ,وفدائى فدائى أموت أعيش مايهمنيش وكفاية أشوف علم العروبة باقى , وصورة صورة كلنا عاوزين صورة وعدى النهار وقلنا هانبنى السد العالى وصوت الجماهير وبالأحضان وياأهلاً بالمعارك وصباح الخير ياسيناء وغيرها من الأغانى التى ألهمت مشاعر الجماهير وأشعلت الحماس والوطنية داخل الجميع .
عبد الحليم حافظ هب وانتفض عندما استشعر بالمخاطر التى تحيط بالوطن ,بذل قصارى جهوده وهو مريض وفى أشد الاحتياج إلى الراحة والعلاج ,لكنه آبى أن يترك وطنه وسافر إلى الخارج وأقام الحفلات الناجحة وجمع التبرعات من أجل دعم الجيش والوطن وساهم فى اجتياز البلاد لمحن كثيرة .
العندليب عانى كثيراً من الظلم والاضطهاد حيث اتهموه المٌغرضين وقتها بأنه يستثمر مرضه ويستغله من أجل إثارة عطف عشاقه وجمهوره .
لكنه آبى أن يستسلم لهذه الشائعات والصغائر واستمر فى تقديم فنه الهادف والرائع وإمتاع الملايين من عشاقة بمصر والعالم العربى .
العندليب الذى كان رمزاً للأخلاق الراقية والعالية حتى على شاشات السينما قدم وجسد أدوار الموظف البسيط والمكافح والمدرس والمهندس والصحفى الشريف والطالب المجتهد وغيرها من الأدوار والنماذج المشرفة التى كانت أمثلة وقدوى احتذى بها الشباب وقتها .
عبد الحليم الفنان ابن البلد الأصيل الذى لم ينسى مسقط رأسه محافظة الشرقية فهو جمع ملايين الجنيهات وغنى وهو مريض وبنى جامعة الزقازيق ومسجد الفتح وأدخل الكهرباء والمياه لأهالى قريته بالحلوات .
كان سفيراً لمصر وخير من يٌمثلها تمثيلاً مٌشرفاً حيث كان يٌعامل معاملة الزعماء والرؤساء والملوك وكان يحظى بحب الرؤساء بمصر الراحل الزعيم جمال عبد الناصر كان يقول له دائماً بأنه ابن الثورة وكذلك الراحل البطل الزعيم أنور السادات الذى كرمه عدة مرات .
كان العندليب الراحل يٌضحى بسعادته وحياته وراحته من أجل الوقوف على خشبة المسرح لإمتاع جمهوره بأعذب الأغانى وأرق الكلمات .
عاش العندليب طوال حياته وهو يهب حياته لأسرته ولجمهوره ولعشاقه ومحبيه ووطنه ولم يعيش من أجل نفسه لأنه وهبها للجميع دون انتظار المقابل .
ولكن شاءت إرادة الله أن يرحل صاحب الجسد النحيل الذى طالما تألم وعانى من عدم الراحة والعيش كإنسان طبيعى وشاءت الأقدار أن يٌحرم من كل ملذات الحياة من الطعام والشراب والزواج والإنجاب والحب وحتى عندما ارتبط بقصة حب مع إحدى الفتيات لم تكتمل لإصابتها بالمرض ووفاتها .
وكأن الأقدار دائما له بالمرصاد حتى رحل المعجزة وأسطورة الغناء العربى و بعد أن شهدت مدينة الضباب العاصمة البريطانية لندن آلالام ومعاناة العندليب حتى فاضت روحه إلى بارئها وتوارى جسده تحت الثرى .
وتم تشييع جثمان العندليب الراحل فى موكب جنائزى مهيب وكانت جنازته ضمن أكبر ثلاث جنازات شهدتها مصر وهى الزعيم جمال عبد الناصر وكوكب الشرق أم كلثوم والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ .
وعقب إذاعة نبأ وفاة العندليب شهدت محافظات مصر حالات انتحار عديدة وحزن شديد غطى سماء الوطن حيث انتحرت الفتيات وأعلنت البلاد الحداد حزناً على فقيد مصر العندليب الأسمر .
وحتى الآن ورغم مرور أربعة وأربعون عاماً على وفاته لاتزال أغانيه باقية ومٌتربعة على عرش الغناء العربى والمصرى .
وصوته لايزال يرن داخل كل مصرى وعربى وكافة الأجيال تتغنى بأغانيه سواء الرومانسية أو الوطنية
ولن ننسى الحاضر الغائب الذى قال حاول تفتكرنى ونقول لروحك ياعندليب كلنا نتذكرك ولا يوجد أحد لا يتذكرك ويحفظ كل كلمة وأغنية تغنيت بها أو مشهد سينمائى أو حوار تليفزيونى وصحفى .
رحل جسدك ياعندليب لكن روحك تحيط بنا وأغانيك هى التى تٌلهمنا المشاعر الجميلة والحماس داخلنا .
ياعندليب عفواً لن نجد من يحتل مكانك أو يحذو حذوك ويٌحفر إسمه بأحرف من نور فى قلوب الملايين التى طالما عشقتها وعشقتك وتتغنى بكلماتك .
كل مجلدات العالم لن تستطيع إبراز حياة وقصص الحاضر الغائب العندليب الأسمر ولوحكينا ياحليم نبتدى منين الحكاية لأن الحكايات كثيرة وكثيرة وشائقة وومتعة سيظل الجميع يٌردد أغانى وكلمات العندليب مهما مر من سنوات .