ناشد يتحدث لجسر الألمانية عن طب الطواريء والرعاية في ظل كورونا
نورهان حسن و أحمد بركات
في لقاء أجرته الجمعية الألمانية المصرية للعلاقات العلمية والاجتماعية "جسر" مع د. شريف وديع ناشد، مستشار وزير الصحة للطوارئ والرعاية العاجلة وأستاذ العناية المركزة بطب عين شمس واستشاري أمراض الباطنة والقلب، دار نقاش ماتع بعنوان "طب الطوارئ والرعاية في مصر في ظل جائحة كورونا". خلال مناقشة د. ناشد مع مجموعة من الأطباء المصريين بألمانيا أوضح د. ناشد رؤية الدولة المصرية لمواجهة الجائحة من جهة، وكذا استعدادها للتعاون على أقصى نطاق ممكن مع أبنائها الأطباء في الخارج.
في بداية الحديث أشاد د. ناشد بعمل الأطباء المصريين في منظومة صحية فريدة من نوعها كالتي بألمانيا، حيث إن العديد من المنظومات الصحية كانت تحت الدراسة وقد أثبتت المنظومة الصحية الألمانية تفردها في هذا المجال، كما أوضح أن مصر كانت تحاول بالفعل أن تحذو حذوها خلال فترة انتشار الوباء المستحدث. وبناء على ذلك فقد أظهر د. ناشد سعادته بوجود العديد من الأطباء المصريين العاملين بهذه المنظومة.
في هذا السياق أفصح د. ناشد عن الجهود المبذولة في مصر خلال هذه الجائحة على أصعدة مختلفة. وقد استخلص هذه المجهودات في مواجهة ثلاث مشكلات رئيسة وهي العجز في
-
أسرة العناية المركزة،
-
أجهزة التنفس الصناعي،
-
وعدد أطباء الطوارئ والرعاية المركزة.
فبالنسبة لأسرة العناية المركزة صرح د. ناشد بأنه بالرغم من وجود أوجه العجز السابق ذكرها إلا أن مصر كانت من أكثر الدول توفيرا للأسِرة إن قيست لكل مائة ألف مواطن، وهذا كان له دور كبير في تخفيف العبء عن المنظومة الصحية وبالتالي كان له دور في توجيه الجهود لحل المشاكل الأخرى المصاحبة للجائحة.
أما بخصوص أجهزة التنفس الصناعي فكان عدد الأجهزة المتوفرة في بدايات الأزمة لا تتجاوز الإثني عشرة جهازاً. ولهذا توجهت الحكومة المصرية إلى سد هذا العجر عن طريق ثلاثة محاور. فكان أول محور هو إعداد مخزون مناسب من أجهزة التنفس عن طريق الشراء بفضل بعض التبرعات وكذلك دعم الدولة. أما ثاني محور فكان إصلاح الأجهزة المعطلة، وفي ذلك استفادت مصر من وجود منظومة لإصلاح الأجهزة القديمة. أما المحور الثالث فهو تصميم أجهزة جديدة وتصنيعها لسد العجز القائم، وهو ما بدأ بمبادرة الهيئة العربية للتصنيع ومستمر حاليا بوجود 4 شركات مختلفة قائمة على تصميم وتصنيع أجهزة جديدة، كما ذكر د. ناشد أنه يَشرُف بوجوده في اللجنة المشاركة بهذا المشروع.
وفي حديثه عن مشكلة قلة عدد الأطباء أشار د. ناشد إلى أن الاحتياج المبدئي كان يمثل خمسة عشر طبيباً لكل مائة ألف مواطن، لكن المتاح في ذلك الوقت من أطباء الطوارئ كان حوالي ثلاثة وعشرين ألف طبيب في المجمل. كما أظهرت هذه الجائحة مشكلة أخرى ألا وهي أن ستة وستين بالمائة من الأطباء المسجلين في النقابة يعملون خارج الوطن بالفعل، وزاد من واقع هذه المسألة أن الأطباء الأجانب يصعب استخراج تصريح عمل لهم في مصر. وهذه المشكلة الأخيرة لم تعان منها دول عديدة مثل الولايات المتحدة أو السعودية.
على جانب آخر سبب هذا العجز ضغطا شديد الأثر على الأطباء العاملين في مصر، فوصل عدد ساعات العمل إلى قرابة ثلاثة أضعاف المعدلات العالمية، كما تسبب ذلك في رفع نسبة وفيات الأطباء فكانت تمثل حوالي أربعة بالمائة من المجموع وهو ما تجاوز أربعمائة طبيب حتى بداية مارس السابق، حيث أن اثنين وخمسين بالمائة منهم من أطباء الحالات الحرجة والتخدير.
وفي هذا الخصوص أوضح د. ناشد أن وزارة الصحة كانت قد اتبعت البروتوكول العالمي اتباعاً واضحاً، وأن اللجان العليا العلمية في مصر التابعة لوزارة الصحة مثل اللجنة المعنية بتتبع الوفيات وحالة انتشار المرض قد اجتمعت بالفعل لوضع بروتوكول للأطباء المصريين وكذلك ناقشت توافر الأدوية الضرورية بشكل موحد على مستوى القطر المصري وهو ما قد أفرز منظومة صحية قد تكون متكاملة في مصر لمواجهة المرض وكذلك المشاكل التي تواجه الأطباء.
أما فيما يتعلق بمدى دقة النسب المعلنة للمرض في مصر، فقد أشار د. ناشد إلى أن الوزارة تصنف المرضى إلى مرضى عناية مركزة ومرضى رعاية عادية ومرضى منازل. فالقسمان الأوليان من المرضى يتلقون علاجهم في المستشفيات الحكومية البالغ عددها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون مستشفى، منها اثنان وسبعون مستشفى صدر وحميات بوزارة الصحة وستة وثلاثون مستشفى جامعي إلى جانب مستشفيات القوات المسلحة، أو يتلقونه في المستشفيات الخاصة. أما بخصوص مرضى المنازل فالمريض يحضر الكشف ويشخص مرضه إن كان يطابق فيروس الجائحة الحالية ثم يتلقى العلاج المطلوب في المنزل، وهؤلاء يتابعون من قبل المستشفيات ووزارة الصحة تليفونياً تحسباً لظهور أية أعراض خطيرة تستدعي إرسال سيارة الطوارئ. هذه المنظومة بالتالي قد لا توفر الأعداد الفعلية للمرضى وهذا بسبب كثرة المرضى الذين يتلقون العلاج بالمنزل. ولكن المعلومات المتاحة كانت تستنبط عن طريق الاختبارات مثل PCR أو بالمقارنة بعدد الوفيات.
وهذا الأخير إن قورن بباقي العالم فسوف نجد أن نسبة الوفيات عندنا تزيد عن المعدل العالمي إلى ما يقرب من ثمانية بالمائة، ولكن هذه النسبة نفسها لا يمكن الاعتماد عليها بالكلية وهذا لأن المعلومات المتاحة عن أعداد المرضى أقل من الواقع بشكل ملحوظ مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الوفيات في المقابل.
وفي نهاية العرض الذي قدمه أشاد د. ناشد بالمنظومة الصحية المصرية كما عبر عن أنه يتمنى وجود الأطباء المصريين العاملين بالخارج في مصر خلال تلك الأزمة كما عبر عن احتياج المنظومة المصرية لهم، وصرح بأن مصر اليوم تخطو خطوات ممتازة على كافة الأصعدة.
كما وجه د. فوزي، أحد الأطباء المصريين العاملين في ألمانيا وأحد أعضاء جمعية جسر، اقتراحا مقدماً من مجموعة من الزملاء المستعدين لتقديم المساعدة للوزارة، في صورة أسرة أو أجهزة للمستشفيات أو جمع التطعيمات لقلتها النسبية الآن بمصر. في رده على هذا السؤال أوضح د. ناشد أن الدولة تمنع استيراد أي أجهزة طبية مستعملة، كما أوضح أن توصيل هذه المساعدات لمصر له طرقه الرسمية المعروفة حاليا عن طريق الهيئة المصرية للشراء الموحد، وهم لن يتوانوا في التعاون مع كل من يتقدم بيد العون من أبناء مصر الأطباء.
كما وجه الحضور سؤالاً بخصوص مشكلة يواجهها كثير من الأطباء العائدين لمصر، وهي أنهم لا يجدون أماكن مناسبة لهم في الجامعات أو المستشفيات، لذلك فكان السؤال عن إمكانية رجوع هؤلاء الأطباء لوظائف شبيهة لوظائفهم ومناصبهم في ألمانيا وبالتالي تستفيد مصر من الخبرات المكتسبة بالخارج. كما قدموا اقتراحاً بخصوص تسهيل حركة الأطباء بين مصر والبلاد الأخرى فيستطيع الطبيب القيام بأدوار متوازية في البلدين. في رده على هذا السؤال أفصح د. ناشد عن رغبة الوزارة في وجود هذه الكوادر على أرضها والمساهمة في المنظومة الصحية، ولكن هذه أمور تتبع وزارة الهجرة، وهي من يمكنها الإجابة عن هذا السؤال بشكل أدق ولكنه، أي د. ناشد، لا يشك مطلقا في رغبة سيادة وزيرة الدولة للهجرة في التعاون مع أطباء مصر العاملين بالخارج.
ويأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة من اللقاءات تعقدها جمعية "جسر" في سبيل مد أصر التواصل بين الجالية المصرية بألمانيا وأهليهم في مصر من خلال مناقشات حيوية حول مواضيع ثقافية أو علمية مختلفة في غالب ميادين البحث العلمي. ولهذا أنشأت جسر لجان متخصصة في مجالات الطب، والعلوم الطبيعية والحيوية، والعلوم الهندسة، وكذلك الدراسات الإنسانية والقانونية. ويمكن الاطلاع على أنشطة المنظمة على الموقع https://gesr-ev.de.