فتاوى تشغل الأذهان .. ما حكم الإعلام بالجنازة في المساجد؟ ” الإفتاء تُجيب
ورد سؤال الي دار الافتاء يقول فيه صاحبه :اعتاد الناس في بعض البلاد والقرى المصرية عند حدوث حالة وفاة استخدام مكبرات الصوت في المساجد لإعلام أهل البلدة وجيران الميت بوفاته؛ وذلك حتى يحضُر أكبرُ عددٍ من الناس لصلاة الجنازة وتأدية واجب العزاء، فما حكم ذلك شرعًا؟
واجاب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن الشرع الشريف حث على شهودِ الجنازة وتكثيرِ عدد المصلّين عليها، وبيّن ما في ذلك من خيرٍ وفير للميت بالفوز بالشفاعة والمغفرة، وللحيّ بتحصيل الثواب العظيم. واستشهد المفتي بحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله سلم قال: «مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح".
ما هي الوسائل الشرعية لتنظيم النسل؟ "الإفتاء" تُجيب وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ»، قيل: "وما القيراطان؟"، قال: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ» متفق عليه. واوضح المفتي أن الإعلام بوفاةِ الميت من المطالب الشرعية؛ لأنه سبب لإعطاء الميت حقّه من شهودِ جنازته، والصلاةِ عليه، وتشييعِهِ، والدعاءِ له، ومواساةِ أهلِهِ، وتحصيل أجر شهودِ الجنازات وصلاتها للحي.
مشيرا ان لذلك توافرت الأحاديث النبوية الشريفة على مشروعية نعي الميت: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا أسود أو امرأة سوداء كان يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ، فسأل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عنه، فقالوا: مات، قال: «أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ، دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ -أَوْ قَالَ: قَبْرِهَا-» فأتى قبرها فصلى عليها. متفق عليه. وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في المسكينة التي كانت في ناحية المدينة: «إذا ماتَتْ فآذِنُوني»؛ ولأنّ في الإعلامِ تحريضًا على الطاعة وحثًّا على الاستعداد لها، فيكون من باب الإعانةِ على البرّ والتقوى، والتسبب إلى الخير والدلالة عليه؛ وقد قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ»] اهـ. ولفت علام الي أن جماعةٌ من أهل العلم استحبو لا يُعلَمَ الناسُ بجنائزهم؛ منهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وأصحابه علقمة، والربيع بن خيثم، وعمرو بن شرحبيل، قال علقمة: لا تؤذنوا بي أحدًا. وقال عمرو بن شرحبيل: إذا أنا مت فلا أُنعَى إلى أحد. وقال كثير من أهل العلم: لا بأس أن يُعلَمَ بالرجل إخوانُه ومعارفُه وذوو الفضل من غير نداء.
اقرأ أيضاً
- نجاة الإعلامي طارق علام وزوجته من الموت بأعجوبة
- حكم الشرع في المبيت عند أحد الوالدين حال مرضه..المفتي يجيب
- زي النهاردة .. 37 عاما على رحيل محمد نجيب ..وتفاصيل جديدة عن خروجه من الحكم
- دار الإفتاء توضح كيف يتطهر المريض الذي يركب قسطرةَ البول وحكم صلاته؟
- المحكمة الدستورية تؤكد صحة مواد البلطجة في قانون العقوبات
- «عربية النواب» تنعي الإعلامي الراحل حمدي الكنيسي
- عدم دستورية الحبس في قانون المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية
- تعرف على حكم إجبار الأب لابنته على ارتداء الحجاب ومنع النفقة عنها إن لم تفعل
- محطات في حياة الراحل الإعلامي الكبير حمدي الكنيسي
- وفاة الإعلامى الكبير حمدى الكنيسى بعد صراع مع المرض
- حكم الدين حول ذكر عيوب المتقدم للخطبة عند السؤال عنه .. "الإفتاء" تجيب
- السجن 6 أشهر لرئيس لجنة ثانوية عامة زوّر محضر غش لطالبة بالدقهلية
ووبين المفتي أن ما ورد في النهي عن النعي، فالمراد به: ما هو من أفعال الجاهلية؛ كالندب والصياح والنّواح مع ذكر مفاخرِ الميت ومآثره، وما يصاحب ذلك من الاعتراض والضّجر ودعوى الهلاك بموتِهِ، مع تعمد إثارة الحزن وتهييجِ البُّكاء. ولذلك بوَّب الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا سمّاه: (باب الرجل يُنعَى إلى أهل الميت بنفسه). وقال القاضي أبو بكر بن العربي [ت543هـ]: [يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات: الأولى: إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح فهذا سنة. الثانية: دعوة الحفل للمفاخرة فهذه تكره. الثالثة: الإعلام بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك فهذا يحرم] اهـ.
وقال الحافظ ابن رُشَيدٍ الفهري [ت721هـ]: [وفائدة هذه الترجمة الإشارة إلى أن النعي ليس ممنوعا كله، وإنما نهي عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق] اهـ. نقل ذلك كلَّه الحافظُ ابن حجر في "فتح الباري" (3/ 116-117، ط. دار المعرفة)، ثم قال: [وحاصله: أن محض الإعلام بذلك لا يكره، فإن زاد على ذلك فلا] اهـ. وعلى هذا نص فقهاء المذاهب المتبوعة:
وأختتما فتواه بأنه يجوز الإعلامُ بموتِ الميت باستخدام الوسائل التي تُيسِّر ذلك كمكبرات الصوت في المساجد؛ لما في ذلك من الحثِّ على أداء حقّه بحضور جنازته، والصلاة عليه، وتشييعه، ودفنه، والدعاء له، ومواساة أهله، وكل ذلك من أعمال الخير المندوب إليها شرعًا، وما يُتوصَّل به إلى الخير فهو خير، بشرط ألا يصاحبَ ذلك ما هو من أفعالِ الجاهلية من الندب، والنياحة، وإثارة الأحزان، ومظاهر الاعتراض على قضاء الله تعالى فذلك هو المنهيّ عنه شرعًا. ويجب مراعاة عدم الإزعاج، وألا يتعارض هذا الإعلام مع لوائح وتعليمات الجهات المختصة.