الجمعة 22 نوفمبر 2024 09:03 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

    آراء وكتاب

    ا. د حسين علي استاذ فلسفة العلوم

    اغتيال العقل

    د .حسين علي

    ضاق الزوج ذرعًا بمسلك زوجته المتكرر، تسامح مرة ومرات علَّها تكف عما تفعل. وحين أدرك أنها لن تتوقف من تلقاء ذاتها؛ قرر مواجهتها:

    الزوج: قبل زواجي منكِ يا حبيبتي كنت أستمتع برؤية السمك على مائدة الطعام كاملاً غير منقوص الرأس .. لذلك أود أن أسألكِ: «لماذا تنتزعين رأس السمكة؟ .. إنني أفضّل أن تكون السمكة كاملة غير منزوعة الرأس».

    الزوجة: هذه هى طريقتي في «قلي السمك» التي أخذتها عن والدتي .. كنت أرى أمي تفعل ذلك!!

    الزوج: لماذا كانت حماتي تفعل ذلك؟

    الزوجة: لست أدري ..!!

    الزوج: هل حاولتِ سؤالها عن السبب؟

    الزوجة: لا ... لم يحدث!!

    في إحدى الزيارات سأل الزوج حماته:

    الزوج: حماتي العزيزة .. لماذا تنتزعين رأس السمكة عند قليها؟

    الحماة: هذا ما وجدت عليه والدتي .. أمي كانت تفعل ذلك.

    ولحسن الحظ كانت الجدة الكبرى والدة الحماة مازالت على قيد الحياة. توجهوا إليها جميعًا؛ وبسؤالها أجابت:

    • «كنا فقراء .. لا نملك سوى إناءً واحدًا لقلي السمك، وكان ذلك الإناء صغيرًا جدًا؛ لا يسمح بقلي السمكة كاملةً. فكنت أُضطر للتخلي عن الرأس».

    انتهت القصة .. لكن المشكلة لم تنته، إذ مازلنا نضحي بالرأس .. ليت الأمر يقتصر على التضحية برأس السمكة .. بل إننا نضحي برؤوسنا نحن .. بعقولنا. اعتدنا استبعاد عقولنا وتنحيتها جانبًا .. لماذا؟ .. لأن هذا ما وجدنا علَيه آبَاءَنَا، إننا رأينا غيرنا ممن نحترمهم ونوقرهم، وفي أغلب الأحيان نقدسهم، لا يسمحون باستخدام العقل؛ ويتوجسون خيفةً ممَنْ يستخدمه. إن كل من حاول استخدام عقله في منطقتنا العربية تغتاله السلطة الحاكمة، وإذا تهاونت السلطة في اغتياله .. اغتاله الشارع، وإذا تقاعست السلطة والشارع عن القيام بهذه المهمة .. تكفلت إسرائيل بها واغتالت النابهين من العرب والمسلمين.

    إذا أردت أيها القارئ الكريم أن تعيش في منطقتنا العربية هادئ البال مطمئن الخاطر عليك أن تنتزع من عقلك أية فكرة تتعارض مع ما وجدنا عليه أباءنا وأجدادنا .. انتزع كل غريب ومتعارض مع ما هو سائد وراسخ في مجتمعك العربي، ثم الق به على الأرض وادهسه بحذائك .. وإلا سوف تُدهس أنت شخصيًّا بالحذاء!!

    نحن نعيش داخل أوطان قد تتسامح في الاتجار بالمخدرات؛ لكنها أبدًا لا تتسامح مع حرية الفكر. يقول الفيلسوف الفرنسي ديكارت: «إن الفلسفة هى وحدها التي تميزنا عن الأقوام المتوحشين والهمجيين، وإنما تقاس حضارة الأمة وثقافتها بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها، ولذلك فإن أجل نعمة ينعم الله بها على بلد من البلاد هى أن يمنحه فلاسفة حقيقيين». إذا كان ديكارت يقول ذلك بوصفه فرنسيًّا، فإنه لو عاد للحياة - مرة أخرى - لقال إنني أعني بالأقوام «المتوحشة والهمجية» أقطار المنطقة العربية.

    إننا نقدس تراثنا دون فحص أو تمحيص، غافلين عن الظروف التاريخية والاجتماعية التي أملت هذه الفكرة أو تلك .. إننا توارثنا أفكارًا كانت سائدة في بيئة بدوية صحراوية بسيطة، لها ظروفها الخاصة التاريخية والاقتصادية والاجتماعية؛ ومطالبون اليوم - بعد مرور حوالي خمسة عشر قرنًا - بتطبيق تلك الأفكار بحذافيرها بوصفها أفكارًا مقدسة، ومطالبون أيضًا بالتغافل عن كل المستجدات والإبداعات البشرية التي طرأت طوال تلك الفترة الزمنية الكبيرة .. إنه يُراد لنا من قِبَل ساسة فسدة ورجال دين كسبة أن نعتنق أفكارًا أكل عليها الدهر وشرب .. يراد لنا الإيمان بتلك الأفكار بوصفها الحق المبين الذي إذا أخذنا به لن نضل أبدًا .. وهل هناك ضلال أفدح من توهم أن السير إلى الوراء هو بعينه التقدم إلى الأمام!! علينا فحص مسلماتنا ليس بهدف هدمها والتخلي عنها، ولكن بغية الوثوق بأننا نسلك طريق الحق. يقول الإمام أبو حامد الغزالي (1059 - 1111م) في كتابه «المنقذ من الضلال»:

    »من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر يبقى فى العمى والضلال«.

    لن ترقى مجتمعاتنا إلا إذا أدرك أهلها أن الحضارة والتقدم لا ينحصرا فقط في مجرد الحرص على ارتداء البدلة والتمكن من عقد رابطة العنق وقيادة السيارة وركوب الطائرة واستعمال كافة أدوات التكنولوجيا المعاصر، هذا وحده لا يصنع تقدمًا مادام الفكر السائد تكفيريًا متخلفًا .. الرقي والتقدم يبدأ بالفكر .. تحرير الفكر من تلك القيود التي كبلته وما زالت تكبله منذ عشرات القرون وحتى اليوم .. نعيش بأجسادنا في ظل القرن الحادي والعشرين؛ لكن الروح جاهلية والعقلية تكفيرية.

    اغتيال العقل. تنوير. فلسفة

    استطلاع الرأي

    أسعار العملات

    العملة شراء بيع
    دولار أمريكى 49.3414 49.4414
    يورو 53.7723 53.8961
    جنيه إسترلينى 62.9153 63.0675
    فرنك سويسرى 56.0507 56.1898
    100 ين يابانى 33.3726 33.4470
    ريال سعودى 13.1553 13.1826
    دينار كويتى 160.5278 160.9055
    درهم اماراتى 13.4325 13.4633
    اليوان الصينى 6.8549 6.8693

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 3,629 شراء 3,686
    عيار 22 بيع 3,326 شراء 3,379
    عيار 21 بيع 3,175 شراء 3,225
    عيار 18 بيع 2,721 شراء 2,764
    الاونصة بيع 112,849 شراء 114,626
    الجنيه الذهب بيع 25,400 شراء 25,800
    الكيلو بيع 3,628,571 شراء 3,685,714
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى
    مصر 24 أول خبر المطور بوابة المواطن المصري حوادث اليوم التعمير مصري بوست

    مواقيت الصلاة

    الجمعة 09:03 مـ
    20 جمادى أول 1446 هـ 22 نوفمبر 2024 م
    مصر
    الفجر 04:55
    الشروق 06:26
    الظهر 11:41
    العصر 14:36
    المغرب 16:56
    العشاء 18:17