«التجربة الصوفية بين وولتر ستيس وإبراهيم ياسين».. رسالة دكتوراة بجامعة المنصورة
رفعته لدرجة الفلاسفة الكبار.. رسالة دكتوراه بطلها «أستاذ» أشرف وناقش وحكم عليها
أن تجتهد وتغرق حبات جبينك صفحات الكتب ودفاته، وتحفظ خطوات أقدامك عتبات المكتبات، ويعلو صوتك بين أرجاء الأرض في محافلها العلمية، ويحفظ تنهدات قلبك لا صوتك عشرات الآلاف بل المئات والملايين من البشر فلربما ينعتك هؤلاء والمتخصصون منهم بالمفكر أو الفيلسوف، أو أنعات وصفات الزمن وحده هو الكفيل بإطلاقها والحكم عليك.. أما بين أرجاء الحرم العلمي والجامعي بجامعة المنصورة فقد كان لأحد أساتذتها طريقا آخر غير ذلك المعتاد.
اقرأ أيضاً
مفاجأة في جامعة المنصورة
قبل أيام وتحديدا في الـ30 من شهر أكتوبر الماضي، فوجئ العديد من المتابعين للشأن الأكاديمي وخاصة أساتذة جماعة المنصورة بواقعة تعد فريدة ومسبوقة في تاريخ الجامعات المصرية وغير المصرية، أن تناقش رسالة بحث لنيل درجة الدكتوراه حول أحد أساتذة جامعة المنصورة، لا نستغرب فوقت الاستغراب لم يحن قبل أن نحيط القارئ الكريم علما بأن هذه الأستاذ الجامعي الذي تدور حوله الرسالة هو المشرف عليها والمناقش لها والحكم عليها.
الرسالة كانت عنوان «التجربة الصوفية بين وولتر ستيس وإبراهيم ياسين دراسة تحليلية دلالية»، الباحث فيها هو سامح احمد مأمون البلتاجي، وجمع رئيس قسم الفلسفة الأسبق بكلية الآداب جامعة المنصورة الدكتور إبراهيم ياسين بين لجنتي الإشراف والمناقشة والحكم على تلك الرسالة التي تتحدث عنه ووصفته بأنه من مفكري العصر الحديث بل ووضعته بجانب أكثر المفكرين الفلاسفة والمتصوفين في العصر الحديث والقديم.
العقوبة والمصير
«بوابة أخبار اليوم» مع أحد المصادر بوزارة التعليم العالي لإيضاح طبيعة مثل تلك الوقائع، وما هي العقوبة التي يمكن أسقاطها على تلك الواقعة، والذي أكد «أن تلك الواقعة لابد فيها من تقديم شكوى لوزير التعليم العالي أو رئيس الجامعة، وأن تلك الشكوى كفيلة بإحالتها للتحقيق بتهمة الفساد واستغلال السلطة لمجد شخصي، وتوجيه الباحث للتمجيد في المشرف ورفعه إلى درجة المفكرين، غير أن الرسالة تعد بعيدة عن العلم بوصفها موضوعا شخصيا وعن الحياد والموضوعية في التناول، كونها عن المشرف نفسه»، وهو نفس الأمر الذي ذهب معه المستشار القانوني لأحد الجماعات الحكومية والذي رفض تضمين اسمه.
والمفكر الذي تقارن الرسالة آرائه الفلسفية في التصوف مع آراء الدكتور إبراهيم ياسين المشرف على الرسالة هو أحد كبار علماء التصوف في العصر الحديث والمستشرق الإنجليزي المولد الأمريكي الجنسية البروفيسور «ولتر ستس» الذي ولد في لندن عام 1886, ودرس في كلية (fettes) بأدنبرة، وفي كلية الثالوث (trinity) بدبلن، حيث نال شهادة التخرج في الفلسفة، وعمل بعد ذلك في وظائف خدمية كان منها منصب رئيس بلدية كولومبو عام 1929، وحصل على شهادة (d.litt ) من كلية الثالوث بدبلن عام 1932، وعمل محاضراً في جامعة برينستون، ثم أستاذاً للفلسفة منذ عام 1935 حتى تقاعده.
135 عاما بين هو ستيس وياسين
فالمفكر الفيلسوف المعروف «ولتر ستس»، بين مولده وبين الرسالة التي تناقش آرائه وآراء أحد الأساتذة الذي لايزال حيا على جه الأرض وهو الدكتور إبراهيم ياسين أستاذ الفلسفة بجامعة المنصورة تصل إلى نحو قرن ونصف وتحديدا أكثر من 135 عاما، وهو الذي وصفه الباحث بأحد كبار علماء التصوف في العصر الحديث ووضعه بجانب مشاهير الفلاسفة في التاريخ الإنساني أمثال «الغزالي، وابن عربي، والعطار، وأوغسطين، وإيكهارت، وبليز باسكال، ورجاء جارودي، ووليم جيمس، وهنري برجسون»، حسبما ذكر.
ياسين يكشف اللثام عن أفكار ستيس
فيقول الباحث في مقدمة رسالته التي أشرف وحكم عليها «ياسين» في الصفحة 3: «لسبر أغوار التجربة الصوفية لدى اثنين من كبار علماء التصوف في العصر الحديث وهما المستشرق المولد أمريكي الجنسية وولتر ستيس والمفكر العربي البارز وعالم التصوف الفلسفي المرموق مصري الجنسية الأستاذ الدكتور ابراهيم ياسين»، وفي الصفحة ذاتها يقول أيضا «حيث كان المشروع البحثي الكبير الذي تبناه الأستاذ الدكتور إبراهيم ياسين يكشف اللثام عن أفكار وكتابات الدكتور وولتر ستيس الذي تم تجاهله لفترة طويلة».
وفي الصفحة الرابعة من الرسالة وصفها الباحث «أول دراسة تعني بفكر الدكتور ياسين وتتعمق في أبحاثه بالدراسة والتحليل بما يعد إضافة هامة البحث الصوفي في مصر»، وفي ص٧ كانت خطة البحث «المبحث الأول : خصائص التجربة الصوفية عند الدكتور وولتر ستيس، المبحث الثاني: خصائص التجربة الصوفية عند البروفيسور إبراهيم ياسين، في ص ٣ وضعه في قائمة أشهر الفلاسفة والمفكرين في الفلسفة، فيقول «لكبار المفكرين ذوي الشأن في التاريخ الإنساني أمثال الغزالي وابن عربي واوغسطين وابكهارت وباسكال وجارودي ووليم جيمس وهنري برجسون».
كيف مرت الرسالة لتصل إلينا؟
أسئلة عديدة تقحم عقول كل من مرت على ذهنه هذه الواقعة، أبرزها: كيف مرت تلك الرسالة من رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة المنصورة، وكيف كان رأي عميد الكلية فيها؟ وكيف أفلتت من أيدي مجلس الجامعة؟ وكيف نالت رضا وتوقيع رئيس الجامعة؟ أن تناقش رسالة حول أحد أساتذتها يكون فيها هو المشرف والرئيس والحكم.