شيخ الأزهر: لا تتصادم حقائق القرآن مع عقل صحيح
قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن رحمةُ اللهِ تعالى اقتضت بالناسِ ألَّا يعاقِبَهُم حتَّى يُرسلَ إليهم رسولًا يُرشِدُهم إلى طريقِ الهدايةِ ويُحذِّرُهم طرُقَ الغواية «وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا»، ولذا لَمْ تخل أمةٌ في أيِّ عصرٍ مِن رسالةٍ ورسولٍ قال تعالى: «إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ».
وألقى الكلمة نيابة عنه الدكتور نظير عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، بالجلسة الافتتاحية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم لوزارة الأوقاف برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، أكد خلالها أنه لمَّا كانَ بعضُ الناسِ يَجحدُون ويكفُرُون بالرسلِ -عليهِمُ السلامُ- أيَّدَ اللهُ الرسلَ بالمعجزاتِ الباهراتِ التِّي تدُلُّ على صدقِ نبوَّتِهِم ورسالتِهم، وكانتْ معجزةُ كلِّ نبيٍّ مِن جنسِ ما اشتَهرَ بهِ قومُه، فقد اشتَهرَ قومُ موسى عليه السلام بالسِّحْرِ، فكانت معجزةُ مُوسى عليه السلام العَصا التي تلقَفُ ما صَنَعُوا، كما اشتَهرَ قومُ عيسى عليه السلام بالطبِّ فكانتْ مُعجزةُ عيسى عليه السلام إبراءَ الأكمهِ والأبرصِ وإحياءِ الموتى وغير ذلك؛ آياتٌ صادقاتٌ على نبوَّةِ الأنبياءِ، وإرغامًا للكافرينَ المعاندينَ، عسى أن يؤمنوا عند رؤية هذه المعجزاتِ الظاهراتِ.
وأوضح أنه كانَ كلُّ رسولٍ يؤيَّدُ بمُعجزةٍ حسيَّةٍ تناسِبُ خُصوصيةَ رسالتِهِ ومحدُودِيَّتَها زمانًا ومكانًا وقومًا، فتُقِيمُ الحُجَّةَ وتَشْهدُ بصدقِ الرَّسولِ، فِإذَا مَا ضَعُفَ تأثِيرُ تِلْكَ المُعجِزَةِ وانقْضَى زَمَنُ تِلْكَ الرِّسَالَةِ أرْسَلَ اللهُ رسولًا جديدًا وأيَّدَهُ بمُعجزةٍ جَدِيدَةٍ. حتَّى إِذا جَاءتْ رسالةُ سيِّدِ المُرْسَلينَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وخاتمِ النبيينَ كانتْ رسالةً عامةً وخاتمةً.
وأضاف: «فهي عامةٌ لأنَّها إلى الناسِ أجمعين عرَبِهم وعَجَمِهم قال تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» (سورة سبأ: 28)، وقالَ صلى الله عليه وسلم: «وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً» متفق عليه، وهي خاتمةٌ: لأنَّها الرسالةَ الباقيةَ إلى قيامِ الساعةِ قال جل جلاله: " مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَٰكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا.
اقرأ أيضاً
- شيخ الأزهر يتوجه للإمارات لرئاسة اجتماع مجلس حكماء المسلمين غدا
- تكريم الفائزين بمسابقة القرآن الكريم بقاعة جهاز مدينة اكتوبر
- شيخ الأزهر: التحول الجنسي دون ضرورة طبية هو انحراف ترفضه الأديان
- شيخ الأزهر : الأمير تشارلز قائد يتحلى بالحكمة وصوت غربي منصف للإسلام
- شيخ الأزهر يستقبل الأمير تشارلز وزوجته بالجامع الأزهر
- شيخ الأزهر: حريصون على تعزيز التعاون العلمي مع موسكو
- الأوقاف تعلن نتيجة مسابقة القرآن الكريم الثانية للطلاب الوافدين
- شيخ الأزهر يعزي النيجر في ضحايا حريق بمدرسة للأطفال
- شيخ الأزهر يهاجم الدعوة إلى «الدين الإبراهيمي»: مصادرة لحرية الاعتقاد
- تفاصيل اختبارات مسابقة القرآن الكريم بمبنى جهاز مدينة 6 اكتوبر
- بيت العائلة ينظم احتفالية لمرور 10 أعوام على تأسيسه بحضور الإمام والبابا
- أخر تطورات الحالة الصحية لشيخ الازهر
وشدد على أن القرآنُ الكريمُ يُعدُّ أجلَّ وأعظمَ معجزةٍ أجرَاها اللهُ تعالَى على يدِ نبيٍّ مِن الأنبياءِ، وهيَ معجزةٌ متفرِّدةٌ فِي بابِهَا لا يَرقَى إِليهَا غيرُها مِنْ معجزاتِ أنبياءِ الله والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.وقد اختصَّ القرآنُ الكريمُ وتفرَّدَ بأمورٍ عديدةٍ دونَ غيرِهِ مِنَ المُعجزاتِ، منها: أولًا: كانتْ مُعجزاتُ الأنبياءِ والمرسلينَ جميعًا معجزاتٍ حسيَّةً، لا توافقُ إلَّا مَنْ لَمْ تؤهلْهُمْ استعدَادَاتُهم الفِكْرِيَّةُ والعقليةُ لغيرِ ذَلِكَ مِنَ المُعْجِزَاتِ.أما معجزةُ القرآنِ الكريمِ فهي معجزةٌ عقليةٌ، جاءتْ موافقةً لطوْرِ الكمالِ البشريِّ ونضوجِ الإدراكِ العقليِّ والعلميِّ الذي وافَقَ عصرَ النبُوَّةِ وَمَا تَلَاهُ فكَانَ كَمَا حَكَى القُرْآنُ: آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدورِ الذينَ أُوتُوا العِلمَ في قوله تعالى: «بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ».
البشرية في حاجة للقرآن
ولفت إلى أن اللهُ تعالى تعهَّدَ بحفظِ القرآنِ الكريمِ وصيانتِهِ مِنَ التحريفِ والتغييرِ والتبديلِ ليبقَى شاهدًا علَى صدْقِ دعوتِهِ، وليظلَّ قائِمًا بها في الناسِ؛ لأنَّها خاتمةُ الرسالاتِ السماوية، ولأنَّها آخرُ كلمةٍ مِنَ اللهِ تعالى إِلى الناسِ.
وأكد على أنه لا تتصادُمُ حقائقُ القرآنِ معَ عقلٍ صحيحٍ ولَا علْمٍ ثابتٍ بيقينٍ، لأنهُ الحقُّ الذِي لَا يأتيهِ الباطلُ، ولأنهُ تنزيلٌ مِنْ حكيمٍ حميدٍ «لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» (فصلت:42)، ولذلكَ وجبتْ له الهيمنةُ على غيرِه.
واختتم مؤكدا أن البشريةَ في حاجةٍ إلى القرآنِ الكريمِ حفظًا وتلاوةً وتدبُّرًا وفَهمًا؛ لأنهُ مُخرِجٌ لَها مِنْ كلِّ فتَنٍ.