بعد اتصال الإمام الأكبر شيخ الأزهر وثنائه.. دار العلوم حارسة اللغة ورائدة العلوم الإسلامية
فرحات غنيمأثنى الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الأستاذ الدكتور أحمد الطيب على دور دار العلوم، وذلك في اتصال هاتفي مع البروفيسور عبد الراضي عبد المحسن عميد الكلية، وسبقه كلمات من فضيلة الدكتور محمد مختار جمعة على هامش اجتماع لجنة الجودة والاعتماد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالأزهر الشريف، عن أهمية دار العلوم شقيقة الأزهر ومحراب اللغة العربية، بما يؤكد مكانة دار العلوم بين أهل العلم ورموز المجتمع المصري والعربي والإسلامي.
وقد تحققت مقولة الشيخ الإمام الأستاذ محمد عبده عن دار العلوم: "إن باحثًا مدققًا إذا أراد أن يعرف أين تموت اللغة العربية؟ وأين تحيا؟ لوجدها تموت في كل مكان، ووجدها تحيا في هذا المكان". يرجع الفضل في إنشاء دار العلوم إلى علي مبارك باشا الذي أحس بالهوة الكبيرة والعميقة التي كانت بين المعلّمين في عصره؛ فقد كان المعلمون الذين يتولون تربية النشء وتعليمه لا يخرجون عن إحدى فئتين: الفئة الأولى: فئة الأزهريين الذين كانوا يرون أن كل علم خرج عن تلك العلوم التي تلقوها في الأزهر، إنما هو كفر بواح وضلال صريح، وأن الاشتغال به عبث لا طائل من ورائه، فكانوا يرمون مدرسي العلوم الأخرى كالجغرافيا والكيمياء والطبيعة وغيرها بالكفر والإلحاد. أما الفئة الأخرى: فهي فئة معلمي العلوم الكونية الذين كانوا ينظرون إلى زملائهم من معلمي اللغة العربية والدين نظرة دونية، ويرون فيهم جهلا فاضحًا وضلالا واضحًا. فأراد “علي مبارك” أن يتلافى ذلك الخلل، ويقرب الهوة بين الفريقين فعمل على تأسيس “دار العلوم” ليتلقى فيها الطلاب العلوم الكونية التي لا تتيسر دراستها في الأزهر، بالإضافة إلى العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية. النواة الأولى لدار العلوم بدأت أولى حلقات الدرس في مدرج بالمكتبة الخديوية التي صارت نواة لدار الكتب المصرية، في يوم الخميس 6 من مايو 1871م، وقد سمي هذا المدرج بـدار العلوم. وكان يقوم بإلقاء تلك الدروس نخبة من كبار العلماء والمعلمين على رأسهم علي مبارك باشا، وكانت تلك الدروس تمثل تثقيفًا عامًا، وقد أبيح للناس كافة على اختلاف طبقاتهم وثقافتهم حضور هذه الدروس. ولكن مؤسس هذا المشروع لم يقنع بتلك الوظيفة المحدودة للدار، فبعد مضي نحو شهرين من افتتاح “دار العلوم” للدروس العامة، طلب “علي مبارك باشا” من الشيخ “محمد العباسي” شيخ الأزهر تعيين بعض العلماء للتدريس بالدار، وتم اختيار ثمانية من نجباء طلاب الأزهر، بالإضافة إلى طالبين آخرين لحضور دروس “دار العلوم” العربية والشرعية ، ونبغ علماء الدار مثل المفكر الإسلامي الدكتور حسن شحاته والعالم الجليل الدكتور محمد نبيل غنايم ورواد الفلسفة الإسلامية الدكتور حامد طاهر والدكتور مصطفى حلمي والدكتور محمد الجليند والدكتور عبد الراضي عبد المحسن وغيرهم..و هكذا أصبحت الدار بحق مدرسة وكلية وجامعة لعلوم اللغة العربية والعلوم الإسلامية من فلسفة وعلم الكلام وشريعة وتفسير وغيرها من العلوم والمعارف.