الشخصية المصرية بين الماضي والحاضر (1)
د. تامر خفاجي
منذ زمن بعيد والمصريين معروفين بالعديد من الصفات الحميدة التي تميزهم عن غيرهم من الأمم والشعوب مثل الجدعنة والشهامة وخفة الدم والإخلاص والوفاء والدفء الأسري ولكن؟؟؟!!!
ما الذي جعل الشخصيات المصرية تتحول وتتبدل؟؟ من الذي جعل المصريين يتحولون من دفء الأسرة والمشاعر والأسرة الممتدة التي كان يوجد بها الجد والجده والخال والخاله والعم والعمه إلى أسرة تتناحر مع بعضها البعض لدرجة قد تصل إلى القتل بالأسلحة النارية والأسلحة البيضاء؟؟
هناك العديد من العوامل والمتغيرات التي أدت بشكل كبير إلى تغيرات الشخصيات المصرية وصفاتها وتركيبتها النفسية والإجتماعية سواء كانت هذه العوامل سياسية أو إجتماعية أو اقتصادية أو إعلامية أو تعليمية على سبيل المثال للحصر حالة الطالبة المغدورة نيره والتي تم نحرها أمام الجميع وفي وضح النهار وأمام الجامعة وكانت على مرأى ومسمع من الجميع وهنا يأتي السؤال كيف تحول الحب إلى عدوان كيف تحولت مشاعر الألفة والمودة والرحمة إلى قتل وتنكيل بمن أحب؟؟
هناك عاملين نفسيين شديدين تأثر على نمو شخصية الفرد وبالتالي شخصية الجماعة والمجتمع في نفس الوقت وهم التقليدImitation ( بمعنى أن يقوم شخص أو جماعة معينة بتقليد شخص آخر أو جماعة معينة في سلوكها وأفعالها وتفكيرها وألفاظها) لعله لا يخفى علينا جميعا ظهور العديد من الشخصيات التي كانت وما زالت مع الأسف الشديد تعتبر نموذج وقدوة للشباب سواء في الإعلانات أو الأفلام والذين ينتهجون منهج البلطجة وهنا يكمن الخطر فظهور مثل هذه الشخصيات على شاشه الإعلام وإعتبارها قدوة وإظهارها بصورة البطل يدفع بالشباب والأطفال صغار السن إلى محاولة التقليد بشكل مقصود وواعي للظهور بمظهر البطل وهو يعلم أنه يفعل هذا الفعل وهذه تصرفات والتي يعلم علم اليقين أنها خاطئة ومع كثره التقليد نتحول إلى النقطة الثانية وهي الأخطر وهي فكرة التوحدIdentification وهي العملية التي تلجا لها الشخصية بشكل لا شعوري وغير واعي فتصبح تلك التصرفات والأفعال والأفكار والألفاظ وأنماط التفكير وسمات الشخصية سمة أساسية أصيلة لدى المقلد مثل الذي يقلد ممثل أو إعلامي أو لاعب أو فنان في أكله وشربه وتصرفاته وألفاظه وقصة شعره وطريقة ملابسه ولعل هذا ما يفسر لنا ظهور العدوان والقتل والعنف بشكل واضح في الشارع المصري فيتحول الطالب والإبن إلى قاتل نتيجة التقليد الأعمى وهنا ومع الأسف الشديد يلعب الإعلام دورا مهم فمن الملاحظ هذه الأيام كثرت الفاسدين والمفسدين ولعلهم وإن لم يكونوا كلهم يطفون على سطح المجتمع ويمثلون القدوة والثروة والمركز والسلطان والجاه.
إننا نعيش حاليا في عصر أزمة افتقاد القدوة يا سادة على كافة الأصعدة والمستويات سواء الإجتماعية أو الإقتصادية أو الفنية أو العلمية أو الإعلامية.
وللحديث بقية ما دام في العمر بقية