دور وسائل الإعلام في تشكيل الوعي (1-2)
د . حنان راضى
ان الوعي بمفهومه العام، هو ما يعرفه ويدركه الإنسان ويحاول ان يطوره، لكي يصبح على درجة جيدة من الفهم والادراك والمرونه في حل مشاكله ومحاولة نفعه للمجتمع، على أن يعيش بكرامة وحرية ، والوعي يتعدّد بتعددّ جوانب الحياة ومساراتها، فهناك وعي سياسي وآخر اقتصادي وثالث اجتماعي، ورابع صحي وحامس ثقافي ،وسادس رياضي و.
يعد الوعي ركيزة من ركائز تقدم أي مجتمع وتطوره, بل ان له دور كبير ورئيسي في استقرار المجتمع والنهوض به, كما يشكل الوعي خطوة مهمة في تطوير وخلق الإنسان المبدع المثقف المتفهم وبالتالي الواعي الذي يساهم في بناء المجتمع وتطوره. إن تطوير الوعي يبدأ من الضمير أولاً, وبابه مراقبة الإنسان لنفسه أي مراقبة أفكاره ومشاعره وسلوكه وأسلوب حياته وملاحظة تلك الأفكار التي تشعره بالسرور والحيوية وتعطيه طاقه ايجابيه فأصبح مثمرة او الأفكار التي تسلبه طاقته, وتشعره بالضعف و الألم والمعاناة وتجعله مخربا إن الانسان من خلال مراقبته لنفسه سيصل إلى أن مشاعره معظمها وليدة أفكاره, وأن سلوكه وليد أفكاره ومشاعره ولذلك فإن عملية التطوير الذاتي تبدأ من مراقبته الأفكار وأثرها على نفسه لغيرها ويحسنها باستمرار و يستبدل كل فكرة سلبية, بفكرة إيجابية مناسبة حتى يملأ الإنسان عقله الواعي واللاواعي, بأفكار وثقافة بناءة تزيح ما بذهنه من الماضي من أفكار كانت تعيق تطوره حتى يساعده ذلك في نفس الوقت على التطور والعيش بسلام ونفع المجتمع ولهذا يعد الوعي مقياسا لتطور المجتمعات, لأنه يمكننا من إصدار أحكام على التصرفات والسلوكيات الفردية والمجتمعية فنقبله لإيجابيتها, أو نرفضها لسلبيتها, وهذه الأحكام نابعة من مدى شعور الفرد بمسئوليته تجاه نفسه والآخرين, وحين يتجه الأفراد إلى التعبير عن سلوكياتهم, في كل نواحي الحياة تعبيراً إيجابياً, فإنهم بهذا يكونون قد حملوا هم الوعي, وسعوا إلى نشره, ونجحوا في مقاصدهم, وهذا ما فعله الإسلام, وحرص عليه.
ولا شك أن الوعي بمعناه العام حالة صحية إيجابية, تعكس فهم المرء لواقعه بكل مكوناته من صعوبات وتحديات وفرص ومجالات قوة ومواطن ضعف, وتضعه في الموقع المناسب لتحديد الخطوات ورسم السياسات واتخاذ القرارات, بما يحقق الوصول للمراد في أقرب وقت, وبأدنى كلفة وأقل خسارة, وإذا كان الوعي مطلوباً على المستوى الفردي لتحقيق النجاح فإنه سيكون أوجب, بمراحل على المستوى المجتمعي للنهوض وتحقيق المراد وتحصيل المصالح الكبرى وتجاوز العقبات, وستتجسد حالة الوعي هذه في طريقة وحركة قياداته الإدارية والاجتماعية الفاعلة سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات.
وحين يكون المجتمع واعياً مثقفاً مدركاً لواقعه كما هو دون مغالطة أو تزييف, وكلما كان منتبهاً للمخاطر المتربصة به, فإنه حينها سيكون واثق الخطي علي الطريق السليم الجاد للنهوض الحضاري, ولكن المصيبة كل المصيبة حين لا يكون المجتمع واعياً مثقفاً غير ملماً ومدركاً بواقعه وظروفه ومكائد أعدائه فيعيش على غير وضوح في السياسات والخطط والرؤى المستقبلية, وتراه متخبطاً في أزماته متنقلاً بينها دون خطوات حقيقية تأخذه للأمام, بل تمضي السنوات الطوال والعقود المتتابعة وهو يراوح مكانه وربما تراجع إلى الوراء.
اقرأ أيضاً
- ياسمين عز تنصح السيدات: رفقا بالرجال راعوا ظروفهم المادية
- حماية المستهلك: السوق يمر بحالة من الارتباك الشديد.. ولن نتهاون مع التجار المخالفين
- بروتوكول تعاون بين مدينة الانتاج الاعلامى واكاديمية الشروق
- بصوا لأدبها .. ياسمين عز ترد على مثيري جدل تشوّه وجه هيفاء وهبي
- امين التعليم بمجلس الاعلاميين يطالب الاهتمام بالمعلم فى عيده
- بفستان ملفت.. سالي عبد السلام تستعرض أناقتها في شهر العسل| شاهد
- امين التعليم بمجلس الاعلاميين دروس اكتوبر و المولد النبوى محفورة فى الاجيال
- احتفالية مجلس الاعلاميين الدوليين بانتصارات اكتوبر 19 الشهر الجارى
- الكاتب الصحفى محمود نفادى ضيف الاعلامية الدكتورة حياة عبدون فى برنامج إشاعة والا التاسعة مساءا
- رابح و الشريف و زاد الدين يجتمعون بامانة اعلام نقابة البترول
- كان نفسي اتجوز ظابط.. سالي عبد السلام تعلق على حفل زفافها
- امين عام التعليم بمجلس الاعلاميين يهنئ الطلبة و اولياء الامور بالعام الدراسى الجديد
وقد أثبتت تجارب المجتمعات أن الكيانات الواعية من المثقفين والمبدعين لهم دور الجسر الواصل بين السلطة والمجتمع وبين مجريات الواقع داخلياً وخارجياً وروح الشعوب, ففي كل عمليات الحفاظ على المجتمعات أو تغيير المجتمعات يعتمد الحفاظ والتغيير غالباً على وعي المثقفين والمبدعين في شتى المجالات, لتأثيرهم كأكبر قوة ناعمة مؤثرة على المجتمع تخاطب القلب والعقل معاً, وتضع بصمتها المؤثرة سلباً كانت أو إيجاباً.
لذا فإن المثقف والمبدع الواعي هو صوت الأمم ولسان حال شعوبها والعين التي يرى من خلالها المجتمع ما يحدث في العالم من اخداث وأخطار, بكافة أنواعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. والصحيه والبيئيه ومن هنا فإن الشخص الواعي بمثابة صمام الأمان لمجتمعه, حين يبصر ويحلل ويوضح الحقائق وينبه وينوه إلى المخاطر, وحين يصبح هذا الصمام محصناً بالوعي والأمانة والصدق والإخلاص يبقى المجتمع آمناً من أي مستغل أو طامع أو غزو فكري أو ثقافي يهدم بنيانه ويفتح اوصاله.
وهناك من المثقفين والمبدعين الواعين أنواع باتت واضحة وضوح الشمس, هناك نوع يكتفي بدور المتفرج إزاء ما يحدث, وكأنه غير معني بما يجري, سابحاً في قضاياه الشخصية, غارق في أمور سطحية وهامشية مستمراً في بناء اسمه وكيانه وشهرته.
وهناك نوع آخر هدام يدعوا للتشاؤم وإلقاء اللوم على المجتمعات, ويشيع ثقافة الإحباط واليأس, وهناك نوع متفشي كالخلايا السرطانية التي تنخر في عضد ووعي المجتمعات ودونا ان نتصدق لهم لنبني المجتمع ووعيه و نستمر في طرح الأفكار والنقد البناء والرفض لأي تجاوزات سياسية أو مجتمعيه ومحاربة أي سلوك عدائي, وأي آفة فكرية تصيب ثقافة ووعي المجتمعات, ومحاربه أي آفة فكرية تصيب المجتمع فالمجتمعات والأمم لا تبني بالتمني والخديعة وإنما تبني بالإرادة الحقيقة والضمائر التي تدفع للبناء بالعقل والعمل بصدق ووعي وأمانة وإخلاص. ويكون الدور الأكبر في تشكيل وخلق وعي وشخصية وثقافة الإنسان, على الأسرة, ويلي ذلك المدرسة, ثم المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والإعلام, لكشف العلل التي تقف وراء ظهور الأزمات الاجتماعية والاخلاقية, ثم الكشف عن مخاطرها على حياة الأفراد والمجتمع, ثم الدولة بشكل عام, أن الإنسان كلما أنار طريقه بالتصحيح والرقي تقلصت مساحة الظلام في جوفه والمحيطة به حتى ينعم هو والمجتمع بذلك النور وتجد الذين وصلوا لمرحلة مناسبة من التطور الذاتي يصبحون قادرين على العطاء, وخدمة مجتمعهم, فهم بدورهم يدخلون هذا الوعي لمحيطهم الاجتماعي أو المهني بطريقة مناسبة ترفع مستوى الوعي وتفتح له آفاقاً جديده. دور وسائل الإعلام في بناء الواقع وصناعة الرأي العام .