ذكريات قديمة وجميلة لانقطاع الكهرباء
- ياسر فراويلة
فى العام ٧٣ كانت الحرب على العدو الإسرائيلي والذى لايقيم اى وزن للهجوم على المدن أو المدنيين أو القانون الدولى عدو شرس ومجرم وقاتل مريض فكانت هجمات الطائرات الحربية الإسرائيلية على المدن لاتنقطع وبالتالى كانت الحكومه تلجأ لنشر صافرات الانذار من الغاره والتى كان أغلبها موجود من الحروب العالميه وايضا كانت الخنادق تملأ الشوارع وكذلك الأسوار السمكيه أمام بوابات المبانى وأرسل اغلب الأهالى أبناءهم الصغار إلى الريف حماية لهم من غارات العدو على المدن حيث المبانى الكبيره وفرص العرب منها أقل على عكس بيوت الريف التى تتألف من طابق أو طابقين فكان القرار بارسالنا الى القريه لحمايتنا وبالتالى كان بيت جدى كبير ومتسع وأمامه بيت عم أبى وابناؤه وبينهما قنطره تمكنك من العبور بين الدارين وتعلق فى حالة قطع العلاقات بين البيتين وعليه كانت تلك البيوت وايضا الزريبه الملحقه بهما والممتلئه بالمواشي والخيل وغيره واهمها هو الحمار السهل الركوب والتسليه الجميله حيث للأخطار من ركوبه أو التنزه به بين المزارع حتى لو بدون سائق فهو يعرف طريق العوده.
لكن المهم أنه لم يكن هناك كهرباء بالبلد لم تكن دخلت تلك القرى وكان الغروب بالنسبه لساكن المدينه يعنى نهاية العالم .رائحة الفرن والخطب الذى يوقدونه به السماء الممتلئه بنجوم لاحصر لها والتى لانرى منها سوى أقل القليل. حتى الشعب فى السماء عواء الذيب البعيد ونباح كلاب القريه عليه صوت الكروان الذى يشق السماء .صوت الساقيه من بعيد فهناك من يسهر عليها لرى الأرض حتى الضفدع الذى لايكل عن النقيق ولا صرصار الغيط وصافراته والتى تسكت فجأة ثم تعود مرة أخرى .والأهم هو الطبليه الكبيره والتى عليها صينيه كبيره بها ارز ابيض وسمك مشوى إلى جانب القشطه والفطير والخبز أنه العشاء والذى بعده حكايات العفاريت والنداهه وايضا الثأر والقتل ثم الخلود للنوم هدؤ لامثيل له وهو ماجعلنى أبغض النوم فى الهدؤ بل انتبه على الفور أن أصبح الجو هادئ كل نائم فى سربه بيت كبير لا توجد سوى لمبة الجاز المؤمنه حتى لاتسقط فتحرق الدار.سلالم من طين تقودك إلى سطح به أكوام من الحطب وأبراج الحمام وأسفل منه فرن وحجرة الخبيز كل هذا وانت وحدك المتيقظ مع كل احلامك وكوابيسك وقصص الرعب ولا تقطع تلك الحاله ثم سوى قيام ست الدار وبناتها فى الفجر الكداب هكذا يدعونه قبل الفجر لحلب المواشي وخض اللبن وتجهيز المنديل لسيد البيت مع قطع الجبنه والرايب واللبن والعيش الفلاحة وكان يكومه ليصحبهم معهم فى رحلته إلى الغيط عندما يسرح بمواشيه الغيط أما الخضره فهو يتحصل عليها من الغيط والتى تستمر رحلته حتى الغروب ليعود للدار مرة أخرى وقد امتلأت اضراع المواشي باللبن والخير وتبدأ رحله أخرى من تحضير العشاء للمواشي اولا وتجهيز مكان لنومها وفرش قش ليناموا عليه بعد رفع القديم والمبتل لتبدأ رحلة سيدة الدار من تحضير العشاء وصوانى الرز المعمر أو السمك المشوي هذه البيئه أنجبت علماء ومفكرين لم يكن هناك نت يسهر عليه الشباب الصباح ثم لايذهبون لمدارسهم أو مزارعهم لم تكن هناك مكيفات تطلق حراره مرتفعه لم يكن هناك مايكروويف ولا دش ولا اى وسيله سوى ممارسة الحياه بطريقه صحيحه ودونما اعتماد على أحد. تبا للكهرباء وماجرته علينا وباء الدش والناس والسهر والمقاهى حتى رائحة الفرن اختفت والخبز أصبح من الماضى واللبن عليه بودرة سيراميك واللحم مغشوش والفراخ فى ازمه حتى السمك مسمم أو بلا طعم أصبحت حياتنا كلها بالطعم أو لون او صله كل هذا قلبه على انقطاع الكهرباء والذى ذكرنا بالزمن الجميل بلاكهرباء.