التصعيد في غزة والتداعيات الاقتصادية
د. منجي علي بدرمقال / التصعيد فى غزة والتداعيات الاقتصادية لحرب اسرائيل على غزة
تستمر الأزمة المتصاعدة في غزة بين حماس واسرائيل مع الاسبوع الرابع لبدء الصراع العسكرى فى 7 أكتوبر 2023 ، لتزيد حدة الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها إسرائيل وقطاع غزة بالتزامن مع الخسائر البشرية والإنسانية الهائلة، خاصة مع بدء الاجتياح البرى لشمال قطاع غزة ومحاولة اسرائيل تقسيمه والفصل بين أجزائه لتحقق السيطرة على القطاع، وذلك وسط قلق في الأسواق العالمية من مخاطر اتساع رقعة الصراع إقليميا.
وأشارت مجلة فورين بولسي الامريكية أن الحرب لن تحلها سوى القاهرة ، وهو اعتراف من أكبر المجلات الامريكية وأوسعها تأثيرا على متخذى القرار الامريكى بأهمية الدور المصرى اقليميا وقدرة القاهرة على تهدئة الاوضاع بالمنطقة .
وقد كبدت الحرب الاقتصاد الإسرائيلي مليارات الدولارات، وقدر وزير المالية الإسرائيلي التكلفة المباشرة للحرب على قطاع غزة بمليار شيكل (246 مليون دولار) يوميا، كما أدى استدعاء 360 ألف جندي من قوتها الاحتياطية إلى شبه تعطل في الحياة بإسرائيل.
وعدّلت وكالة "ستاندرد آند بورز جلوبال" توقعاتها لاقتصاد إسرائيل إلى "سلبية ، ووضعت وكالتي "موديز" و"فيتش" تصنيف إسرائيل قيد المراجعة السلبية، وهو ما يعني احتمالية خفضه.
وتواجه صناعة التكنولوجيا في إسرائيل أزمة ستؤثر سلباً على اقتصاد البلاد، مع تجنيد عدد كبير من الإسرائيليين الذين يعملون في هذا المجال في الخدمة العسكرية ، ويرى الخبراء أن حرب غزة لها تأثير كبير بشكل خاص على قطاع التكنولوجيا الديناميكي والأكبر في الاقتصاد الإسرائيلي والتأثير المباشر للحرب على شركات التكنولوجيا جاء من خلال القوى العاملة وأن حوالي 10% من موظفي التكنولوجيا في إسرائيل جرى تجنيدهم، مع ارتفاع العدد إلى 30% في بعض الشركات.
وتمثل صناعة التكنولوجيا 18% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل البالغ 521.69 مليار دولار ، ونحو نصف صادرات البلاد و30% من عائدات الضرائب، ، وتشير التوقعات الى انخفاض معدل النمو من 3% الى 2.3% بنهاية عام 2023.
وعلى الجانب الاخر ، يواجه قطاع غزة أزمة إنسانية حادة مع نزوح مئات الآلاف من سكانه للجنوب، وتدمير المنازل والمحال التجارية وتوقف الأنشطة الاقتصادية ، واعتبر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"أن قطاع غزة شهد "16 عاما من تراجع التنمية وتدمير الإمكانات البشرية، وإن التداعيات الاقتصادية للحرب بين إسرائيل وحماس "من المستحيل تحديدها" ، ويعيش أكثر من نصف سكان القطاع في فقر، وتعرض القطاع لتدمير البنية التحتية والجامعات والمدارس والشركات والمحال التجارية، كما ألغت إسرائيل تصاريح حوالي 19 ألف عامل فلسطيني من سكان قطاع غزة كانوا يعملون في إسرائيل بشكل يومي ، ويذكر أن ما يقرب من نصف سكان قطاع غزة عاطلون عن العمل ، ويقدر الاونكتاد حجم المساعدات المطلوبة لتعويض ما جرى في غزة بسبب حصاره لسنوات طويلة بمليارات الدولارات.
هذا ، ويواجه الاقتصاد العالمي قدراً كبيرا من عدم اليقين بسبب حرب إسرائيل على غزة، علاوة على الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا منذ 24 فبراير 2022 حتى تاريخه وهذه الصراعات تؤدي أيضاً إلى تآكل الترابط الضعيف الذي لا يزال قائماً بين أكبر الاقتصادات في العالم، وأن المخاطر التي تهدد أسواق الطاقة والأسواق المالية فورية وحقيقية. فقد ارتفعت أسعار النفط مع شن القوات الإسرائيلية هجومها على غزة،
تأثير الحرب على مصر والاردن ولبنان :
تراجعت مبيعات تذاكر الطيران إلى كل من مصر والأردن ولبنان منذ بدء التصعيد في غزة ، وطبقا لمصادر رسمية فان مايحدث وضع مؤقت، وإن نسب الإشغالات في مختلف المدن المصرية طبيعية حتى الآن، وتصل إلى نحو 90 % في الأقصر، و80 % في الغردقة، وتقل إلى نحو 60 % في شرم الشيخ، كما أن نسبة إلغاء الحجوزات ما تزال في الحدود الطبيعية ولا تتجاوز 10 % وأن شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء هي أكثر المدن تأثرا في الفترة الحالية، لا سيما مع غياب السياحة الإسرائيلية التي كانت تصل إلى نحو 35 ألف سائح شهريا ، وتستهدف مصر الوصول إلى 15 مليون سائح بنهاية عام 2023 ، و 30 مليون سائح بحلول عام 2028 .
أما بخصوص الدول المستفيدة من العدوان الاسرائيلى على قطاع غزة فهى الدول التى حققت أرباح من زيادة أسعار المواد التى تنتجها وتصدرها سواء مدنية أو عسكرية ، ووضوح الرؤية من مواقف بعض الدول المتقدمة التى كانت تدعى الحياد وحقوق الانسان والعدل ، ونرى أيضا أن بعض دول الشرق الاقصى استفادت بدرجة أو بأخرى من الوضع المتأزم فى الشرق الاوسط.
==
الوزير المفوض الدكتور/ منجى على بدر
عضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة
1 نوفمبر 2023