تقرير: نقص الأخضر والوضع الاقتصادي- أسباب وحلول ونتائج
يشهد الاقتصاد المصري تحديات متعددة في الوقت الحالي، أهمها نقص العملة الصعبة، خاصةً الدولار الأمريكي، مما يؤثر على قدرة الدولة على استيراد السلع الأساسية وتوفير احتياجات المواطنين.
ففي يناير الماضي، تشير بعض الأرقام أن سعر الدولار في السوق الموازي تجاوز حاجز 70 جنيهًا مصريًا لكل دولار مع ثبات سعر الصرف في البنوك المصرية. هذا بسبب قلة توافر الأخضر في السوق المصري مع وجود التزام من الحكومة بتوفير بعض العملة من أجل الاستيراد أو لأغراض أخرى اقتصادية.
مع ذلك، اتخذت الحكومة المصرية الكثير من الإجراءات التي ساهمت بشكل ملحوظ في انخفاض سعر الدولار في السوق السوداء في مصر منها محاربة التجارة في العملة والقبض على عصابات السوق السوداء مع رفع أسعار الفائدة. تأثر أيضًا سعر الدولار في الموازي ببعض التقارير التي أشارت إلى اقتراب دخول سيولة دولارية خلال الفترة القادمة من بعض المشروعات التي يتم التجهيز لها مع بعض الاستثمارات الجديدة.
أسباب نقص الدولار في مصر
هناك العديد من الأسباب التي ساهمت في نقص العملة الصعبة وخاصة الدولار في السوق المصري. من أهم هذه العوامل هي بعض التأثيرات الخارجية ومنها الحرب في أوكرانيا التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مثل القمح والطاقة، مما زاد من فاتورة الاستيراد المصرية. ارتفاع أسعار الفائدة العالمية أدى إلى خروج بعض الاستثمارات من الدول النامية، بما في ذلك مصر. هذا إلى جانب الحرب في فلسطين وتوتر الأجواء السياسية في المنطقة وهجمات اليمنيين على القافلات التي تمر مما أدى إلى نقص إيرادات قناة السويس في نفس الوقت والتي تعد أحد مصادر الدخل القومي بالعملة الصعبة.
هناك أيضًا بعض العوامل الداخلية منها العجز في الموازنة العامة حيث يُعد تمويل العجز من خلال الاقتراض الخارجي أحد مسببات نقص الدولار. انخفاض الصادرات المصرية حيث لم تتمكن مصر من زيادة صادراتها بنفس وتيرة زيادة الواردات، وفي نفس الوقت، أدى الاعتماد على الواردات في بعض السلع الأساسية إلى زيادة الطلب على الدولار. نقص الدولار أيضًا يقود بعض المستوردين إلى اللجوء إلى السوق السوداء، والسوق السوداء تخنق الأعمال وتعيق الاستثمار وهو ما يؤدي إلى نقص الأخضر في القطاع المصرفي وهو ما يعود بالضرر على الوضع الاقتصادي.
حلول لتوفير العملة الصعبة
يشير بعض خبراء الاقتصاد إلى أنه هناك العديد من الحلول التي يمكن أن تساهم في توفير الأخضر في السوق المصري. من أهم هذه الحلول هو ترشيد الواردات حيث يجب التركيز على الواردات الأساسية، وتقليل الواردات الكمالية. يجب أن يتم زيادة الصادرات عبر دعم المنتجات المصرية في الأسواق العالمية، وفتح أسواق جديدة للصادرات. هذا إلى جانب جذب الاستثمارات الأجنبية تحسين مناخ الأعمال، وتقديم حوافز للمستثمرين، وتشجيع تحويلات المصريين بالخارج من خلال تحفيز الاستثمار في مصر وتقديم حوافز للمغتربين.
من المهم أيضًا الاستثمار في الصناعات التكنولوجية الحديثة التي تمثل أحد القطاعات الاقتصادية المستقبلية مثل صناعة ألعاب الفيديو. يمكن الاستفادة من إيرادات الألعاب الإلكترونية تُعد إيرادات الألعاب الإلكترونية مصدرًا هامًا للعملة الصعبة في مصر، حيث تُقدر قيمة السوق المصري للألعاب الإلكترونية بحوالي 1.6 مليار دولار أمريكي عام 2023، ويُتوقع أن يصل إلى 2.3 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026.
من المتوقع أن يصل عدد مستخدمي الألعاب الإلكترونية نحو 40 مليون مستخدم في مصر، وينفق المصريين الأموال على هذه الألعاب كواحدة من وسائل الترفيه سهلة الوصول. يذهب بعض مستخدمي الألعاب إلى التسجيل في مواقع كازينو اون لاين تتيح لهم الترفيه عبر العاب متنوعة مع الحصول على جوائز نقدية عند الفوز في اللعب. يمكن أن تساهم إيرادات هذه الألعاب في توفير العملة الصعبة.
نتائج نقص الدولار في مصر
هناك تأثير كبير لنقص الأخضر على المستوى الاقتصادي والاجتماعي في مصر. يُؤدي نقص الدولار في مصر إلى العديد من النتائج السلبية، منها:
-
ارتفاع أسعار السلع: يُؤدي نقص الدولار إلى ارتفاع تكلفة استيراد السلع، مما يُؤدي إلى ارتفاع أسعارها في السوق المحلية.
-
تراجع الاستثمارات: يُؤدي نقص الدولار إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية، مما يُؤثر على فرص العمل والنمو الاقتصادي.
-
تآكل احتياطيات النقد الأجنبي: يُؤدي نقص الدولار إلى تآكل احتياطيات النقد الأجنبي، مما يُؤثر على قدرة مصر على سداد ديونها الخارجية.
-
زيادة معدلات التضخم: يزداد الضغط على الجنيه المصري، مما يُؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم.
-
صعوبة الحصول على العملة الصعبة: يُواجه المستوردون والمصنعون صعوبة في الحصول على العملة الصعبة، مما يُؤثر على قدرتهم على استيراد المواد الخام والسلع الأساسية.
-
تراجع ثقة المستثمرين: يُؤدي نقص الدولار إلى تراجع ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، مما يُؤثر على تدفقات الاستثمارات الأجنبية.
من الناحية الاجتماعية، هناك بعض النتائج التي تشمل ارتفاع معدلات الفقر حيث يُؤدي نقص الدولار إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما يُؤثر على قدرة المواطنين على تلبية احتياجاتهم الأساسية. هذا إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة حيث يُؤدي نقص الدولار إلى تراجع الاستثمارات، مما يُؤثر على فرص العمل.
توقعات للوضع الاقتصادي في مصر
من المتوقع أن يستمر نقص الدولار على المدى القصير، خاصةً مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتوتر الأوضاع السياسية في المنطقة ودخول مصر في مشروعات ضخمة أهمها العاصمة الإدارية الجديدة وارتفاع أسعار السلع الأساسية على المستوى العالمي. إلا أن التوقعات تشير أيضًا إلى أنه سيحدث تحسن للأوضاع على المدى المتوسط مع تطبيق الإصلاحات الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية. لذلك، من المهم أن تستمر الحكومة المصرية في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة نقص الدولار وتحقيق الاستقرار في السوق المصري.