في حضرة منبر الأوقاف ..
التفسيرات الخاطئة للنصوص الدينية.. كيف يساهم الخطاب الديني في البناء الفكري للطفل والأسرة؟
هنـاء شلتـوتالأوقاف: هناك بعض التفسيرات الكارثية اندست في كتب التفاسير
المفهوم السلفي للمرأة يرى عدم خروجها من المنزل إلا مرتين.. الأولى عند زواجها والثانية حال وفاتها
الإسلام اهتم بتربية الأطفال منذ الصغر وحث على تنشئتهم بعيدا عن التعصب ورفض الآخر
ابن "حجر العسقلاني" تلقى العلم على يد أكثر من مائة امرأة.. وبعض الصحابيات خرجن في الغزوات مع الرسول
نركز على الموعظة الموجهة للنساء لأنهن قوام التربية.. وما زال لدينا تعجب من جلوس المرأة في دروس الدين
الاختلاف سنة الله في عبادة.. ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة
الخطاب الديني صنعة ثقيلة، تضطلع بأعباء جسام لتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة، التي لم تسلم الأسرة المصرية وفي مقدمتها المرأة من أذى تفسيراتها الكارثية الآن، وذلك على النقيض من الوضع الذي اتسم بالتقدير والمساواة والمسؤولية لكل من المرأة والطفل في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
ولا ريب أن العالم بأسرة قد عانى كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية من أثار الخطابات الدعوية التي تتسم بعضها بالعنف الإقصائي، والهجومي على الآخر، سواء فرادى أو جماعات، الأمر الذي ينعكس بدوره على ثقافة المجتمعات التي أصبحت في أمس الحاجة إلى خطاب بعيدا عن سياقات الغلو والتأويل ولفظ الآخر.
ولأن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، والطفل هو حجر الزاوية فيها، فقد أثرنا التطرق إلى قضية الخطاب الديني، ودور منابر وزارة الأوقاف المصرية في مواجهة أزمة التفسيرات الخاطئة للنصوص الدينية، ومردودها على الأسرة، وكيف اعتنى الإسلام بالبناء الفكري للأطفال من الصغر.
الشيخ شهاب عبد الحليم، إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية، قال لـ"الميدان" إن الأسرة مكون أساسي من دعائم تكوين المجتمعات والدول، وقوامها قوام لهما وهدمها هدما لهما، وأشار إلى أن الإسلام الحنيف اهتم بالحفاظ على الأسرة، لذلك أمر بالتربية والتعليم والزواج وبر الوالدين وصلة الأرحام حفاظا عليها، موضحا أن الأسرة الواحدة ليست على فكر واحد ولا تفكير واحد، فهم مختلفون في التفكير والآراء كاختلاف الأصابع في اليد الواحدة، وهذه سنة الله في عبادة، ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك.
اقرأ أيضاً
- الأوقاف : افتتاح مسجد السيدة زينب يوم عيد لمحبي آل البيت
- ريهام حافظ تكتب : المرأة والعنكبوت والتوت
- هناء شلتوت تكتب: ”متدين بطبعه”
- بهدف موديست..الأهلي يخطف فوزًا مثيرًا من بلدية المحلة بالدوري العام
- الأوقاف تعلن قرارًا جديدًا بمنع تصوير الجنازات
- ماذا قال جوميز قبل مواجهة الزمالك ونهضة بركان في ذهاب نهائي الكونفدرالية؟
- ليفركوزن يقصي روما ويتأهل لنهائي الدوري الأوروبي
- تعديل موعد مواجهة منتخب مصر وبوركينا فاسو في تصفيات المونديال
- أتالانتا يفوز على مارسيليا ويتأهل لنهائي الدوري الأوروبي ويواجه ليفركوزن
- لمنع الغش .. توجيهات صارمة داخل مدارس القليوبية خلال الامتحانات
- ريال مدريد يتأهل لنهائي الأبطال بعد ريمونتادا مثيرة على بايرن ميونخ
- بحضور المخرج وبطلة العمل.. العرض التجاري الأول لفيلم جحر الفئران لمحمد السمان بسينما زاوية
أثر التفسيرات الدينية الخاطئة على المرأة
وحول خطورة التفسيرات الدينية الخاطئة ومردودها على المجتمع بشكل عام والمرأة بشكل خاص، قال إمام الأوقاف إن هناك بعض التفسيرات الخاطئة التي اندست في كتب التفاسير أو فهمت فهما خاطئا عن طريق بعض مدعي العلم هنا وهناك، وهذه التفسيرات نقوم بدورنا بإلقاء الضوء عليها وشرحها، كما نحرص على تقديم الشرع على بعض العادات والتقاليد الاجتماعية الخاطئة التي تستهدف حقوق المرأة أو محاولة النيل منها، فهناك على سبيل المثال بعض العادات والموروثات الخاطئة تقول لا نورث النساء هكذا عاداتنا!.
كما أن هناك بعض التفسيرات المغلوطة التي تقف عائقا ضد تمكين النساء في الوظائف القيادية، وبعض النساء يتعلمن ويحصلن على الشهادات الجامعية العليا مما يجدر بهن أن يكن في منصب قيادي وهذا لا حرج فيه، فلشيخ الإسلام أمير المؤمنين في الحديث الإمام ابن "حجر العسقلاني"، أكثر من مائة شيخة في العلم والحديث، وهذا دليل أنه لا حرج عند علماء المسلمين في ذلك، مؤكدا أننا نرى الآن في مجتمعاتنا العربية والإسلامية المرأة وزيرة وسفيرة، بل وبعض الآراء الفقهية تفوض لها قيادة الدولة الآن لأننا لسنا تحت خلافة عظمى كما كنا في السابق.
وتابع: كما توجد وزيرات ومحافظات من النساء، توجد كذلك ربات البيوت ودورهم لا يقل أبدا عن هؤلاء الوزيرات، ومن الممكن والطبيعي أن تكون هذه الوزيرة تربية ربة منزل فلا فرق عندنا في ذلك، فقد ربتني أمي -حفظها الله- وهي التي تعلم الأجيال في المدارس الابتدائية، ثم هي ربة منزل من الدرجة الأولى، فقد قامت خير قيام بالمهمتين معا، مدرسة وربة منزل، حيث ربت أربعة أبناء كلهم من خريجي الأزهر الشريف.
المرأة ما زالت تعاني من بعض أشكال التمييز
وبشأن استمرار معاناة المرأة من بعض أشكال التمييز، أكد أن المرأة في مجتمعنا ما زالت تعاني إلى الآن من التمييز ضدها، وروي موقفا خلال محاضرة له في بعض مراكز الشباب والوحدات الصحية بالمناطق الشعبية أو الريفية، وكان الحضور من السيدات، حيث تساءلت بعضهن: كيف لامرأة أن تجلس وتسمع درس دين؟ أو تخرج للصلاة؟ أو تكون طبيبة أو مهندسة؟ خاصة أن أزواج المستقبل يريدون أن يحصلوا على مرأة لا تخرج إلا مرتين فقط، مرة من بيت أبيها لبيته عند الزواج بها، ومرة عند وفاتها، مؤكدا أن هذا هو المفهوم السلفي للمرأة نتيجة الفهم الخاطئ للنصوص الدينية، وأن نشر مثل هذه الأفهام في أوساط أناس هو من قبيل الزور والبهتان، نتيجة عدم وجود خطاب في السابق يعمل على تصحيح المفاهيم ويناهض الأفكار الشاذة.
وأضاف، أن من ضمن التمييز ضد المرأة في بعض القرى الريفية، أنها لا تتعلم، ولا يجب أن تعمل، وعند سن الخامسة عشرة تتزوج وهي لا علم عندها، ولا فقه، ولا إحساس بالمسؤولية، ولا دراية بطرق تربية الأطفال ولا ولا، المهم ألا يتكلم علينا الناس حتى لا يطلقوا عليها مصطلح (عانس) -بحسب قوله-، وهذا لعمر من الجهل الضارب في أذهان بعض الناس، متناسين أن بعض الصحابيات خرجن في الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تطببن المرضى والجرحى، وأنه كان يعلى من قدر نسائه ويشاورهن في كافة قراراته، ومن ثم فهذه بعض من الصور النمطية المجتمعية التي يقع علينا عبء مواجهتها جنبا إلى جنب مع شيوخ الأزهر والإفتاء والدعاة.
عناية الإسلام بتربية الأطفال فكريا وترسيخ قبول الآخر
وفي إطار آخر، ذهب إمام الأوقاف إلى توضيح عناية الإسلام ببناء الأطفال فكريا وترسيخ ثقافة قبول الآخر لديهم، مؤكدا أن الإسلام اعتنى بالأطفال عناية خاصة، وحث على الاهتمام بهم براعم وصبيان، حتى قبل ولادتهم ومجيئهم إلى هذه الحياة، بتهيئة بيئة أسرية مناسبة لهم، كما أوجب على الوالدين حسن رعايتهم وتربيتهم وفق مبادئ وأسس تسهم في بناء شخصيتهم بشكل متوازن، كما اهتم الإسلام بترسيخ مكارم الأخلاق منذ الصغر لدى الأطفال، فالأخلاق هي التي تبنى روح الطفل وفكره وسلوكه ويتعلم مع كبره أن هناك آراء أخرى، ومن ثم يصبح لديه استعداد لتلقي هذه الآراء وقبولها والتفكير فيها فينشأ على عدم التعصب والحجر على الرأي الآخر، وهذا هو ديننا وسماحته.
كما أشار إلى منح الإسلام للطفل حق التعليم حيث يعد التعليم من حقوق الطفل الواجبة على الآباء تجاه أبنائهم، فعن أبي رافع قال: قلت: يا رسول الله، أللولد علينا حق كحقنا عليهم؟ قال: "نعم، حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي، وكذا حق الحياة، وحق الكرامة ولقد كرمنا بني آدم، وحق الاحترام: في الحديث: ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا، وعن سهل بن سعد قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم-بقدح فشرب وعن يمينه غلام أصغر، والأشياخ عن يساره، فقال: يا غلام أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ؟ فقال ما كنت لأوثر بفضلي منك أحدا يا رسول الله، فأعطاه إياه، وفقد علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوضح مثالا في احترام الطفل.
الفتيات في ميزان الخطاب الديني
وشدد إمام الأوقاف، على التركيز في تقديم الموعظة للنساء أكثر، لأنهن كل المجتمع وعليهن قوام التربية والتعليم، وهن اللاتي يقمن على تعليم الطفل منذ الصغر وترسيخ القيم والأخلاق، موضحا أنه إذا ما كانت الفتاة نفسها دون علم ولا دين ولا خلق، فبالتالي لا بيت لا أسرة لا مجتمع لا دولة.
مردود الحوار داخل الأسرة الواحدة
وعن أهمية وجود حالة حوار داخل الأسرة الواحدة، قال الشيخ شهاب عبد الحليم، إنه بحكم عمله في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، كإمام وخطيب مسجد، يحتك بالناس ويسمع مشكلاتهم وتعرض عليه أسئلة من رجال ونساء وفتيات وأطفال صغار وأبرز الأسئلة التي تتردد علينا كثيرا تنصب في شؤون تربية الأبناء، ومسألة الطلاق والميراث وفقه الطهارة والصلاة، إلا أن أغلب الأسئلة تأتي في سياق مسألة الطلاق، وهذا دليل أن الناس لا تعلم خطورة الأمر، ولا كيف تهدم الأسرة في غياب حالة الحوار فيما بينهم.