رانيا براغيث تكتب: أدارت ظهرها !
أدارت ظهرها الي أيام مليئة بالضجيج .. رأسها مليئة بأفكار متداخلة مع بعضها بشكل مخيف .. ذكريات بعيده لا تكاد تتعرف علي أي منها إلا من خلال تلمسها لأشياءها القديمة .. ومضات بيضاء مع أخري فضيه تتراقص أمام عينيها .. نبضها سريع .. يديها ترتجف .. وجهها شاحب .. تجر قدميها ببطء و تفتح جفونها بتثاقل .. رحلت غير عابئه بعمر بددته في النواح و العليل علي ثمرة كمثري كانت تتمني أن تتذوق حبيبات سكرها علي طرف لسانها .
ربما يحرر و ينطق بما يريد دون قيود أو ضغوط .. سلبتها رؤيتها الضبابية للمستقبل لذه الاستمتاع برائحه الحاضر لأن دخان الماضي ملا اذنيها .. تجردت من حذائها و سارت حافيه القدمين علي رماد جمر كان مشتعلا بقلبها .. ارتدت ثوبا بلون الشفق يشف و يكشف عن مفاتن عروس جميله يغطي الشيب شعرها المنسدل علي أحلامها الضائعه في اللحاق بسفينه نوح التي نسجت كل آمالها في اعتلاء ظهرها كي تنجو من طوفان الياس الذي بات مسيطرا علي أشعه الشمس .
لماذا هجر وجدانها الهدوء ..و كيف استحوذت علي خواطرها كل هذه الشكوك حول حقيقة الوجود ... استلقت علي الشاطيء ليلا و أخذت تسافر مع كل نجمه الي بعد مختلف في كل سماء إلي أن التحمت بضوء القمر و استمدت منه قوه كانت تنشدها منذ طفولتها .. غفت و نامت كملاك هارب من أشباح جنه لا يسكنها إلا الأطلال ..و بعد انقضاء الوقت المحدد للعصيان و التمرد علي الكبت و القهر الذي عانته من كونها أنثي في كوكب يعج بأفكار ذكوريه أصابها العقم من العتمة التي تمحو بيها آثار سحر حواء علي لون الزرع و هدوء البحر ..آفاقت من حزنها و سري الأمل و تجدد بعروقها فانتفضت و تحممت بندي الفجر و مره اخري من جديد تزينت بضحكه ملأت وجنتيها و اضاءت ملامح وجه استرد كل ما هو جميل من ضياء و نور و انتعلت صندلا من الزعاف و فستانا رقراق يغرد طربا من ملامسته جلدها الناعم و يكشف عن جسد ممشوق يضاهي في خيلاؤه نخله شامخه تري الوجود من الأعالي صغيرا بجانب ثقتها بتاثيرها علي اوتار الزمن .
اصطحبت صاحبيها كلبها و الكتاب و حمله سله بها برقوق و قررت أن تعود مره اخري الي جزيره التوابين التي سكنتها الطيور ..فهناك عالمها الذي تتصالح فيه مع نفسها ..عالم تحلق فيه مع الفراشات ..عالم لا يوجد به غل أو حقد أو ظلم أو كراهية .. عالم به فقط الرقراقين الذين عادوا و ذهبوا و عادوا من حقبه زمنيه شوهتها ذنوب الحرمان .. فتركوا الذنوب و تفوقوا علي الحرمان و حملوا متاعا و زادا من الحمد و التسبيح و توحدوا في أجساد تسكنها سلام و عظمه الروح القدس .. حتي اندمجوا فيها و معها .. و استشعروا الأمان في حياه نقيه صوفيه أبديه .