الصين تساهم بشكل كبير في جهود أفريقيا لإيجاد طرق جديدة للتخفيف من حدة الفقر
بقلم ليانغ سوو لي
إعلامية صينية
ستعقد قمة منتدى التعاون الصيني- الأفريقي (فوكاك) 2024 في العاصمة الصينية بكين في الفترة من 4 إلى 6 سبتمبر الجاري. وعلى غرار السنوات السابقة، تواصل وسائل الإعلام الغربية الترويج لما يسمى بنظرية "فخ الديون الصينية" وتشويه سمعة الصين والعلاقات الصينية الأفريقية. ومع ذلك، فإن الحقائق تتحدث بصوت أعلى من الكلمات، إذ ساهم تمويل التنمية الصينية في تعزيز التخفيف من حدة الفقر في أفريقيا ومساعدتها على استكشاف الحلول عندما وقعت في مشكلة الديون.
أولا، يجب أن يوضح أن الصين ليست الدائن الرئيسي للدول الأفريقية. وتظهر إحصاءات الديون الدولية لعام 2023 التي أصدرها صندوق النقد الدولي مؤخرا أن السندات التجارية والديون المتعددة الأطراف تمثلان 66 في المائة من إجمالي الديون الخارجية لأفريقيا، وفي حين أن الديون الثنائية بين الصين وأفريقيا لا تمثل سوى 11 في المائة من إجمالي الديون الخارجية لأفريقيا.
إضافة إلى ذلك، ظلت الصين تشارك بنشاط في تخفيف أعباء الديون للدول الأفريقية، حيث وقعت اتفاقيات أو توصلت إلى توافقات مع 19 دولة أفريقية بشأن تخفيف أعباء الديون تحت إطار مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين التي أطلقتها مجموعة العشرين، كما هي الدولة التي علَّقت أكبر قدر من مدفوعات خدمة الدين بين أعضائها. على سبيل المثال، شاركت الصين بنشاط في تسوية الديون لزامبيا وغيرها من البلدان، وساعدتها على صياغة استراتيجيات التنمية من خلال التشاور على قدم المساواة دون ربط شروط سياسية أو التدخل في الشؤون الداخلية، وهذا يختلف تماما عن نهج الدول الغربية.
وفي الوقت نفسه، قامت الصين بإعفاء 17 دولة أفريقية من الديون في شكل قروض حكومية بدون فوائد كان من المقرر استحقاقها بحلول نهاية عام 2021 في إطار فوكاك. إلا أن الحل النهائي لمشكلة الديون لا بد أن يعتمد على "التنمية"، ولن يتسنى للدول الأفريقية أن تخرج بشكل أساسي من معضلة الديون التي تواجهها إلا من خلال مساعدتها على حل العقبات التي تعترض التنمية.
لذلك، قدمت الصين سلسلة من اجراءات المساعدة لأفريقيا تحت إطار فوكاك. وساعدت أفريقيا في بناء عدد كبير من المستشفيات والمدارس والمرافق المدنية الأخرى من خلال المساعدات المجانية والقروض بدون فوائد كما قامت المؤسسات المالية السياسية الصينية بتقديم المساعدة بشكل نشط للدول الأفريقية، حيث يتم توفير الدعم المالي للبنية التحتية مثل السكك الحديدية والطرق السريعة والكهرباء. وقد تجاوز إجمالي تمويل صندوق التنمية الصيني الأفريقي لأفريقيا 6.6 مليار دولار أمريكي، ما شمل 39 دولة أفريقية، كما ساهم في وصول إجمالي استثمارات الشركات الصينية في أفريقيا إلى أكثر من 31 مليار دولار أمريكي.
وفقا لـ"تقرير التنمية لمبادرة الحزام والطريق بين الصين والدول الأفريقية" الصادرة عن مكتب المجموعة القيادية لتعزيز مبادرة "الحزام والطريق" واللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح وسلطات أخرى في 29 أغسطس الماضي، شاركت الشركات الصينية في بناء وتجديد أكثر من 10 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية وما يقرب من 100 ألف كيلومتر من الطرق السريعة وألف جسر، بالإضافة إلى ما يقرب من مائة ميناء و66 ألف كيلومتر من خطوط النقل والتحويل للطاقة الكهربائية، و150 ألف كيلومتر من شبكات الاتصال الأساسية في الدول الأفريقية. وقد أرست الأساس للحد من الفقر والتنمية المستقلة في أفريقيا.
إن القضاء على الفقر هو المهمة المشتركة للبشرية والتطلع المشترك للشعوب الأفريقية، وكان الحد من الفقر دائما جزءا مهما من التعاون الصيني الأفريقي.
على مر السنين، حافظت الصين وأفريقيا على سياسة الشفافية والعملية والحميمية والصدق، ونفذت بنشاط "مخطط الصين والاتحاد الأفريقي لتعزيز التعاون في مجال الحد من الفقر"، وأجرت التبادلات والتعاون في مجال الحد من الفقر في إطار فوكاك، وحققت نتائج ملحوظة. وأشار التقرير المذكور أعلاه إلى أنه حتى نهاية يونيو من هذا العام، قد قدمت الصين مساعدات مالية إلى 53 دولة أفريقية ونفذت عددا من مشاريع تساعد في رفع مستوي معيشة الشعب مثل الغذاء وإمدادات المياه ورعاية النساء والأطفال والتعليم، ليستفيد منها أكثر من 10 مليون شخص.
ولنأخذ "برنامج الحد من الفقر وتطوير الزراعة" كالمثال والذي يعد أحد "البرامج التسعة" التي تنفذها الصين والدول الأفريقية بشكل مشترك، قد أنشأت الصين ونفذت 47 مشروعا في مجالي الحد من الفقر والزراعة، ودربت ما يقرب من 9 آلاف من القوى العاملة الزراعية، وشاركت أكثر من 300 تقنية متقدمة وقابلة للتطبيق، وأفادت أكثر من مليون مزارع في أفريقيا.
وقد أدت تكنولوجيا جيونتساو الصينية إلى زيادة دخل مئات الآلاف من الأشخاص، كما أدت تكنولوجيا الأرز الهجين الصينية إلى زيادة إنتاج الأرز في العديد من البلدان من طنين إلى 7.5 طن لهكتار واحد. كما أنشأت الشركات الصينية مجمعات للتعاون الزراعي ومصانع لتجهيز المنتجات الزراعية في أفريقيا، مما زادت القيمة المضافة للمنتجات الزراعية المحلية وفتحت "قناة خضراء" لتصدير المنتجات الزراعية الأفريقية إلى الصين. وعقدت أيضا عددا من الدورات التدريبية للكوادر الشعبية الأفريقية لتبادل وتقاسم الخبرات في مجال الحد من الفقر.
إن ما يسمى بـ"فخ الديون الصينية" ليست سوى كذبة من جانب الدول الغربية التي تحاول إضعاف التعاون بين الصين وأفريقيا. والحقيقة هي أن التعاون بين الصين وأفريقيا لا يعزز التنمية الاقتصادية في أفريقيا فحسب، بل يقدم أيضا مساهمات مهمة في الحد من الفقر العالمي.
وبالتطلع إلى المستقبل، فإن الصين مستعدة لمواصلة استخدام منتدى التعاون الصيني-الأفريقي كمنصة، ومواصلة التمسك بمفهوم التعاون المتمثل في سياسة الشفافية والعملية والحميمية والصدق، ومواصلة تعميق التعاون مع الدول الأفريقية، وخاصة في مجالات التخفيف من حدة الفقر وتشييد البنية التحتية والطاقة الخضراء، من أجل المساهمة في تنمية الاقتصاد وتحسين معيشة الشعوب لأفريقيا، وأن تصبح داعما قويا لأفريقيا في استكشاف مسارات جديدة نحو التحديث.