على الولايات المتحدة التخلي عن هوسها بلعبة محصلتها صفر
بقلم ليانغ سوو لي
إعلامية صينية
في ظل موجة العولمة الحالية، تتزايد التفاعلات والتعاون بين الدول، وأصبحت الاستجابة المشتركة للتحديات العالمية الموضوع الرئيسي للعصر. ومع ذلك، من المقرر أن يقدم مجلس النواب الأمريكي ما يصل إلى 28 مشروع قانون يستهدف الصين خلال الأسبوع الذي يطلق عليه كثيرون "أسبوع الصين"، وتحاول تعزيز "نظرية التهديد الصيني" من خلال الوسائل التشريعية.
إن مشاريع القوانين هذه واسعة النطاق وتغطي العديد من المجالات، بما في ذلك مراقبة الصادرات ورافعات الموانئ والأمن البيولوجي والزراعة، وقضايا هونغ كونغ وتايوان، وحتى تستهدف معهد كونفوشيوس، الذي يدعو إلى "السلام هو الأكثر أهمية"، وإنه أمر سخيف.
وراء هذه الوسائل التشريعية الأمريكية تكمن في الحقيقة التفكير في لعبة محصلتها صفر. وإن هذا النوع من التفكير يهدف لتبسيط العلاقات الدولية وتحويلها إلى علاقة تنافسية إما أن تكون معي أو ضدي، أو أن تخسر أنت وأربح أنا، متجاهلة حقيقة الاعتماد المتبادل والتنمية المشتركة بين الدول في ظل العولمة. تتمتع الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما أكبر اقتصادين في العالم، بتعاون وتبادلات واسعة النطاق في العديد من المجالات مثل الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والثقافة. ومع ذلك، اختارت الولايات المتحدة مواجهة الصين من خلال الوسائل التشريعية، وهذا النهج لا يساعد في حل الخلافات بين الجانبين فحسب، بل قد يؤدي إلى تفاقم التوترات والإضرار بمصالح البلدين والعالم.
يعد فرض عقوبات أحادية الجانب وولاية قضائية طويلة الذراع من خلال الوسائل التشريعية للحد من نشاط شركة أو دولة معينة هي ممارسة معتادة للولايات المتحدة. وتستخدم الولايات المتحدة العقوبات كخيار أول لحل المشاكل الدبلوماسية وتحاول إجبار الدول الأخرى على الخضوع من خلال الضغط الاقتصادي، وهذا النهج لا يؤتي ثماره، بل يؤدي إلى كوارث إنسانية.
ولنأخذ "قانون قيصر" الذي نفذته الولايات المتحدة ضد سوريا كمثال، فاستخدمت الولايات المتحدة ذريعة "حماية المدنيين" لتوسيع نطاق العقوبات الاقتصادية والسياسية ضد سوريا، لتشمل تقريبا جميع الصناعات
المرتبطة بالاقتصاد الوطني ومعيشة الشعب في سوريا، مما أدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية ومعاناة المواطنين السوريين.
وفي الوقت نفسه، سيكون للعقوبات الأحادية الجانب تأثير على الاقتصاد العالمي وتقويض استقرار النظام التجاري الدولي. خذ العقوبات والقيود التجارية التي فرضتها الولايات المتحدة على الشركات الصينية كمثال، حيث تحاول الولايات المتحدة قمع الشركات الصينية في السوق الدولية. ومع ذلك، فإن هذا النهج لا يضر بمصالح الشركات ذات الصلة فحسب، بل قد يؤدي أيضا إلى عدم الاستقرار في السلسلة الصناعية وسلسلة التوريد العالمية. وعلى المدى الطويل، لن يؤدي ذلك إلا إلى خلق المزيد من الحواجز التجارية والحصار التكنولوجي، وهو ما سيضر في نهاية المطاف بمصالح الاقتصاد العالمي والمستهلكين.
إن "نظرية التهديد الصيني" هي عبارة عن سوء فهم طويل الأمد للصين من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى. وكثيرا ما تنظر هذه النظرية إلى التنمية الطبيعية التي تشهدها الصين باعتبارها تهديدا وتحديا لمصالح الولايات المتحدة والدول الغربية، حيث تتبنى سلسلة من تدابير المواجهة والاحتواء.
ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أن تنمية الصين هي تطوير قوة السلام في العالم، فالصين هي من أنصار عملية العولمة، وليست "تهديدا" بأي شكل من الأشكال. تلتزم الصين دائما بمفاهيم التنمية السلمية والتعاون المربح للجانبين في السياسة الخارجية، وتسعى إلى إقامة علاقات دبلوماسية متناغمة وودية مع الدول الأخرى في جميع أنحاء العالم. إن التنمية في الصين لم تعزز ازدهارها الاقتصادي وتقدمها الاجتماعي فحسب، بل قدمت أيضا مساهمات مهمة في النمو الاقتصادي العالمي والحد من الفقر. وتشارك الصين بنشاط في بناء نظام الحوكمة العالمية وإصلاحه، وتعزز بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
ذكّرتنا الحملة التشريعية خلال "أسبوع الصين" في الولايات المتحدة مرة أخرى بأن التفكير في لعبة محصلتها صفر لم يعد يلبي احتياجات عالم اليوم. في مواجهة التحديات العالمية والأوضاع الدولية المعقدة والمتغيرة، قد أصبح التعاون والفوز المشترك خيارا حتميا للعصر الجديد. لذلك، ندعو الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى إلى التخلي عن لعبة محصلتها صفر، والمشاركة في بناء وإصلاح نظام الحوكمة العالمية بموقف أكثر انفتاحا وشمولا وتعاونا. وفي الوقت نفسه، نتطلع أيضا إلى تعزيز التواصل والتعاون بين الصين والولايات المتحدة، والمساهمة معا بالحكمة والقوة في بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.