إختلاف الرأى يفسد للود قضية !!
كاتب صحفي - السيد الجمل
منذ خلق الله الأرض وأرسي قواعد التعايش فيها بدأً من القصة المعروفة لإبنى آدم عليه السلام حين حسد الاخ أخاه وأختلافا فى الرأى وتحاكما إلى تقديم القربان ، وهى أول قصة إنسانية للأختلاف فى الرأى والحسد والكراهية وأنتهت بالإقتتال ، وأنهى قابيل حياة أخيه بسبب إختلاف الرأى الراجع في أساسه إلى الغيرة والمكابرة والحسد ، بينما رفض هابيل خيار القتل وأحتكم لصوت العقل بقوله" لئِنْ بَسَطتَ إِليَّ يدَك لتقتلني ما أَنا بباسطٍ يدِيَ إِليكَ لأَقْتُلك إِنِّي أَخافُ الله ربَّ العالمينَ"، لأن فيه تشريعاً لمبدأ التصفية، لتصبح الغلبة للقوى جسمانيا وتصبح المراهنة على السكوت والانصياع للرأى أو التهديد بالموت، لذا أرسى هابيل قاعدة التعايش مع الاختلاف ونبذ العنف .
والاختلاف هو أساس الكون، وبدونه بالتأكيد لا تستقيم أمور الحياة ، ولو إسترجعنا ألاحقاب الزمنية الماضية سنجد الآلاف من القصص التى تخبئ فى طياتها الكثير من الشر نتيجة إختلاف الرأى والتشبث بالرأى حتى لو كان خطأ .
والإختلاف في الرأي يمثل جزءاً من خصوصية العقل البشري بل إنه يميز الإنسان عن غيره من المخلوقات، لكن يبدو أن بعض البشر لهم رأيًا مختلفًا، فالإختلاف بنظرهم لا يعني سوى الكراهية المتبادلة، والمشكلة أن كل فريق يرى نفسه هو الأصح، وكل من عاداه باطل، هذه الفكرة المترسبة في الوجدان البشري تجعلنا غير قادرين على تقبل الآخر، أو الإعتراف بوجوده حتى، إذا نظرنا عن قرب، سنكتشف أن كل الصراعات، والحروب، والقتال، وحتى المشاحنات الصغيرة اليومية بيننا ، تنطوي على هذه الفكرة، أنت مختلف معي في الجنس، في العقيدة، في المبادئ، في الجنسية، في الأفكار، في الميول، حتى فى الرياضة لو كنت أهلاويا أو زملكاويا ، كل هذه الإختلافات تكبر وتتحول كل يوم إلى فجوة عملاقة تدق ناقوس الخطر .
اقرأ أيضاً
- باريس سان جيرمان يفسد خطط مانشيستر يونايتد
- صحيفة أمريكية: لافروف قد يفسد زيارة بلينكن إلى إفريقيا
- فتاوى تشفي الصدور .. هل يفسد الصيام إذا تأخر الغسل من الجنابة لبعد الفجر؟.. «الإفتاء» تجيب
- هل يفسد «إنريكي» منتخب إسبانيا كما فعل مع برشلونة؟
- النحاس يفسد مخطط المقاصة للوصول إلي إيهاب جلال
- وادي دجلة يفسد أفراح الشرقية بثنائية
ولا أدرى من صاغ عبارة "إختلاف الرأى لايفسد للود قضية " فقد إنقلبت تلك العبارة فى زمن المشاحنات وأصبح الاختلاف خلاف وأصبح اختلاف الرأى يفسد كل قضايا الود بل ويزيد الكره والبغض بين المتحاورين ، بل وابتعد المتحاورين عن الحوار العاقل بمفهومه ومضمونه الذي طالما تمنيناه كثيرا، وبفضل الإعلام الأصفر الكاذب والطابور الخامس وكتائب التواصل الاجتماعى الذين لا همٌ لهم إلا خلق الفتن والاحقاد وساد المجتمع مناخ من الخصومة المريرة والعداء والكراهية المسموسة شرقا وغربا . وفى ظل إنتشار مواقع التواصل الاجتماعي أصبح هناك حالة من الانقسام الحاد وعدم إحترام الآخرين ، وأصبح معظم الناس يمارسون نوعا من الرذيلة الحوارية ، ليصبحوا مجرد قوافل ردود وقذف وكومنتات على كل ما يتحرك لمجرد خلاف في الرأي . حتى فى ممارسة الرياضة أصبح بعد كل مباراة رياضيه بين فريق وفريق كمية شتائم وسب وقذف بين مشجعى الفريقين ،و من هذا المنطلق يجب علينا ترسـيخ فـكرة تقبل الإخـتلاف فى الرأى ، بداية من القول وصولاً إلى الفعل . وصدق الامام الشافعى حين قال“رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب”. فإذا تأملنا فيه فسوف نتأكد أننا نحتاج إلى تعلّم ثقافة الإختلاف لا الخلاف، فليس كل ما يُعجبك بالضرورة سيُعجب الآخرين، وكما قيل الناس فيما يعشقون مذاهبُ، وقيل أيضا لولا إختلاف الأذواق لبارت السلع. فهل حقا نتقبل الرأى الآخر ونحترم الانتقاد؟