بالبحيرة....أم وابنتها يلقيان ربهما حاملتين القرآن الكريم
محمد هشامعندما تكون الحياة مسرحًا للعطاء، والرحيل سيمفونية خالدة، فإن قصصًا كقصة الطالبة سعاد رجب المزين ووالدتها عبير تُسطَّر بماء الدموع ونور الإيمان.
كانت سعاد، ابنة البحيرة، تحفظ كتاب الله في قلبها، وتحمل بين ثنايا صوتها العذب رسالة السماء.
جاءت إلى بورسعيد للمشاركة في المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الديني، وقفت أمام لجنة التحكيم، فأدهشتهم بتلاوتها التي حملت خشوعًا وعذوبة كأنها ترتل من جنان النعيم.
وإلى جوارها، وقفت والدتها عبير، العين تتابع واليد تمتد لمراجعة الآيات، وكأنها تُهدي نورًا من نورها لابنتها، رفيقة الروح.
ما إن انتهت المسابقة، حتى استقلت الأم وابنتها سيارة الميكروباص، عائدتين إلى ديارهما في محافظة البحيرة، تُرافقهما أحلام الانتصار في الدنيا والآخرة، لكن القدر كان على موعد معهما، فكانت الطريق إلى البحيرة طريقًا إلى السماء، وقع الحادث، وصعدت روح سعاد إلى بارئها فورًا، تحمل بين يديها آيات النور.
ولم تلبث والدتها سوى دقائق حتى لحقت بها، كأن قلبها أبى أن ينبض في غيابها، تاركتين خلفهما شقيقة سعاد، مريم، التي أصيبت في الحادث، تصارع جراحها الجسدية والنفسية.
القائم على المسابقة بورسعيد الدولية، نعى بمرارة الفقيدة ووالدتها، ووصفهما بأنهما "غادرتا الدنيا وهما حاملتان لكتاب الله، في رحلة من النور وإلى النور".
سعاد وأمها لم ترحلا فقط؛ بل تركتا لنا درسًا عن ارتباط القلوب بالقرآن، وعن الأمومة التي تتجاوز حدود الدنيا، لترافق الأرواح إلى الفردوس، الرحمة لروحيهما، والشفاء لشقيقتها المصابة.