العالم العربي وتدشين مسيرة التصنيع(1)
د.لو ينغ بوه
بروفسور قسم اللغة العربية بجامعة اللغات والثقافة ببكين
اقرأ أيضاً
- رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات: الدورة الحالية من ”وطن رقمي” تسلط الضوء على التوعية بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتطبيقاتها العملية بالمصانع الذكية
- الصين تكشف عن حجم تجارتها مع الدول العربية في 2023
- وزارة العمل: بحث سبل التعاون مع جامعة المنوفية لدعم الشباب وتأهيلهم لدخول سوق العمل
- وزير الاتصالات: 135 خدمة حكومية على منصة مصر الرقمية
- برلماني:مصر اقتحمت الثورة الصناعية بقوة ونجاح ويجب ألا نعتمد على الاستيراد فقط
- المشاط في "دافوس": وضعنا اهتماما كبيرا بمواكبة الثورة الصناعية الرابعة
- تقنية الجيل الخامس تلعب دورا رياديا في تحقيق الثورة الصناعية الرابعة
- إريكسون تطلق حلول اتصال خلوية لتسريع الثورة الصناعية 4.0 من خلال تقنيات اتصال لاسلكية موثوقة
- "شوقى" يوقع بروتوكول مع IBM لتأهيل الشباب للعالم الرقمى والثورة الصناعية
- وزير التجارة والصناعة يترأس وفد مصر في اجتماعات قمة أعمال الصين والدول العربية
- وزير الصناعة يفتتج فعاليات معرض " الصين والدول العربية " ..غداً
- السياحة: مفاوضات مصرية صينية لزيادة الرحلات بين القاهرة وبكين
بصفتي أستاذاً متخصصا في اللغة العربية وثقافتها في إحدى الجامعات الصينية، تمكنت من تكوين علاقات الصداقة مع العديد من الأصدقاء العرب خلال مسيرتي المهنية في التدريس التي دامت ما يقرب من عشرين عاماً، ومن بينهم مسؤولون حكوميون وأساتذة جامعيون، وكانت أغلبيتهم من الطلاب العاديين. وفي عملية التفاعل والتبادل معهم، يمكنني أن أتعمق في شعوري بأن أصدقائي العرب معظمهم يقدرون تقديرا عاليا لنتاج سياسة الإصلاح والانفتاح التي طُبقت في الصين منذ عام 1978م، والتي تعتبر نقطة الانطلاق للتصنيع في الصين والدافع والسبب المباشرين للتطور الاقتصادي السريع، وكان إصرار السيد دنغ شياو بينغ زعيم الصين حينذاك ومثابرته على عملية التصنيع يضع البلاد على الطريق الصحيح للثورة الصناعية لأول مرة منذ حركة التغريب في عام 1861م حيث لم تجد بدا من أن تلجأ إلى الدول الغربية لتقتدي بها في نمط التنمية لتقوية قوة الدولة وباءت بالفشل مرارا وتكرارا مهما كانت الوسائل والطرائق التي حاولت بها. وفي السنوات الأربعين الأخيرة منذ بداية تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، أكملت الصين ثورتها الصناعية الأولى بعد أكثر من مائة سنة من التجربة الفاشلة، والتي كانت مهمتها الرئيسة تتلخص في تحويل الحبوب الغذائية الزائدة إلى سلع استهلاكية صناعية (مثل المنسوجات)، ثم على أساسها بدأت الثورة الصناعية الثانية في أواخر التسعينات، والتي كانت تتميز بإنتاج الآلات على نطاق واسع، مما شجع على مواصلة تطوير الإنتاجية ومهد الطريق للسوق لكي يتوظف بفاعلية مع تدخل الحكومة ان دعت الضرورة لتجنب مساوئ اقتصاد السوق الذي قد تتعطل من حين الى آخر بسبب من الأسباب. وخلال هذه الفترة انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية، مما أتاح لها الفرصة السانحة لزيادة اندماجها في تقسيمات الأعمال في السوق العالمي حتى يتشكل الدائرتان الاقتصاديتان للبلاد محليا ودوليا.
على الرغم من أن العالم العربي يعاني من مشاكل عدم توازن في توزيع الموارد وعدم التكافؤِ في خطوات التنمية، إلا أن المنطقة العربية بأكملها مليئة بموارد الأيدي العاملة الناجمة عن نسبة الشباب العالية في المجتمع من الشرق إلى الغرب، وإذا أمن البدء بالتصنيع في هذا السياق، فمن الممكن تحويل هذه الميزة إلى عائد ديمغرافي ضخم قد يطلق سراح كمية هائلة من قوة الإنتاج بما يفوق حسبان كل الناس، حيث سيتم تحقيق التنمية الذاتية والسير قدماً على طريق التحول من دول نامية إلى دول متقدمة صناعيا.
سيأتي افتتاح هذا المسار شهادة على تحسين القوة الجوهرية لأي بلد أو منطقة أو أمة، مما يجعلها لم تعد تابعة لأي قوة دولية، تماما مثل أي تغيير نوعي أساسي طرأ على تاريخ البشرية ولا يمكن تحقيقه من خلال الترقب أو التعهد أو التوسل، ولا ينفع أن نعلّق آمالا عريضة على غيرنا للحصول على التقنية الجوهرية لدفع تدشينه، والسبيل الوحيد لتحقيقه هو الاعتماد على العمل الدؤوب باستغلال الموارد البشرية والمادية والفكرية للبلاد والأمة برمتها للتغلب على شتى العراقيل الممكنة في طريق تطورها حتى الاهتداء إلى سر النجاح، وهذا مثل جاء في المثل العربي: الجاهل يعتمد على أمله والعاقل يعتمد على عمله.