فاتن فتحي تكتب: تحديات التمريض المنزلي لذوي الإعاقة.. الواقع والمأمول

التمريض المنزلي جزء لا يتجزأ من النظام الصحي المتكامل، خاصة للمرضى المعاقين الذين يحتاجون إلى رعاية دقيقة ومستمرة.. حيث الرعاية المنزلية من أهم الوسائل لتقديم الدعم للأشخاص لأولئك الأشخاص، إذ إنه بوفر بيئة مألوفة وآمنة تساعد على تعزيز رفاهية المريض وحمايته من التحديات اليومية التي قد يواجهها في المستشفيات أو المؤسسات الصحية.
فالتمريض المنزلي يمثل دورًا حيويًا في حياة المرضى ذوي الإعاقة، إذ يتضمن هذا النوع من الرعاية مجموعة من الأنشطة الطبية وغير الطبية التي تُساعد في تحسين صحة المريض، وتعزيز استقلاليته الذاتية في بيئة مهيئة خصيصا ومألوفة له مرتكزة على ثلاثة محاور.
1. الرعاية الشخصية: تشمل مساعدة المرضى في المهام اليومية مثل الأكل، والنظافة الشخصية، وتغيير الملابس، وهو ما يساعد في الحفاظ على كرامتهم.
2. العناية الطبية: يشمل تقديم العلاج اللازم مثل تناول الأدوية، ومراقبة العلامات الحيوية، وتقديم الإسعافات الأولية عند الحاجة.
3. دعم الأسرة: يوفر التمريض المنزلي الدعم والتدريب لأفراد الأسرة لتقديم الرعاية اللازمة بالشكل الصحيح. هذا يقلل العبء عن الأسرة ويُحسن نوعية الحياة لجميع أفراد العائلة.
ونظراً للاهمية البالغة للتمريض المنزلي لذوي الإعاقة ضمن منظومات الصحة العامة فى دول العالم المختلفة نسوق بعض الأمثلة لجهود الدول المتقدمة والدول العربية مقارنة بالجهود التى تبذلها الدولة المصرية سواء على المستوى الرسمي أو الأهلى.
• المملكة العربية السعودية: تهتم المملكة بتوفير رعاية صحية شاملة للمواطنين، ولا سيما فئة ذوي الإعاقة. في عام 2020، أطلقت وزارة الصحة السعودية برنامج "الرعاية الصحية المنزلية"، الذي يهدف إلى تقديم الرعاية الصحية للمصابين بالإعاقة في منازلهم. وقد أظهرت الإحصائيات أن أكثر من 500,000 شخص في السعودية يعانون من إعاقة، وهناك زيادة ملحوظة في الطلب على خدمات التمريض المنزلي في السنوات الأخيرة.
• الإمارات العربية المتحدة: تعتبر الإمارات من الدول الرائدة في توفير خدمات التمريض المنزلي لذوي الإعاقة. تقوم وزارة الصحة ووقاية المجتمع الإماراتية بتوفير خدمات رعاية منزلية متكاملة للمصابين بالإعاقة، ويشمل ذلك الرعاية الطبية والدعم النفسي والاجتماعي. في عام 2021، تم توفير خدمات التمريض المنزلي لأكثر من 50,000 مريض من مختلف الأعمار في الإمارات.
• أما في مصر، لا تزال خدمات التمريض المنزلي لذوي الإعاقة في مراحلها الأولى مقارنةً بالدول الأخرى، رغم أن هناك عددًا من المبادرات الحكومية وبعض المنظمات غير الحكومية التي تقدم هذه الخدمة، إلا أن هناك نقصًا حاداً في الكوادر المدربة وموارد التمويل اللازمة لتوسيع نطاق هذه الخدمات. ومع ذلك، أظهرت دراسة أجرتها وزارة الصحة أن حوالي 20% من مرضى الإعاقة في مصر يحتاجون إلى خدمات رعاية منزلية.
• وفي دول مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، يعد التمريض المنزلي جزءًا رئيسيًا من النظام الصحي، خاصة لذوي الإعاقة. في ألمانيا، حيث يتم توفير الرعاية المنزلية بشكل موسع من خلال التأمين الصحي الوطني، الذي يغطي التكاليف بشكل جزئي أو كامل وفقًا لاحتياجات المريض. وفقًا للتقرير السنوي للجمعية الألمانية للرعاية المنزلية، فإن أكثر من 1.5 مليون شخص في ألمانيا يتلقون خدمات رعاية منزلية، بما في ذلك ذوي الإعاقة.
• وفي الولايات المتحدة، تعتبر الرعاية المنزلية من العناصر الأساسية في نظام الرعاية الصحية. وفقًا للمعهد الوطني للإعاقة، يعيش حوالي 56 مليون شخص في الولايات المتحدة مع شكل من أشكال الإعاقة، ويعتمد العديد منهم على خدمات التمريض المنزلي. وتشير الإحصائيات إلى أن حوالي 2.6 مليون شخص في أمريكا يتلقون خدمات التمريض المنزلي.
التحديات التي تواجه التمريض المنزلي لذوي الإعاقة
على الرغم من الأهمية الكبيرة للتمريض المنزلي في تحسين جودة حياة المرضى ذوي الإعاقة، إلا أن هناك عدة تحديات تواجه هذه الخدمة:
1. نقص الكوادر المدربة: في العديد من الدول، خاصة في المنطقة العربية، لا توجد أعداد كافية من الممرضين المدربين على تقديم الرعاية المنزلية لذوي الإعاقة. وهذه مشكلة تتطلب حلولًا سريعة مثل برامج التدريب المتخصصة.
2. التمويل والتغطية التأمينية: في بعض البلدان، مثل مصر وبعض الدول العربية الأخرى، لا توجد تغطية تأمينية كافية لخدمات التمريض المنزلي، مما يزيد العبء المالي على الأسر.
3. قلة الوعي والخدمات المتاحة: في بعض الدول، لا يزال الوعي بالخدمات المتاحة محدودًا، مما يجعل أسرة المريض غير مدركة لأهمية التمريض المنزلي خاصة في تحسين الصحة البدنية والنفسية لأفرادها ذوي الإعاقة.
متطلبات تحسين وتوسيع التمريض المنزلي لذوي الإعاقة
1. توسيع برامج التدريب: يجب على الدول العربية وغيرها الاستثمار في تدريب المزيد من الممرضين لتلبية الطلب المتزايد على التمريض المنزلي لذوي الإعاقة.
2. زيادة الوعي: من الضروري زيادة الوعي بين الأسر وذوي الإعاقة حول أهمية الرعاية المنزلية ووجود خدمات التمريض المنزلي.
3. توفير الدعم المالي: يجب على الحكومات والجهات المعنية توفير تمويل أكبر لتغطية تكاليف خدمات التمريض المنزلي عبر الأنظمة التأمينية أو الدعم الحكومي.
أخيراً.. التمريض المنزلي يمثل حجر الزاوية في تحسين جودة حياة الأفراد ذوي الإعاقة. ومع زيادة الوعي وتحسين البرامج التدريبية وتوفير الدعم المالي الكافي، يمكن تحقيق تطور كبير في هذا المجال. يجب على الدول أن تبذل جهدًا أكبر لتوسيع نطاق هذه الخدمات وتقديمها بأسعار معقولة لكل من يحتاج إليها.