العالم يركز على الصين

افتُتِحَت الدورة الثالثة للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني والدورة الثالثة للجنة الوطنية الرابعة عشرة للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني في الرابع والخامس ومن مارس 2025 على التوالي في العاصمة بكين. كواحدة من أهم الأحداث في التقويم السياسي الصيني، ونافذة مهمة لرؤية الصين وفهمها، قد أصبحت الدورتان السنويتان مرة أخرى محط أنظار العالم. تتوقع الدول العاليمة وتؤمن بأن مرونة الاقتصاد الصيني وانفتاحه على العالم بمستوى عالٍ سيستمران في تقديم المزيد من فرص النمو الاقتصادي العالمي، كما أن التحديث على النمط الصيني سيقدم المزيد من القصص والخبرات القابلة لمشاركة الدول التي تبحث عن طريقها للتقدم، وسيضيف تحمل الصين لمسؤولياتها كدولة كبرى المزيد من الاستقرار واليقين لعالم مضطرب.
إن ما يشغل بال المجتمع الدولي أكثر من أي شيء آخر هو كيف تستطيع الصين أن تجلب المزيد من الفوائد للعالم على أساس تعزيز تعافيها الاقتصادي بشكل أكبر. تشير البيانات إلى أن الاقتصاد الصيني شهد تحسنًا عامًا في عام 2024، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5٪، ويظهر هذا الإنجاز على المستوى العالمي، ولكن في مواجهة بيئة دولية معقدة ومتغيرة، فإن الطريقة التي تحدد بها الصين هدفها للنمو الاقتصادي لعام 2025 ستؤثر بشكل مباشر على ثقة السوق العالمية. ويتطلع المجتمع الدولي إلى أن تواصل الصين الحفاظ على النمو الاقتصادي المطرد مع ضخ المزيد من الزخم للانتعاش الاقتصادي العالمي.
لقد كانت سياسة الانفتاح رفيعة المستوى التي تنتهجها الصين دائمًا محط اهتمام المجتمع الدولي، حيث تمكنت الصين في السنوات الأخيرة من جذب قدر كبير من الاستثمار الأجنبي من خلال سلسلة من التدابير، مثل توسيع فرص الاستثمار الأجنبي وتحسين بيئة الأعمال. وقد وصل استخدام الصين في عام 2024 الفعلي لرأس المال الأجنبي إلى مستوى مرتفع جديد، مما يدل على ثقة رأس المال الدولي في السوق الصينية. خلال الدورتين السنويتين لهذا العام، ستقدم الحكومة الصينية المزيد من تدابير الانفتاح لتوفير المزيد من فرص الاستثمار للشركات العالمية. إن هذا الموقف المنفتح لا يساهم في التنمية المستدامة للاقتصاد الصيني فحسب، بل يوفر أيضًا دعمًا مهمًا للانتعاش الاقتصادي العالمي.
ويعد التحديث على النمط الصيني موضوعًا مهمًا آخر في الدورتين هذا العام، لأنه على النقيض من نموذج التحديث الغربي، حيث يركز التحديث الصيني على الرخاء المشترك والتنمية المستدامة والوئام الاجتماعي، لا يوفر هذا النموذج مسارًا جديدًا للتنمية في الصين فحسب، بل يوفر أيضًا خيارات جديدة للدول النامية الأخرى، فالحكومة الصينية تنجح في تحسين مستويات معيشة الشعب بشكل كبير من خلال سلسلة من التدابير، مثل التخفيف من حدة الفقر وتنشيط الريف. فقد وصل نصيب الفرد من الدخل المتاح للسكان الريفيين في الصين عام 2024 إلى 3170 دولارًا أمريكيًا، بزيادة فعلية قدرها 6.3٪ على أساس سنوي، مما أدى إلى تقليل الفجوة بين الريف والحضر بشكل أكبر، إن هذا الإنجاز لا يعكس فقط تفوق التحديث على الطريقة الصينية، بل يقدم أيضًا تجارب قيّمة للدول النامية الأخرى.
في ظل الاضطرابات العالمية، يظهر تحمل الصين لمسؤولياتها كدولة كبرى. في السنوات الأخيرة، قامت الحكومة الصينية من خلال المشاركة النشطة في الحوكمة العالمية وتعزيز التعاون متعدد الأطراف، بدور مهم في مواجهة تغير المناخ وتعزيز بناء الاقتصاد الإقليمي وترقية صناعة الطاقة، مما أضاف المزيد من الاستقرار واليقين للعالم. خلال جلسات هذا العام، تأمل الصين في تقديم المزيد من خطط الحوكمة العالمية الأفضل، وتعزيز التعاون لمواجهة التحديات، واللعب بدور إيجابي في تنمية العالم واستقرار المنطقة.
ومن الجدير بالذكر أن معدلات الموافقة على المقترحات في الدورتين السنويتين في السنوات الأخيرة كانت مرتفعة جدًا، حيث بلغت العام الماضي 95.1٪ و96.1٪ على التوالي. وتعكس هذه الظاهرة فعالية حوكمة الحكومة الصينية وتوفير خبرة قيمة للعالم. إن استقرار الصين وتنميتها لهما أهمية كبيرة بالنسبة للعالم. إن الدورتين السنويتين، اللتين تقفان عند إحداثيات تاريخية جديدة، سوف تتخذان بالتأكيد موقفًا جديدًا، وترسمان مخططًا جديدًا، كما ستواصل الصين أيضًا التحرك نحو هدف التنمية عالية الجودة، وستجلب الإلهام والتنوير للعالم بثقتها ومزاياها في العصر الجديد، وتواصل تقديم مساهمات أكبر لتعزيز التعافي الاقتصادي العالمي والحفاظ على السلام والاستقرار العالميين.