منطقة بوآو شبه الخالية من الكربون: نموذج صيني للتحول الأخضر

بقلم ليانغ سوو لي
إعلامية صينية
باعتبارها المقر الدائم لمنتدى بوآو الآسيوي، حققت بوآو إنجازات بارزة في مجال التحول الأخضر، لا سيما من خلال إنشاء منطقة شبه خالية من الكربون، التي تمثل نموذجًا عمليًا صينيًا للحياد الكربوني في المناطق الاستوائية عبر حلول ابتكارية منهجية.
هذا المشروع يعكس التزام الصين الاستراتيجي بتقليل الانبعاثات وإبداعها في تحقيق ذروة الكربون والحياد الكربوني.
تمتد المنطقة النموذجية في جزيرة دونغيوي بمحافظة بوآو في مقاطعة هاينان على مساحة 1.8 كيلومتر مربع، ومنذ بدء إنشائها عام 2022، سجلت انخفاضًا حادًا في انبعاثات الكربون عبر إصلاحات متكاملة في قطاعات البناء والطاقة والنقل. ووفقًا للبيانات، تراجعت إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من 12 ألف طن عام 2019 إلى 470 طنا فقط، أي بانخفاض مذهل بلغ 96.2%، مما جعلها واحدة من أكثر المبادرات نجاحًا عالميًا في هذا المجال.
في قلب المنطقة، تشكل "المباني ذات الاستهلاك الصفري للطاقة" حجر الزاوية في التنمية المستدامة. بفضل الواجهات الذكية ذات النوافذ المتحركة، أنظمة التظليل ثلاثية الأبعاد بالنباتات، والأسطح باستخدام الألواح الشمسية وطبقات عازلة للماء والحرارة، إلى جانب أنظمة التبريد الفعالة، نجحت هذه المباني في تحقيق الاكتفاء الذاتي بالطاقة بنسبة 100%. بلغت إنتاجية الطاقة النظيفة السنوية 32 مليون كيلوواط/ساعة، ما يكفي لتلبية احتياجات المنطقة البالغة 17 مليون كيلوواط/ساعة، بل ويحقق فائضًا سنويًا يصل إلى 7720 طنا من الكربون المخزن.
إلى جانب ذلك، أصبحت التكنولوجيا المتقدمة جزءًا من الحياة اليومية، مما جعل مفهوم خفض الكربون أكثر قربًا من الناس.
على سبيل المثال، يتم توليد الكهرباء من توربينات هوائية مصممة على شكل أزهار لتزويد المباني المحيطة بالطاقة، وتشغل بالطاقة النظيفة ماكينات القهوة الذكية عبر مسح رمز الاستجابة السريعة، بينما تقوم أجهزة إعادة التدوير الذكية "كربون كيوب" بتحويل الأكواب المستعملة إلى موارد قابلة لإعادة الاستخدام.
هذه الابتكارات لا تعزز الاستدامة البيئية فحسب، بل تدمجها أيضًا في تفاصيل الحياة اليومية، مما يخلق نموذجًا للحياة منخفضة الكربون.
وكمنصة للحوار الإقليمي، أكد منتدى بوآو الآسيوي في تقريره السنوي "التنمية المستدامة في آسيا والعالم 2024" أن تحول الطاقة هو المفتاح لتمكين آسيا من احتضان ثورة الصناعة الخضراء وتحقيق التنمية الخضراء.
وتأتي المنطقة النموذجية في بوآو كتطبيق عملي لهذه الرؤية، حيث تقدم خبرات قابلة للتكرار والتوسع، خصوصًا في المدن الاستوائية، من خلال مزيج مبتكر من التكنولوجيا المتقدمة، والتكامل المنهجي، وتحسين الآليات.
اليوم، أصبحت جزيرة دونغيوي أكثر اخضرارًا ونقاءً، حيث انخفض المتوسط السنوي لتركيزات الجسيمات الدقيقة (PM2.5) بنسبة 40% مقارنة بفترة ما قبل إنشاء المنطقة، كما شهد التنوع البيولوجي تحسنًا ملحوظًا. وعلى هذه المساحة الصغيرة التي لا تتجاوز 2 كيلومتر مربع، تكتب الصين فصلًا جديدًا في التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
تؤكد تجربة منطقة بوآو شبه الخالية من الكربون أن تحقيق الحياد الكربوني ليس مجرد التزام بيئي، بل فرصة استراتيجية للتحول الاقتصادي.
ومع استمرار التطور التكنولوجي ونضوج النماذج التشغيلية، من المتوقع أن يلهم هذا "النموذج الأخضر" المزيد من مشاريع تحديث المدن، مما يضخ طاقة مستدامة في مسيرة الحياد الكربوني العالمي.
وكما شدد منتدى بوآو الآسيوي، فإن التنمية الخضراء ليست خيارًا، بل ضرورة لتمكين آسيا من لعب دور ريادي في المستقبل، والمساهمة بالحكمة الشرقية في بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية.