الأحد 20 أبريل 2025 03:25 مـ 21 شوال 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

    المرأة والمنوعات

    امرأة واحدة خرّبت الفردوس

    في كل حكاية خرافية تُروى على ألسنة الجدات، غالبًا ما تكون المرأة هي بداية المصيبة أو نهايتها، فهي التي أخرجت آدم من الجنة، وهي التي جلبت اللعنة، وهي أيضا من جرّت البشرية إلى العذاب، وذلك بحسب ما رسّخته تفسيرات دينية مغلوطة وروايات شعبوية ساذجة، حتي تحوّل ذلك المفهوم إلى إرث ثقيل، تَشربته المجتمعات جيلاً بعد جيل، وصار من المسلمات أن يُقال: "امرأة واحدة خرّبت الفردوس".
    ومع أن النصوص الدينية الصحيحة لم تفرق بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، فإن سطوة التشدد والتطرف الفكري تحت عباءة الدين ألقت بظلالها القاتمة على المرأة العربية، وجعلتها المتهمة الأولى في كل مشهد، والمذنبة حتى تثبت براءتها، فتلك هي الثقافة السائدة التي أفرزها مجتمعا يوصف طوال الوقت بالمجتمع "المتدين بطبعه"، رغم وجود الكثير من العادات النمطية التي تميز بين المرأة والرجل على أساس الوظيفة والحالة الاجتماعية وأشياء أخرى ما أنزل الله بها من سلطان، لدرجه اعتقاد الأجيال الصاعدة أن تلك العادات هي أساس الدين وهي بعيده كل البعد عنه، فتلك الأجيال لا تعلم سوي أن "حواء أخرجت أدم من الجنة"، وأن "النساء خلقن من ضلع أعوج"، وأن "غالبية أهل النار من النساء"!.

    لكن ماذا لو قلنا إن تلك السرديات، منذ بداياتها، كانت محض افتراء وتفسيرات مغلوطه؟ ماذا لو أعدنا النظر في التراث والموروث، لا لنتنكر له، بل لنُنقّيه مما علق به من شوائب ظلمت المرأة وخلّدت التمييز كأنه قدر لا مفر منه؟.
    الوقت قد حان لأن نُعيد رواية القصة، وأن نكتب فصلاً جديداً لا ترويه الجدات بل ترويه النساء بأنفسهن.

    المرأة في الحضارة الفرعونية..
    لعل المدهش في الحكاية أن التاريخ، كما تخبرنا أوراقه المنسية، لم يكن دائمًا ضد المرأة، بل على العكس، فلو عدنا إلى جذور الحضارة الفرعونية، لاكتشفنا أن المصري القديم تعامل مع المرأة بقيم لم تبلغها كثير من المجتمعات الحديثة، فقد كانت المرأة عنده شريكة في القرار، ومُحرّمة على الأذى، حتى أن جرائم التحرش والاعتداء كانت تُقابل بحزم بالغ.

    وبالدليل التاريخي، رُصدت أول واقعة تحرش جنسي في التاريخ في مصر القديمة عام 1200 قبل الميلاد، حيث كشفت بردية فرعونية محفوظة الآن في المتحف البريطاني تفاصيل قضية عامل يُدعى "بانيب"، أحد أمهر نقاشي المقابر في مدينة طيبة، وقد تم فصله بعد ثبوت تحرشه بالفتيات، فلم تُغفر له مهارته، ولم تُنقذه شهرته، لأن الجُرم كان ضد المرأة.

    أي مفارقة هذه، حين يُظهر لنا الماضي ما نغفله في الحاضر؟! عامل نحات يُعاقب في زمن الفراعنة، بينما اليوم تُخفّف الأحكام لأمثاله بدعوى "الوضع الاجتماعي" أو "الوظيفة المرموقة".

    القاضي والحسناء..
    فما بين "بانيب" الفراعنة وقاضٍ معاصر تناوب على اغتصاب فتاة رفقة رجل أعمال، لم يتغير شيء سوى المسمّى الوظيفي، فالجرائم هي ذاتها، لكن الأحكام تختلف باختلاف الجاني: إن كان رجلاً ذا منصب، تُخفى جرائمه خلف عنوان صحفي من نوع: "رغبة متوحشة تدمر مسيرة قاضٍ"، أو "إحالة رجل أعمال للجنايات بتهمة اغتصاب حسناء"!، وجميعها عناوين لمعلومات وأخبار مضللة.

    اقرأ أيضاً

    فأين الجريمة إذن؟ في الفعل؟ أم في وصف الضحية؟! لماذا تُختزل الفتاة في "الحسناء"، بينما يُعرّف المجرم بوظيفته المرموقة؟ هكذا يتم تكريس التمييز اللغوي والاجتماعي ضد المرأة، حتى في تفاصيل العناوين الصحفية، حيث الرجل هو الفاعل، والمرأة هي "المفعول بها" دائماً.


    تمكين المرأة وأهمية فهم النصوص الشرعية..
    ومع تطور المفاهيم التي شهدها العصر الحالي أصبحنا نسمع كثيرا عن مفهوم "تمكين المرأة" هذا المفهوم الجذّاب المتداول في المؤتمرات والخُطب، لم ينجُ هو الآخر من براثن التفسيرات الدينية المتشددة، التي تُحرم المرأة من أبسط حقوقها بحجة "القوامة"، و"الاختلاط"، و"الولاية الشرعية"، فقد سمعنا كثيراً عن "تمكين المرأة"، لكننا قلّما رأينا آثاره حقيقية على الأرض، ولا يخفى علينا أن بعض بيئات العمل باتت غير آمنة للنساء ومازالت تحمل المزيد من التمييز ضدهن، فالمرأة صعب أن تصبح مديرة في بعض المؤسسات على الرغم من أن ذكاء الأنثى يضعها جيدا في مراكز صنع القرار، وكثيرا لا تعتمد بعض جهات العمل على المرأة إلا في حالات الدوام الجزئي في تفضيل صريح للرجل على المرأة في هذا الأمر بعيدا عن اعتبارات الكفاءة والخبرات الأكاديمية أحيانا، لذا تستحوذ المرأة على رقم كبير في نسبة البطالة بالوطن العربي.

    أما إذا تحدثنا عن تمكينها سياسيا فلا شك أن تعزيز المشاركة السياسية للمرأة يعكس وضعها الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع وهو ما يعكس أيضا مسألة تمكينها في مجتمعها، ومع ذلك فما زلنا لا نرى نسبة مقاعد كبيرة للمرأة في المجالس النيابية أو الوزارات الحكومية.

    وكما يقف البعض حجر عثرة في طريق تمكين النساء سياسيا ووظيفيا، نجد أحجارا أخرى في طريق تمكينها اقتصاديا في أبسط الأمور وأقل الحقوق، مثل حرمان المرأة من حرية التصرف في ذمتها المالية، فتجد بعض الأزواج يتعاملون مع الذمة المالية لزوجاتهم باستباحة شديده فطالما أنها تعمل يفرض عليها التكفل معه بمصاريف المنزل بل أحيانا تتكفل النساء بالأمر كاملا، في حين يرتكن الأزواج إلى مبررات واهيه لعدم العمل والتكاسل عن أدا دوره الطبيعي، وهنا يتعمد البعض حرمان المرأة من أمر منحها الدين حرية التصرف فيه بأن يمنعها من التصرف في مالها أو يأمرها بأن تتصرف فيه على وجه خاص، على الرغم من أنه ليس له ولاية على مالها، وهو ما أكده المولى عز وجل في سورة النساء حينما قال: « الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ»، وهنا فضل الله تعالى الرجال على النساء في أمور، وفضل النساء على الرجال في أمور أخرى.

    فقد عقب المولى عزل وجل بـ "وبما أنفقوا" ليدل على أن النفقة حق من حقوق المرأة على زوجها، فيما يمنع البعض الأخر زوجاتهم من العمل ركونا إلى فتاوى متشددة تمنع اختلاط المرأة بالرجل، في حين أنا لنا في رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم نموذجا وقدوة حينما تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها، وكانت صاحبة حسب ونسب، وكانت أيضًا من أثرياء مكة، ولها تجارتها ومالها ولم نسمع قط عن حرمان الرسول لها من ذمتها المالية أو تجارتها.

    على الجانب الأخر تجد بعض الأزواج يتعاملون مع الزوجة على أنها خادمة في بيتها فحسب، عليها السمع والطاعة وتنظيف المنزل والقيام بمهمات الطبخ والكنس وخلافة، في حين أن الفقهاء الأربعة أجمعوا على أن خدمة المرأة في بيتها ليس واجبا عليها، كما أن الشرع الشريف لم يُوجب على المرأة خدمة زوجها إلَّا ما جرت به العادة في حدود طاقتها وبما لا يعود عليها بالضرر في دينها أو دنياها، أو يُفْسِد عليها مقصودها، وقد نَصَّ جمهور الفقهاء على أنَّه لا يجب علي المرأة شيءٌ من الخدمة إلَّا ما جرت العادة بقيامها به، وهو ما قاله العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع" (4/24، ط. دار الكتب العلمية): «ولو جاء الزوج بطعام يحتاج إلى الطبخ والخبز فأبت المرأة الطبخ والخبز -يعني بأن تطبخ وتخبز- لا تُجْبَر على ذلك إن أبت، ويؤمر الزوج أن يأتي لها بطعام مهيأ»، و يا ليتهم يفقهون.


    التهمة "عزباء" و"خرابة بيوت"..
    أزمات التمييز بين الرجل والمرأة لا تقف عند حدود التحرش أو التصنيف على اعتبارات وظيفية وشكلية فحسب، فهناك من الصورة النمطية التي تعرضن لها نساء وفتيات المجتمعات العربية بسبب "الحالة الاجتماعية" لمجرد عادات وتقاليد بالية برئ منها الدين براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فلا شك أن الإسلام كرم المرأة ومنحها حقوقها كامله وساوى بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات، إلا أن طريقة تعاطى المجتمع مع كل ما يخص المرأة بات يحمل المزيد من الاستفزاز والتجني.

    فحدث ولا حرج عن تعاطى المجتمع مع "العزباء" و"المطلقة" وكذلك "الأرملة" التي عليها المكوث في المنزل منذ انتهاء مراسم الدفن حتى يشاء الله وتنتقل روحها إلى الرفيق الأعلى وبخاصة في المناطق الشعبية وقرى الريف، "فمن منزل الزوج للقبر" هكذا توصى الأسر العربية فتياتها عند الزواج في مخالفه صريحه للإرث الديني ووصايا الشرع الشريف، فبمجرد تفكير المطلقة أو الأرملة في الزواج مرة أخرى والخروج من دائرة التمييز الجندري ضدها تقوم الدنيا ولا تقعد، وكأنها تقترف جريمة يُعاقب عليها القانون والدين في ادعاء باطل وعادات اجتماعية ظالمة.

    فالمطلقة في نظر هؤلاء هي "خرابة بيوت" لما تجلبه هذه الكلمة من "عار" لبعض السيدات، والعزباء هي "العانس" كما ينعتهن المجتمع الذكوري على الرغم من أن كلمة "عانس" تطلق على الذكر والأنثى في اللغة العربية، و"الأرملة" هي الأنثى التي تظل محاطة بالمحدقين والمراقبين لأنفاسها وأفعالها، ولا يأبه أحدهم أن يتدخل في حياتها بشكل سافر وملاحقتها متى شاء وكأنها مستباحة للجميع.
    وأذكر يوما قصة واقعية لإحدى زميلاتي العزيزات التي كان للقدر كلمته في انتهاء زواجها بوفاة الزوج بعد معاناه مع أحد الأورم الخبيثة، والتي رغم معرفتي بها طيلة سنوات عمل جمعتنا إلا إنني فوجئت بها تروى لي ذات يوم قصة زواجها وكيف تبدلت حالتها الاجتماعية وأضحت أرملة بين عشية وضحاها، الأمر عند هذا السرد لا يبدو مدهشا فكثيرا ما نواجه مثل هذه المآسي في حياتنا العابرة، إلا إنني واجهت المأساة الأكبر عندما أخبرتني بإصرارها على إخفاء "حالتها الاجتماعية" طيلة حياتها عن دائرة معارفها الخارجة عن حدود العائلة حتى لا تصبح مطمعا لهذا وذاك!! بدت قصتها صادمة لي بعض الشيء، حتى تدبرت الأمر أيقنت أنها قد تكون على صواب رغم "قسوته" إلا أنه يبدو وكأنه "الصواب المر" في هذا المجتمع "المتدين بطبعه".

    هل تبادر إلى أذهانكم أن من منحها القدر لقب "متزوجة" ومَن عليها المجتمع بتمام نصف دينها كما يدعى البعض، قد هربت من أزمات التمييز؟!، بل خدعوك فقالوا "دي راحت بيت عدلها"، فمنذ توقيت دخولها إلى "بيت العدل" كما ينعته تراثنا البالي، تبدأ معاناة من نوع أخر وأسئلة من العيار الأكثر استفزازا، من الأم تارة والحماه تارة والعمه والخالة والجد والجدة والمعارف والأصدقاء تارة أخرى، فعلى الزوجة المسكينة منذ خروجها من قاعة الفرح الاستعداد لسيل الأسئلة الوجودية من نوعية: "مفيش حاجه في السكة" -كناية عن الحمل-، وإذا مَن الله عليها بالذرية الصالحة يأخذ السؤال شكل أخر: "مش ها تخاويه"، أما إذا أنجبت "أنثي" فستتحول حياتها إلى جحيم حتى تنجب الذكر وكأن الأمر بيدها لا بيد خالقها وخالقهم، أما من لم يحالفها القدر بالقدرة على الانجاب فستُنعت بـ"العاقر" أو "الأرض البور" حتى الممات، وكأن الحمل واجب بيولوجي لا يحتمل التأخير، فقد تغافل الخلق أو تناسوا قول الخالق عز وجل في كتابه العزيز: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } [ الشورى 49-50].


    التطرف العاطفي "الراجل ما يعيطش"..
    التطرف العاطفي أيضا يأتي ضمن أسباب أزمات النوع الاجتماعي، حيث لا تلقى مشاعر الأنثى الجارفة تجاه الرجل استحسانه بعض الأوقات، ولا ريب أن سعادة النساء هي انعكاس طبيعي لصحة علاقاتهن بالمجتمع سواء كانت علاقة زوجيه أو أخوية أو أسرية، فنمطية التعبير عن المشاعر أيضا عليها عبئ كبير في الأزمة، فالصور النمطية لم تتوقف عند الناس في سمات ومجالات معينه، فالجفاف العاطفي والتعبير عن المشاعر صنع أيضا صورة نمطية أخرى، حيث يتم تربية الذكور منذ الصغر على عدم التعبير عن مشاعرهم أو البكاء تحت دعوى "أنت راجل والراجل ما يعيطش" ومن ثم إذا بكى أو احتضن أمه أو عبر عن مشاعره تجاه زوجته يفقد إحدى سمات رجولته!.

    ومن هنا يأتي دور الأسرة في إعادة تشكيل وعى الفتيات والذكور وعدم حصرهم في نمط حياتي معين، وعندما نذكر الأسرة فيجب الإمعان في دور كل من الأخ والزوج والأب في خلق علاقة صحية مع إناث الأسرة، فالبيوت أصبحت بارده خالية من أي تعبير عن المشاعر بطريقة صحيه فيها من العاطفة ما يكفى لإشباع كافة أفراد الأسرة ويوازن طبيعة العلاقات فيما بينهم، فقد أصبحا في حاجة ماسة إلى مهارة الانصات والتعاطف والتعبير عن الذات، فإذا سألت بعض الفتيات اليوم: "هل تعلمين بحب أبيكِ لك؟" تأتى الإجابة: "لا معرفش"، وإذا سألت الزوجة عن حب زوجها لها تسمع الرد: "هو أكيد بيحبني بس ما اعرفش ازاي" وهنا تكمن الأزمة وهي نمطية العلاقات وعدم الاعتناء بالتعبير عن المشاعر.

    في حين أوصت مقولات الحكماء بضرورة اخبار الطرف الأخر عن حبك له: "إذا احببت أحدا فاخبره ليعلم..وكررها ليطمئن...واعمل بها ليوقن"، وكذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه"، ولو أمعنا النظر في علاقة سيد الخلق أجمعين بزوجته السيدة خديجة، لتدبرنا معنى الحب الحقيقي وفطنة التعبير عنه، فكان الرسول يأنس بمشورتها ويحرص على عرض الأمور عليها والاستئناس برأيها.

    ومن شدة حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم للسيدة خديجة -رضي الله- عنها فقد كان يكثر من ذكرها حتى بعد وفاتها، حتى إن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "ما غِرتُ على أحدٍ من نساء النبي‏ صلى الله عليه وآله وسلم ما غِرتُ على خديجة، وما رأيتُها، ولكن كان النبي‏ صلى الله عليه وآله يُكثرُ ذكرها، وربّما ذبح ‏الشاة، ثم يقطّعها ويبعثها إلى أصدقاء خديجة، فربما قلت له: كأنّه لم يكن في الدُنيا إلّا خديجة! فيقول: إنّها كانت، وكانت، وكان لي منها الأولاد"، ولم يتزوّج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غيرها في حياتها حتّى توفّيت رضي الله عنها، فقد كانت حبيبته التي قال عنها: "رزقت حبها".

    وعلى المستوى الشخصي اتذكر جيدا أن والدي -رحمة الله عليه-، لعب دورا كبيرا في حياتي وفي تشكيل شخصيتي أيضا، بداية من مشاركته هواياتي البسيطة وتعبيراته المختلفة عن مدى حبه وتقديره لي، نهاية بدفعي طيلة الوقت نحو تحقيق كافة أهدافي الحياتية والعملية دون ممارسة أي ضغوط تذكر من جانبه يوما، فلا أذكر أنى شاهدت وجهه عابثا في وجهي يوما ما، ولا أنسى فرحه الجم بانتصاراتي الصغيرة، فبكل تأكيد للأب والأسرة دورا مهما في حياه الأبناء وإشباع عاطفتهم على نحو سوى، وهكذا تكون العلاقات صحية.


    الأنثى ظالمه للأنثى..
    الأنثى نفسها أصبحت ظالمة ونمطية ضد الأنثى أيضا، فبالعودة إلى تراث أمهاتنا العظيمات في مختلف دول العالم، والتي تربت على حالة التمييز بين الأنثى والذكر، تتردد على الأذان عددا من الأمثلة الشعبية التي تسحق شخصية المرأة وتغزى التميز النوعي ضد الفتيات، كما أنها تعد موجزاً بليغاً عن تجربة عاشها الناس في فترة زمنية معينة، لتعود وتتناقلها الأجيال عبر الزمن، فالناس انطباق للثقافة التي يعيشون فيها، فمما هو ملاحظ إن غالبية الموروثات الشعبية العربية المرتبطة بالمرأة، هي آراء تمييزية تنظر للمرأة نظرة دونية، وتراها كائن أقل من الرجل، فإن المرأة سواء كانت طفلة أو فتاة بالغة أو حتى بزواجها، فهي في جميع حالتها مرتبطة دائما بالمهانة والدونية والضعف.

    ففي مصر تسمع: "الست ملهاش غير بيت جوزها"، "يا جايب البنات ياشايل الهم للممات"، والتي تشير إلى إن إنجاب الأنثى هم كبير لا ينتهى إلا بالوفاة، "لبس البوصة تبقى عروسة"، "اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24" في تغذية صريحة للعنف ضد المرأة، و "عقربتين على الحيط ولا بنتين في البيت"، حتى نصل إلى المثل الفلسطيني: " اللي بتموت وليته من صفان نيته، و "إن الله يحرس زوجة الأعمى لأن المسكين لا يرصد خطواتها" وهذا مثل أخر هندي يشير إلى أن المرأة تتصف بانحراف الأخلاق حتى إنها لا تؤتمن على زوجها الكفيف، و"من ملك امرأة فقد ملك ثعباناً" وهذا من الأمثلة الإنجليزية التي تصف المرأة بانحراف السلوك، وكذلك المثل العربي "من تزوج جميلة فقد تزوج ورطة"، وجميعها أمثلة و"أكليشهات" تؤكد لنا أن ما نراه من نمطية المجتمعات العربية ضد المرأة تحت ستار الدين هي محض افتراءات بعيدة كل البعد عن الدين.


    نمطية الصعايدة ضد النساء..
    ألا ترون العيب عيبا إلا حينما تمارسه امرأة!.. تلك المقولة تنطبق على حالة أخرى من التطرف ضد النوع الاجتماعي، وهو تطرف البعض في المجتمع الصعيدي والريفي تجاه الفتيات بدعوى العادات والتقاليد، ففي أحد مشاهد الدراما المصرية شاهدنا حينما هربت شقيقة البطل الصعيدي الأصل مع شخص أخر لتعمل راقصه بعد سجن أخيها، وما أن علم شقيقها بعد خروجه إلا وقام بقتلها بزعم الدفاع عن الشرف، وحينما علمت الأم بنيته فما كان منها إلا أن قالت له: "بعد ما تنفذ أمر ربنا هاتلي بنتي ابكي عليها براحتي!"، في إشارة منها إلى انفاذ عادات وتقاليد المجتمع الصعيدي، فما علاقه الدين بالعادات والتقاليد؟! وهل أمر الله بإنزال الأحكام وتنفيذ الحدود في المطلق بحجة الشرف الزائف؟! فجميع النصوص في الكتاب والسنة النبوية أجمعت على أنّ حكم الزنا لغير المتزوج لا يقتضي إقامة حدّ القتل عليه، وهو ما يُعرف بالزاني غير المحصن، إذ أنّ الزاني غير المحصن يُجلد ولا يُقتل، ويقول الله تعالى في حكم الزنا لغير المتزوج: "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" -سورة النور الآية [2]-.
    ففي المجتمعات الذكورية، تُغفر للرجل كل الموبقات، بينما تُدان المرأة إن زلّت خطوة.
    وهذا هو فكر بعض سيدات المجتمع الصعيدي تجاه بنات جنسهن، فالعار لديهن حينما تفعله أنثي أما ما يفعله الرجل فلا يشوبه شائبه ولا غبار عليه تجاه الدين والمجتمع من وجهة نظرهن، فهن يرون العيب عيبا والحرام حراما حينما تمارسه امرأة فحسب؟!.

    ولا شك أن أزمات التمييز ضد المرأة في مجتمعاتنا تأتى من وحي الواقع، الملوّن بالعادات والتقاليد والتفسيرات الدينية التي لا أصل لها، فجميعها أوهام صنعتها العادات، وزيّنتها لنا باسم الدين.
    فمتى يأتي اليوم الذي تعيش فيه المرأة العربية واقعًا لا يشبه الكوابيس؟، متى نُدرّس الفتاة أن أنوثتها ليست تهمة، وأن كرامتها لا تُختزل في رحمها أو مظهرها أو حالتها الاجتماعية؟ متى نكتب على قصة حياتها: "جميع هذه الأحداث لا تمت للواقع بصلة؟!.

    المرأة الرجل امرأة واحده خربت الفردوس النصوص الدينية الشريعة الاسلامية القوامة التطرف العاطفي ادم وحواء النوع الاجتماعي التمييز ضد المرأة العنف تمكين المرأة نمطية الذكورية الفراعنة التحرش الميدان

    استطلاع الرأي

    أسعار العملات

    العملة شراء بيع
    دولار أمريكى 49.3414 49.4414
    يورو 53.7723 53.8961
    جنيه إسترلينى 62.9153 63.0675
    فرنك سويسرى 56.0507 56.1898
    100 ين يابانى 33.3726 33.4470
    ريال سعودى 13.1553 13.1826
    دينار كويتى 160.5278 160.9055
    درهم اماراتى 13.4325 13.4633
    اليوان الصينى 6.8549 6.8693

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 3,629 شراء 3,686
    عيار 22 بيع 3,326 شراء 3,379
    عيار 21 بيع 3,175 شراء 3,225
    عيار 18 بيع 2,721 شراء 2,764
    الاونصة بيع 112,849 شراء 114,626
    الجنيه الذهب بيع 25,400 شراء 25,800
    الكيلو بيع 3,628,571 شراء 3,685,714
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى
    مصر 24 أول خبر المطور بوابة المواطن المصري حوادث اليوم التعمير مصري بوست

    مواقيت الصلاة

    الأحد 03:25 مـ
    21 شوال 1446 هـ 20 أبريل 2025 م
    مصر
    الفجر 03:51
    الشروق 05:23
    الظهر 11:54
    العصر 15:30
    المغرب 18:25
    العشاء 19:47