تأجيل تخفيض الجمارك على السيارات.. خسارة للمواطن والحكومة والتاجر
- إسلام رضاقرر السيد أحمد شراء سيارة أوروبية جديدة، وعندما وجد ضالته في سيارة بمحرك أعلى من 2000 سي سي، بسعر مليونين وستمائة ألف جنيه، علم بأن قيمة نفس السيارة ستنخفض بمليون جنيه مطلع 2019.
تفترض الحكومة المصرية أن السيد أحمد لن يستطيع الصبر حتى يناير القادم ليوفر مليون جنيه كاملة، لهذا قررت تعليق تطبيق التخفيضات السنوية للرسوم الجمركية على السيارات ذات المنشأ الأوروبي.
تتوقع الحكومة المصرية أن السيد أحمد إما سيضطر لشراء السيارة التي أعجبته، فتستفيد الحكومة من الإيرادات الجمركية في 2018، أو يضطر لشراء سيارة مُجمعة محليا، فيتم دعم صناعة التجميع المحلية.
بالطبع لن يتم توفير مليون جنيه من قيمة كل سيارة في 2019، فمعظم السيارات ثمنها أقل من مليون جنيه، ولكن حتى السيارات الأوروبية متوسطة السعة، 1600 سي سي، ستنخفض قيمتها بحوالي 28 ألف جنيه في المتوسط، في يناير 2019، وهو ما يدعم احتمالية انتظار مستهلكي السيارات، أيا كانت سعتها، لعام جديد.
القرار الذي أصدرته وزارة التجارة والصناعة في أخر يوم خميس من 2017 بتعليق تطبيق التخفيضات السنوية للرسوم الجمركية على السيارات ذات المنشأ الأوروبي، سبب ارتباكا في سوق السيارات، وخسائر بالجملة على كافة المستويات.
تنص اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2004 على إجراء الحكومة المصرية تخفيض تدريجي بنسبة 10% سنويا على السيارات الأوروبية لنصل إلى الإعفاء الجمركي الكامل في عام 2019، ويمكن للحكومة تعليق خفض الرسوم مرة أو مرتين، لكنها مُلزمة بالإعفاء الكامل في 2019 ووفقا لدراسة أعدها مركز "دلتا للأبحاث" وبعض المصادر الأخرى حول تأثير القرار، فهذه هي بعض أضرار التأجيل:
1. ركود قطاع السيارات: ففي استطلاع أجراه مركز دلتا، عن أهم العوامل المؤثرة في اتخاذ قرار شراء السيارة، جاء عامل السعر في مقدمة العوامل بنسبة 78% من المستهلكين الذين شاركوا في الاستطلاع، ونتيجة علم المستهلك بأن الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات من السيارات من الاتحاد الأوروبي سيتم تخفيضها بالكامل في أول يناير 2019، فإن المستهلكين سوف يقرروا تأجيل شراء السيارة لمدة عام واحد حتى بداية عام 2019.
2. انخفاض الحصيلة الجمركية من السيارات: على عكس ما تتوقع الحكومة فالضرر من انخفاض المبيعات سيكون أكبر من العائد من استقرار الضرائب الجمركية، حيث تتوقع دراسة "دلتا" ارتفاع الحصيلة الجمركية من استيراد السيارات بحوالي 1% فقط نتيجة انخفاض عدد السيارات المستوردة، بدلا من أن ترتفع الحصيلة الجمركية بحوالي 2% في حالة استمرار التخفيضات الجمركية واستمرار مبيعات السيارات المستوردة في نموها السنوي المتوقع، 4%، وهكذا يكون للقرار الحكومي الأخير أثر سلبي على عجز الموازنة بشكل غير مباشر.
3.ارتفاع معدل التضخم: تكلفة الانتقالات والنقل تحتل المرتبة الرابعة ضمن قائمة استهلاك المواطن المصري، واستمرار أسعار السيارات عند المعدلات المرتفعة الحالية يزيد التضخم ويضعف القوى الشرائية للمواطنين، خاصة أن معدل التضخم بلغ 26.7% في نوفمبر الماضي.
4. التأجيل لـ2019، سيجعل أثر التخفيض صادما على صناعة تجميع السيارات المحلية: كانت الحكومة المصرية قد أجلت تخفيض سابق للجمارك عن عام 2014، وها هي تؤجل التخفيض الخاص بعام 2018، وبالتالي فإن التخفيض الذي سيتم في بداية 2019، ولن يمكن تأجيله كليا أو جزئيا سيكون صادما، لأنه تأجيل مستحق عن ثلاث سنوات دفعة واحدة.
5. القرار أربك تجارة السيارات في مصر: حيث تم اتخاذه قبل نهاية العام بيوم عمل واحد، ولم يراع أن العملية الاستيرادية للسيارات تستغرق ما بين شهر و3 أشهر، وبالتالي فهناك تعاقدات قد تمت بالفعل، بناء على الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي على التخفيض، وجاء قرار تأجيل التخفيض مفاجئا ليسبب اضطراب في السوق، وقد ينشأ عنه نزاعات بين الأطراف المتعاقدة.
6. تأجيل الخفض الجمركي يُكرس الوضع الاحتكاري لمجمعي السيارات المحلية المتخصصين في إنتاج موديلات سيارات متقادمة غير موجودة إلا في مصر، ولن تكون موجودة لو فُتح السوق المصري لتدفق السيارات الجيدة.
ويرى مركز أبحاث "دلتا" أن تكون أولوية الحكومة دعم الصناعات المغذية لصناعة السيارات، وتشجيع التخصص في إحدى مكونات صناعة السيارات التي نمتلك فيها ميزة تنافسية.
وحسبما يقول المهندس عمرو أبو فريخة، رئيس مجلس إدارة المجلس التصديري للصناعات الهندسية فإن مصر لا تنافس حالياً في مجال صادرات السيارات، إلا أنها تنافس في قطاعي المكونات الأساسية والصناعات المغذية، وقطع الغيار وخدمات ما بعد البيع.
وأشار إلى أن مصر تصدِّر لدول العالم صناعات هندسية بقيمة 3 مليارات دولار سنوياً، وبالتالي فإذا كانت مصر قادرة على التصدير في مجال، لماذا يتم الاهتمام بحماية قطاع غير قادر حتى على المنافسة المحلية؟