الأحد 24 نوفمبر 2024 08:47 مـ 22 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

    المرأة والمنوعات

    الفتوة في مصر.. من الدرع إلى الطعن

    فيلم الفتوة
    فيلم الفتوة

    يرى المتطلع أو الزائر لأحياء وعمارة القاهرة الفاطمية ويلمس أصابع الفتوة واتكائه على أحجارها، وتسمع أذنه من المعمار الرابض في كبرياء وشموخ يأبى الانكسار، عن صخب المعارك التي خاضها ويستشعر سخونة عرقه أثناء استراحته عقب انتهاء تلك المعارك، على أعتاب دروب وأزقة وحارات شاهدة على حياة زاخرة بأطلال أمجاد وذكريات عهد مضى وبقيت سيرته العطرة أحيانا والموسومة بالخزي في أوقات أخرى .

    ظهرت كلمة " الفتوة " ولاقت استحسانا بل وترحاباً في الحياة الاجتماعية المصرية قديماً ، لارتباطها بمقاومة المحتل أولاً ثم تدرج الأمر بطلبات الحماية من البسطاء ضد نهب اللصوص ، والإغارة على الممتلكات من المارقين.

    بدأ المستعمر يدرك خطورة الفتوة لمشاركته في أعمال مهمة مثل " الفدائيين " ، ودوره في الانتصارات التي يحققها من يستعينون به من الغيورين على الوطن ، لقدرته على إلهاب حماسهم في الزود عن الأعراض أثناء فترة الاحتلال. فبدأت محاولة خسيسة من المستعمر في استمالة وفتنة الفتوة بل وتزويده بالسلاح بحجة مساندته للانتصار على أقرانه ، ليكون " الرجل القوى الأوحد " في المنطقة أو في ضاحيته ، ثم بإغداق المال أو بجره للمخدرات ، ونجحت محاولات المستعمر بنسبة ضئيلة للغاية لارتفاع أسهم الوطنية ، ثم تطور عمل الفتوة باتساع عطاياه .. " فنحن ننام وهو يسهر يحمينا " بحماية أملاك ذوي النفوذ ، والتستر على طردهم للعمال البسطاء ، وكل شىء بثمنه ..

    وأضحى الحال بمضاهاة الحارس " الفتوة " " للمالك " في الأملاك والعطايا ، وبدأ الخارجون عن القانون في البحث عن مأوى يحميهم من مطاردة الأجهزة الأمنية لهم ، فلجأوا للفتوة ، كأفراد وصبيان في حظوته وتحت عباءته .. و" كلة بثمنة"  أيضا فاستعان بهم الفتوة لمعرفة كل صغيرة وكبيرة في دائرة نفوذه ولعلمه ما خفى من "رِجّالته"  وغيرهم أو وغيرهنّ.

    ازدادت بمرور الوقت فاعلية ودور الفتوة فبدأت السلطة أو الحكومة متمثلة في الأجهزة الأمنية في الاستعانة به، لتتعدد أدواره ، فهو مصدر للمعلومات عند حدوث جريمة أو وقوع مشاجرة أو كدليل في البحث عن هارب .. أو أي من تسول له نفسه الخروج على النظام العام،  وبتشابك المصالح بين الفتوة والسلطة، زادت أكثر سطوة ونفوذ الفتوة وتشعبت اختصصاته وحدود سيطرته، ليتحول من حامي الحمى لأداة بطش في كثير من الأحيان.

    يذكر أن اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح،  أدى لانهيار اقتصاد دولة المماليك التي كانت تقع على الطريق بين الشرق والغرب، بدأ العصر الذهبي للدولة التي تصدت للصليبيين والمغول في الانهيار، لتتراخى قبضتها في الإمساك بزمام أمور البلاد، يضاف إلى ذلك وقوع عدد م الأزمات أدت لانتشار الفوضى وأعمال السلب والنهب، فبدأ أصحاب النفوذ في كل حي من الأحياء المتميزة، يستعينون برجال أشداء لحماية أرواحهم وأملاكهم، وكانت هذه هي البداية الحقيقية لظهور شخصية فتوة الحي، وكانت مهامه تشمل بالإضافة إلى أعمال الحماية فتح وغلق أبواب الحارات، وإنارة مصابيحها والتحقق من هوية الغرباء بها. 

    لعب الفتوات دورا مهما في المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي، الذي فكر لكي يردعها في هدم أبواب الحارات والتنكيل بالكثير من الفتوات الذين شاركوا في ثورتي القاهرة الأولى والثانية بين 1799 و 1801. لعبت الزعامة الشعبية وعلى رأسها الفتوات دورا مهما في خلع خورشيد باشا والي مصر ووصول محمد علي للحكم. وبعد وصول الانجليز ظل الفتوات يحتفظون بنفوذهم ومكانتهم، وحينما بدأ المحتل يؤسس لمنظومة الأمن مصر، بدأ النزاع بين الجانبين وكلما قوى البوليس ضعف أمر الفتوات حتى ثورة 1919 بعدها انضم الفتوات إلى الحراك الشعبي الذي توج بأول ثورة شعبية في القرن العشرين.

    مع تغير الأحوال بعد ثورة 1952 وضبط الأوضاع الأمنية فى الشوارع بإنشاء العديد من أقسام الشرطة في الأحياء، سرعان ما تراجع دور الفتوة إلى أن أصبحوا رمزا لماضي يتذكره الناس بحنين في وقت المحن استحضارا لعصر كان للشهامة والمروءة فيه مكان .

    لم تبخل قريحة الكتاب والروائيين عن تسجيل حياة الفتوة بحلوها ومرها وقسوتها وما فيها من خزى وظلم يدمي القلوب ، واستقبلت السينما إبداعاتهم  بواقعية  تعكس سيرة هؤلاء الأبطال الشعبيين في أوقات أمجادهم وانكساراتهم، وحلقات الظلم والطغيان التي وسمت بعضا منهم، كما شاهدنا في رائعة نجيب محفوظ "الشيطان يعظ" حين أجبر شخصا على تطليق زوجته، لكي يتزوجها هو، وحين استجار بفتوة آخر ليحميه من بطش الأول، قام الثاني باغتصاب زوجته الجميلة بدلا من حمايتها وقتل المستجير به.

    خُط الصعيد، وأدهم الشرقاوي

    ظهر مرادف لأفعال وهيمنة الفتوة ما يطلق عليه في جنوب الوادي " خُط الصعيد " وترك أثراً واضحاً في الحياة الاجتماعية والسياسية ، ونسجت له السينما العديد من الصور ما زالت محفورة في عقول الملايين من المشاهدين.

    أما في الوجه البحري فقد ظهرت شخصية أدهم الشرقاوي، وكلاهما يعتبر المعادل الموضوعي لشخصية روبين هوود في الأدب الغربي الذي تمرد على ظلم السلطة وسرق الأغنياء ليعطي الفقراء ...
     

    الفتوة في السينما المصرية

    تناولت السينما الخلفية التاريخية لنشأة الفتوات في مصر( فتوة الكحكيين، فتوة الدرب الأحمر، فتوات الحسينية،  فتوة الجمالية، فتوة العطوف، فتوة الدراسة،  فتوات بولاق)

    صورة الفتوة في السينما تم اقتباسها من عالم نجيب محفوظ الروائي الذي عاش حياته الأولى في أعرق حارات القاهرة الفاطمية إلى جوار المشهد الحسيني في بين القصرين حيث عايش في جزء من حياته عصر الفتوات وتعرف عن قرب على أدق تفاصيل عالم "الفتونة" شديد الخصوصية ..  فكرة البطل الفردي الذى يعتمد على عضلاته وقوته البدنية فلا يقهره أحد ..

    تكمن أهمية الشخصية الواقعية التي وظفها نجيب محفوظ في أدبه أنه جعلها نموذج حي يمكن استحضاره في أي وقت كرمز للعدالة والرحمة والشهامة في أوقات المسرات ورمز للظلم والقهر والبطش في وقت المحن والأزمات.

    أبرز نموذج لهذا كان شخصية عاشور الناجي في الحرافيش الذي اختار الأديب العالمي أن يبقي مصيره مجهولا ليشتاق إليه الضعفاء حين تشتد بهم الأزمات، ويحلمون بعودته كدرع يحميهم، ويتذكرون مآثره ويقارنون بينه وبين الفتوة العادل في أوقات الأفراح: "فينك يا عاشور .. الناجي هيرجع".

    مشهد لطمة قفا صارخ يُسمع كل الموجودين ليبدأ به الفتوة فرض القوة والزعامة ولا يقدر أحد بعد ذلك أن يعترض عليه .. ليدخل هريدي الباحث عن الرزق  " حافيا " يجر عربة كارو في سوق الخضار فيستقبل بهذا القفا في أول ثانية من فيلم الفتوة .

    فيلم العزيمة 1939 والذى يعد أول فيلم عن الحارة المصرية استعان فيه المخرج كمال سليم بـ" فتوات " حقيقيين واستطاع ان يوظفهم جيداً في مشاهد المعارك و"الخناقات"و” الاشتباكات”.

    وكعادة أى شىء جميل في بدايته أنه تم تفخيمه وتعظيمه، حتى إلباسه صفات الحاكم، فأصبح طبيعيا أن تتسع أملاكه ورقعته الزراعية، ويتجلى ذلك في فيلم ( أصدقاء الشيطان ) وفكرته الأساسية تدور حول الفتوة الذى يخاوي الجن طمعا في الخلود " نور الشريف" في دور جلال فتوة الحسينية والدراسة، يبني نظاما اجتماعيا يأمل أن يتسم بالعدالة الاجتماعية، والخلو من الأمراض والجهل . ويبرر ذلك بقوله "الغلابة اللى خلقني ليهم ربنا علشان اتكفل بيهم واحميهم".

     

    مهن مرتبطة بالفتوة

    كانت الفتونة أو الفتوة وظيفة .. وصنعة شهيرة لها اعتبارها تقوم عليها حرف عديدة منها صناعة العباءات ذات التطريز  " السيرما " الفاخرة و " الشال " وحتى الأحذية فهى تصنع من جلد خاص " جاموسي " يتحمل الحركة والمياة ووزن الفتوة ، حتى الكرسي "المخصوص" للمعلم – الفتوة – مميز له صناعه والنحات يقوم بكتابة اسم الفتوة عليه ، بالإضافة إلى صناعة " العصي " و " الشوم " والهراوات المزودة ب " الدبابيس " لزوم الدفاعات المطلوبة ، بخلاف " النبال " وصناعة " المونة " وهى بدرة الديناميت  المهربة من المناجم لاستخدامها في ترويع المهاجمين ودحرهم ، وما سبق مهن وحرف يدوية اندثرت ولم يبقى منها إلا نادراً ..

    الفتوة في مصر من الدرع إلى الطعن الفتوة في السينما تاريخ الفتوة

    استطلاع الرأي

    أسعار العملات

    العملة شراء بيع
    دولار أمريكى 49.3414 49.4414
    يورو 53.7723 53.8961
    جنيه إسترلينى 62.9153 63.0675
    فرنك سويسرى 56.0507 56.1898
    100 ين يابانى 33.3726 33.4470
    ريال سعودى 13.1553 13.1826
    دينار كويتى 160.5278 160.9055
    درهم اماراتى 13.4325 13.4633
    اليوان الصينى 6.8549 6.8693

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 3,629 شراء 3,686
    عيار 22 بيع 3,326 شراء 3,379
    عيار 21 بيع 3,175 شراء 3,225
    عيار 18 بيع 2,721 شراء 2,764
    الاونصة بيع 112,849 شراء 114,626
    الجنيه الذهب بيع 25,400 شراء 25,800
    الكيلو بيع 3,628,571 شراء 3,685,714
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى
    مصر 24 أول خبر المطور بوابة المواطن المصري حوادث اليوم التعمير مصري بوست

    مواقيت الصلاة

    الأحد 08:47 مـ
    22 جمادى أول 1446 هـ 24 نوفمبر 2024 م
    مصر
    الفجر 04:57
    الشروق 06:28
    الظهر 11:42
    العصر 14:36
    المغرب 16:56
    العشاء 18:17