حكاية أسمها "بلدينا"
سمر الدسوقي
كالعادة مازالت البحوث والدراسات المتخصصة، تشير إلى أننا نعاني من أزمة حقيقية فيما يتعلق بإعلامنا الإقليمي، فبالرغم من أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا الإعلام في عملية التنمية، خاصة من خلال رصده للعديد من القضايا والمشكلات المحلية وهموم المواطن ومحاولة التطرق لطرق علاجها، هذا بجانب دوره في تغيير الكثير من العادات والتقاليد وأنماط السلوك التي يمكن أن تشكل عائقا نحو التطوير والتغيير الإيجابي للمجتمع ككل ، الأ أن هذا الإعلام مازال يعاني من العديد من المشكلات التي يأتي في مقدمتها عدم الإهتمام بتدريب وتوجيه عدد ليس بقليل من القائمين عليه من الإعلاميين والصحفيين نتيجة لندرة التمويل المخصص لهذا الجانب، هذا بالإضافة لضعف الإمكانيات المادية المتاحة لهؤلاء الاعلاميين و الصحفيين والتي تمكنهم من أداء عملهم على أكمل وجه سواء فيما يتعلق بإمكانيات بيئة العمل كإعداد الإستديوهات والمكاتب والأجهزة المتوافرة والإنتقالات وغيرها، أو ما يرتبط منها بأجورهؤلاء العاملين والتي قد تؤدي إلى إنخفاض مستوى أدائهم! كل هذا لابد وأن يدور بمخيلتك وأنت تقوم بتقييم تجربة صحفية مميزة تشكل من وجهة نظري بداية العلاج لمثل هذه المشكلات المتراكمة، الأ وهي "بلدينا"، وهي إحدى مشروعات التخرج لخريجي الدفعة الأولى من طلاب قسم الصحافة بكلية إعلام جامعة بني سويف لعام 2017، والتي شرفت بالمشاركة في تحكيمها، واخرجت للنور تحت قيادة المايسترو ا.د محمد زين عميد الكلية، وا. د. عيسى عبد الباقي رئيس قسم الصحافة، ودينامو العمل ا.د.نسرين حسام الدين رئيس مركز بحوث ودراسات المراة بالكلية، بإشراف من د.فاطمة فايز ود. أحمد شحاته، حيث تمثل تجربة صحفية مميزة وراقية المستوى للتعبير عن مشكلات إقليم الصعيد بصورة مهنية واعية، بما تضمه من موضوعات أعدت بشكل صحفي يضاهي بل وينافس ما يتم تقديمه بعدد من الصحف والمواقع الإخبارية المتخصصة والمعنية بهذا الجانب التنموي، على الرغم من أن فترة إعدادها بما ترصده لعدد ليس بقليل من مشكلات إقليم الصعيد سواء ما يتعلق منها بالجانب الصحي أو البيئي أو الإقتصادي وكذلك التعليمي، لا يعد كافيا لإعداد مثل هذا الزخم الصحفي المتميز، فقد استطاعت مجموعة العمل المشاركة في إعداد هذه المجلة الواعدة إنجازها في ما يقرب من شهرين فقط، بالرغم من أن موضوعاتها ترصد واقع أغلب محافظات الصعيد بل وتقدم العديد من الحلول لعدد كبير من مشكلاتها، في صورة تجسد الدور الفعلي والمنتظر للإعلام الإقليمي، وهو ما يجعلنا هنا نتساءل لماذا لا تشكل مثل هذه التجارب الواعدة بداية الحل بل والإنطلاق للصحافة الإقليمية الحقيقية، من خلال تبني المؤسسات الصحفية والإعلامية الكبرى للطلاب الذين نجحوا في اعدادها وتوفير فرص عمل لهم بداخل محافظاتهم وليس خارجها من خلال مكاتب هذه المؤسسات بالمحافظات أو كمراسلين لها، بدلا من نزوحهم للبحث عن فرص عمل بالعاصمة والمدن الكبرى بعيدا عن محافظهتم وقراهم التي أثبتوا أنهم بالفعل الأكثر نجاحا في التعبير عن مشكلاتها، على أن يكون هذا بالتنسيق مع كليات وأقسام الإعلام المختلفة بالمحافظات، وبصورة منتظمة ومستمرة، فما يعنينا هنا هو عمل هؤلاء داخل محافظاتهم، بما يساعدهم في خدمة بيئتهم المحلية بصورة صحيحة، ويجعلنا نستطيع الوصول بإعلامنا الإقليمي للمستوى المرجو، كما نتطلع إلى أن يعنى رجال الأعمال كلا في محافظته بتبني مثل هذه التجارب الواعدة وتوفير الدعم المادي والإجراءات اللازمة لتحويلها لوسيلة إعلامية أوصحفية إقليمية ناجحة، خاصة مع وجود العناصر البشرية المعدة والمؤهلة بصورة علمية وعملية لتقديم منتج إعلامي متميز من خلالها.