هذا العنوان ليس دعابة أو سخرية.. لكنه حقيقة.. في مصر يعيش النصاب فى نعيم فى ظل قوانين عاجزة غير عادلة يقوم بجريمته ويوقع لضحيته دون أن يجد من يردعه، وتبقى ضحيته لا حول ولا قوة لها.. تعاني من أجل رد حقها.. ولكن دون فائدة.
لن أكون مبالغا إذا قلت إن القوانين الحالية سببٌ رئيسيٌّ في زيادة الجرائم في المجتمع لا العكس، فعندما لا يجد المواطن قانونًا يقف بجواره ويرد له حقوقه يعتمد على نفسه في هذا، وقد يلجأ إلى الطرق غير الشرعية، واستخدام العنف للحصول على حقوقه المسلوبة.
أكتب هذه الكلمات بعدما تعرضتُ شخصيًّا لعملية نصب كبرى عندما قررت شراء شقة، ودلني أحد السماسرة على شقة بمنطقة المهندسين خلف مسجد مصطفى محمود، وذهبتُ لرؤيتها وأعجبتني، واتفقت مع أصحابها الساكنين بها أن تحضر زوجتي لرؤيتها، وفي اليوم الثاني حضرت أنا وزوجتي بالفعل، وقررنا شراءها، واتفقت على سعرها، وبعد أن اطلع المحامي على الورق الخاص بها سددتُ جزءًا من المبلغ المستحق على أن أقوم بسداد باقي المبلغ في اليوم الثاني.
وحضرنا في الموعد المحدد بيننا، ولكن من كرم ربنا علينا أن مشكلة حدثت بين السماسرة مع بعصهم البعص على نسبة العمولة، وفاجأني أحدهما قائلا: "أنا قلتلتك على الشقة منذ عام".. استوقتني الكلمة.. وقلت له موجودة من سنة وموجودة حتى الآن والمفروض إنها شقة جيدة، فما الذي يعطل بيعها على مدى عام؟!.
وقررت تأجيل سداد باقي المبلغ، وبدأت اسأل عن وضغ الشقة مرة أخرى.. لأكتشف كارثة.. وهي أن الشقة ملك لسيدة مهاجرة لفرنسا، واقتحمها هؤلاء ليعيشوا فيها، ووصلت بهم الوقاحة أن يعرضوها للبيع بعد أن قاموا بتزوير الورق الخاص بها، وبالرغم من قيام محامي السيدة بتحرير محضر بقسم شرطة الدقي، إلا أن أحدا لم يتحرك للقبض عليهم وحماية الآخرين من الوقوع في فخ النصب.
وقمت بتحرير محضر ضد هؤلاء النصابين بعد أن طلبت منهم رد أموالي ورفضوا.. وعندما قابلت أحد الضباط بقسم الدقي قال إن المحضر سيذهب إلى النيابة وسننتظر طلبها بإجراء التحريات الخاصة بالشقة، وسنقوم بإجرائها لنرسلها للنيابة ثم ننتظر ردها أو طلبها لضبط وإحضار هؤلاء.. وطلبت منهم سرعة إحضارهم لرد فلوسي ومنعهم من الهروب، قال: لازم قرار نيابة أو البديل الثاني هو "أن تحضرهم إلى القسم بمعرفتك".. قلت له كيف؟.. قال اجلس معهم في أي مكان بمنطقة الدقي، واطلب النجدة وهي التي تحضرهم للقسم.. حاولت إقناعه أن هؤلاء لن يجلسوا معي مرة أخرى بعد أن حصلوا على الأموال، وأي نصاب يتعامل بمنطق "اخطف واجرى".. ولكن محاولاتي فشلت.
واتفقت مع المحامي الخاص بي أن نسير في الطريق القانوني.. فقال لي "أنا هأقول لك الصراحة.. فلوسك عشان ترجع عايزة صبر سنوات".. لأن مثل هذه هذا النوع من القضايا يصنف مدنى، ولكى يصدر حكم من المحكمة على هؤلاء يستغرق وقتا طويلا، ثم يقوم هؤلاء بالطعن أو المعارضة عليه، وتستمر القضية في المحاكم سنين وسنين، وأموالك ستضيع هباء.
وأخيرًا لم أكن أعلم أن أموال المواطنين وشقى عمرهم رخيص جدا في ظل قانون وشرطة يطبطبان على الجاني، ويهدران حقوق المجني عليه.. فاعلم أن الشرطة فى أى دولة تتدخل لوقف الجريمة بأنها تسرع فى القبض على المتهم ورد أموال مقدم البلاغ ثم بعد ذلك تتخذ الإجراءات اللازمة لمعاقبة النصاب.. لكن فى مصر يتمتع النصاب بجنة القانون بينما يظل للمنصوب عليه يتعذب بنار الحسرة ولله الأمر من قبل ومن بعد.