الجمعة 22 نوفمبر 2024 09:22 صـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

تقارير وقضايا

”تعايش أهل الحتة” و ”عمارة 5” .. أيادي ومبادرات واجهت تصدع السلم المجتمعي

"سامح نسيم" صانع السلام بالإسكندرية يسرد تفاصيل مبادراته بعروس البحر المتوسط

"مصرتوبيا" تدشن معسكرات صيفية للتعليم التفاعلي تستهدف المراهقين وتدعم التنوع باستخدام الألعاب


"تعايش أهل الحتة ".. مبادرة شعبية للحد من حالة العنف المجتمعي.. و "كفى" تتصدى لخطابات الكراهية


"معالم السلام بالإسكندرية" تفتش في التاريخ المحلي للتعايش المشترك بين مكونات المجتمع السكندري


"عمارة 5" تقدم قصص التعايش المشترك والتنميط في رسومات "الكوميكس"

لا يزال المجتمع المدني في الطليعة لنشر ثقافة السلام والتعايش المشترك، وذلك من خلال مشروعاته المختلفة والتي تستمر في العمل اليوم تحت مظلة أهداف التنمية المستدامة خاصة الهدف رقم 16، ويحرص المجتمع المدني بطبيعة تكوينه والمشاركة به على أن يظل مساحة مفتوحة للتفاعل السريع بين مكونات المجتمع، ولعل هذا ما جعل الفارق بين ظهور الاحتياجات المجتمعية ومحاولات الاستجابة لها ضيقا، ورغم امتياز التحرك الحكومي بالضخامة والمؤسسية بطبيعته فإننا لا نجد صعوبة في رصد أسبقية استجابة المجتمع المدني لبسط سبل السلام أمام العديد من التحديات.

فمثلا جاء تأسيس الهيئة العامة لتعليم الكبار الجهاز الحكومي، الذي كان يفترض به تولى قضية مكافحة الأمية بمصر والقضاء عليها عام 1991م، بينما كانت محاولات المجتمع المدني للتصدي للأمية قد بدأت في خمسينيات القرن العشرين.

وعلى نفس السياق يمكننا رصد تفاعل المجتمع المدني مع تصدع السلم المجتمعي، وتهديد التعايش المشترك وكل ما يمكن أن يتولد عن تلك الظواهر الاجتماعية من أثار مدمرة، والأسباب التي يمكن أن تنشأ عنها تلك الظواهر.

ولا شك في أن الدولة هي المسئول الوحيد والأوحد عن السلام في شقه القانوني والأمني، لكن إسهام المجتمع المدني يأتي بالتفاعل مع الأسباب الاجتماعية والتربوية للظاهرة، بالإضافة لمحاولات التدخل للحد من حالات العنف المحتمل في ظل تصدع السلم المجتمعي وضعف التعايش المشترك وقبول الآخر.

وفي مساحتنا هنا نرصد عددا من المبادرات المميزة التي صنعت فارقا في المجتمع السكندري بفضل جهود منسقها "سامح نسيم" استشاري أنشطة السلام والتدريب.

مصرتوبيا ومعسكرات التعليم التفاعلي...

"مصرتوبيا" هي إحدى المبادرات الرائدة في نشر ثقافة السلام ومبادئ التعايش المشترك أطلقها مركز الإبراهيمية للإعلام بالإسكندرية، أسسها سامح نسيم، استشاري أنشطة السلام والتدريب، الذي أكد أن المبادرة تقوم على استثمار مجهودات متطوعي مصرتوبيا مع المراهقين في المرحلة من 10 إلى 14 عاما من خلال التعليم التفاعلي غير المباشر

وأضاف "نسيم": بدأت "مصرتوبيا" عام 2012 في شكل معسكر للأطفال لمدة 3 أيام يتفاعل فيه الأطفال داخل لعبة كبيرة للأدوار يجد فيها الأطفال أنفسهم أمام المختلف عنهم، فالمعسكر يجمع الفتيات مع الفتيان والمسلم مع المسيحي، والمستويات الاقتصادية المختلفة والمحافظات المختلفة، فيجد الطفل ذاته أمام تحدى حتمية التعاون مع المختلف خلال فاعليات المعسكر، والتي ترسخ مبادئ الديمقراطية كوسيلة للتعايش المشترك السلمي الرافض للعنف.

وتابع: مع وصول عام 2016 طورت مجموعة عمل مصرتوبيا المبادرة في شكل جديد وبدأت عقد ورش عمل للأطفال واستطاعت أن تتنقل بين محافظات مصر المختلفة ليصل عدد الورش التي تم تنفيذها بحلول 2023 إلى 14 ورشة قد ضمت في فاعلياتها ما يزيد عن 1250 طفلا.

ومع ظهور أثر المبادرة في حياة شباب المتطوعين والأطفال الذين انضموا في المحاولات الأولى للمعسكرات وورش العمل اتجهت مصرتوبيا لشكل جديد تحت مسمى "سفراء مصرتوبيا" وهي ورشة عمل خاصة بفئة الشباب، وتعمل على تعظيم قدرات الشباب على العمل لأجل السلام، ورفعت وعيهم بمعنى السلام وأشكال العنف، كما نجح سفراء مصرتوبيا في تنفيذ مبادرات محلية في المنيا والإسكندرية والقاهرة.

سفراء الحوار..

وهي إحدى المبادرات الخاصة بتعزيز الحوار بين الشباب، انطلقت من رحم مجلس الحوار الدنماركي المصري، والذي أسس في 2004 وعملت على إشراك الشباب في حالة من التطوع الذي سمح أن ينقل الشباب بين أقرانهم قيم الحوار ومهارات إدارة جلساته، فقد تميزت المبادرة بورش العمل التفاعلية التى تفتح المساحات للحوار بين الشباب للتعبير عن أنفسهم وعن أرائهم فى موضوعات الحوار.

وقد أثمرت مجهودات الشباب فى أن تصل ورش عمل المبادرة لعدد كبير من محافظات مصر وأن يشارك بها الآلاف من الشباب والشابات.

وبين ورش العمل الوطنية والإقليمية تم رفع وعى وقدرات العديد من الشباب ليتحولوا لقادة لورش الحوار التفاعلية، وأن يشكلوا مجموعات العمل الوطنية والإقليمية تلك التي تقوم على تفعيل المبادرة وقادتها حتى تمكن الشباب من أن يحولوا المبادرة لمؤسسة "سفراء الحوار" والتى تعمل تحت مظلة القانون المصرى فى مستوى جديد لمأسسة المبادرة.

تعايش أهل الحتة ..

هي مبادرة شعبية انطلقت في 2012 لمحاولة الحد من حالة العنف المجتمعي التي صاحبت حالة الانفلات الأمني في أعقاب ثورة يناير 2011، حيث عملت مبادرة "تعايش أهل الحتة " على تكوين مجموعات عمل من أفراد المجتمع المدني والمسئولين المحليين والقيادات الطبيعية بكل مجتمع ليعملوا من خلال ذلك الفريق على رصد المؤشرات المبكرة لاحتمالية حدوث عنف داخل مجتمعهم، ووضع خطط ممكنة للتصدي لذلك العنف بشكل سلمى، ذلك بالإضافة للعمل بشكل مستمر على نشر ثقافة السلام واستعادة العلاقات الطيبة بين مكونات المجتمع كنوع من الوقاية المسبقة ضد حالات العنف.

وقد نجحت "تعايش أهل الحتة " في تأسيس فرق في 8 محافظات مصرية، حيث قام فريق المبادرة بتقديم تدريب مكثف للقيادة الطبيعية والشباب حول نظرية "الإنذار المبكر والاستجابة المبكرة للعنف" في نقل للتجارب الدولية المماثلة للواقع المصري مع الاستفادة من الخبرات المحلية المتوفرة في تلك المجتمعات. كما نجحت تلك الفرق في التصدي لكثير من حالات اشتعال العنف المجتمعي.

"كفى" لمكافحة خطابات الكراهية..

هو مشروع مشترك بين مركز الحوار العالمي "كايسيد" ومركز الإبراهيمية للإعلام، واستشاري المشروع "سامح نسيم"، والذي عمل على التحرك مبكرا من أجل التصدي لظاهرة خطابات الكراهية التي تنتشر في المجتمع وتمهد الطريق لظهور العنف وتحطم السلام.

ويقول محمد عبد الرحيم، أحد المشاركين بالمشروع من محافظة القاهرة، إن مشروع "كفى" شمل عقد تدريب للقيادات الشابة والدينية حول مفهوم خطابات الكراهية وكيفية التصدي لها عبر منصة زووم، وقد ساعد استشاري المشروع "سامح نسيم" مجموعات الشباب المشاركين في التدريب في تصميم وصياغة مبادرات على الأرض لنفس الهدف فشارك مجموعة شباب القاهرة بمبادرة "كفى القاهرة – منتدى الشباب وخطابات الكراهية" والذى شارك به 20 شابا وفتاة في المرحلة الجامعية، وقدموا خلالها أوراقا بحثية عن خطابات الكراهية في المستويات المحلية والقومية والدولية، وتناقشوا عن دور الشباب والمجتمع المدني في التصدي لها، بينما صمم شباب المنيا مبادرتهم المحلية باسم "كفى المنيا – بسمة أمل وسلام" والتي نجحت في الوصول لعدد 100 طفل في قرى محافظة المنيا في مرحلة التعليم الابتدائي من خلال الأنشطة التفاعلية وورش العمل التي عرفت الأطفال بخطابات الكراهية وتأثيرها وواجب رفض ممارستها بين الأقران.

وفى محافظة أسوان وفى شراكة مع مكتب الجيزويت بنصر النوبة أطلقت مبادرة "كفى أسوان – كلنا إنسان" وفيها قام المتدربون بتصميم مسرحية تعرض من خلال مسرح الشارع استطاعت أن تناقش خطابات الكراهية والتمييز وأثرهم مع 130 فردا هم حضور تلك المسرحية في عروضها الثلاثة بثلاث قرى بأسوان. بينما صممت مجموعة متدربي أسيوط مبادرة "كفى أسيوط – أنا السلام" والتي خصصت لتلقى الضوء على خطابات الكراهية ضد النساء وكيفية التصدي لها، وقد شارك فيها 40 شابة ونفذت تحت رعاية أسقف الكنيسة الكاثوليكية بأسيوط.

وجاء مشروع "كفى" مبتكر في إطلاقه لحملة على منصات التواصل باسم "عمارة 5" قدمت قصص عن التعايش المشترك وخطابات الكراهية والتنميط وغيرها من الموضوعات في شكل رسومات الكوميكس والكاريكاتير، في سابقة متفردة لاستخدام الفن لنشر ثقافة السلام.

معالم السلام بالإسكندرية..

جاءت "معالم السلام بالإسكندرية" لمنسقها "سامح نسيم"، مبادرة محلية في محتواها عالمية في أسلوبها، توجهت المبادرة للشباب في سن الجامعة وما بعده، فتشت المبادرة في التاريخ المحلى للتعايش المشترك بين مكونات المجتمع السكندري خاصة في فترة بدايات القرن العشرين، حيث كان تعداد مدينة الإسكندرية يحتوى أكثر من 50 % من الوافدين، لتعود وتعزز وعى الشباب بهذا النموذج المحلى للتعايش المشترك وثقافة السلام من خلال جولات ميدانية ثقافية سياحية اطلع خلالها الشباب على تاريخ مجموعة من أهم معالم المدينة الكزموبولوتانية وزيادة وعيهم بإسهامات كل المختلفين اللذين تعايشوا داخل تلك المدينة العظيمة، وكانت ثمرة ذلك التعايش سويا من أجل تضافر الجهود لرفعة المدينة بكل أبنائها ولأجل كل أبنائها.

وفى سياق موازي فتحت الجولات باب المشاركة لكل أطياف المكونات المحلية ليجد الشباب صورة تعبر عن واقع التنوع الحالي بالمدينة أمام صورة الماضي التي عرضتها المواقع التاريخية، كما عملت المبادرة على الوصول لأكبر عدد ممكن من الشباب من خلال منصات التواصل الاجتماعي التي قدم "نسيم" من خلالها مجموعة مقالات عن قصص التعايش المشترك وتاريخ المعالم الدينية وأراء رجال الدين في قضية التعايش المشترك، وهو ما عظم أثر المبادرة، بالإضافة لورش العمل التفاعلية التي شارك بها الشباب ليكتشفوا الكثير من أبعاد ثقافة قبول الآخر والتعايش المشترك.

معالم السلام بالإسكندرية عمارة 5 التعايش العنف المجتمعي تعايش أهل الحتة مصرتوبيا سامح نسيم هناء شلتوت الميدان