في بيتنا ”مونيكا”.. حكاية منزل سكندري تحول إلى قِبلة لمشاهير العالم
هنـاء شلتـوت"أحمد الحيتي" مواطن تحدى نمطية مجتمعة وفتح أبواب منزلة لاستضافة الأجانب المجانية فوصفه المجتمع بـ"الديوث"
مشاهير موسوعة جينيس يسطرون رسائل سلام ويتبادلون اللغات والثقافات من عروس البحر المتوسط
الحيتي لـ "الميدان": بدأت حياتي وسط جنسيات متعددة والاستضافة المجانية حث عليها الإسلام والقرآن أوصي بإكرام الضيف
مجتمعنا منغلق فكريا والكل حاول فرض رأيه الديني علينا وواجهت الكثير من التعليقات السلبية
صنعنا توازنا بين العقل والشرع ووالدتي كانت حريصة على إنجاح تجربة الاستضافة بما يتوافق مع ثقافة مجتمعنا المصري
المجتمع يهوى التصيد والترصد للآخر بزعم تطبيق الشرع والحلال والحرام
استعد لرحلة بالدراجة إلى القدس والمسجد الأقصى وما زلت أخطط لتنفيذ هذا الحلم
جمعت بين مختلف شعوب العالم، فهي إحدى أشهر مدن العالم القديم، وقع الإسكندر الأكبر في غرام موقعها الجغرافي الفريد فقرر تسميتها باسمه، ووصفها أمير الشعراء أحمد شوقي بأنها تاريخ الحضارة والمجد، فهي الإسكندرية الـ "ماريا وترابها زعفران".
تقع الإسكندرية وهي العاصمة الثانية لمصر على ساحل البحر الأبيض المتوسط بطول حوالي 55 كم شمال غرب دلتا النيل، وتمتاز بجوها الساحر وحضارتها العريقة، شكل يود بحرها طبيعة سكانها الذين يمتازون بالكرم والجود والود.
ويقال إن الأندلسيين حين زاروها قديماً أعجبتهم كثيراً فشبهوها بمدينة "ماريا" الجميلة التي تقع في مقاطعة "الميريا" بجنوب شرق "الأندلس" –إسبانيا حاليا-، كما يقال إنها تعني باللغة القبطية "ماري" "العذراء مريم" تأسيساً على أن كنيسة الإسكندرية هي قصبة الكنيسة الأرثوذكسية المصرية ورمز الأقباط المصريين.
ومن الإسكندرية الماريا كان لـ "الميدان" حوارا مع نموذج متفرد تحدى الثقافة المجتمعية السائدة وقرر إرساء ثقافة بديلة تهدف إلى جذب السياحة، والعمل على تبادل الثقافات ودفع قيم التعايش المشترك والتعرف على الآخر، "أحمد الحيتي" مواطن مصري سكندري الأصل، نشأ وسط أسرة منفتحة على الآخر، اعتادت أن تكون نموذجا يحتذى به في استضافة السائحين الأجانب وتبادل اللغات والثقافات معهم من خلال استضافتهم المجانية في منزلهم بكرموز، حتى أصبح منزلهم قبلة لمشاهير العالم من متسابقي الدراجات وراغبي تبادل اللغات.. فإلى نص الحوار:
اقرأ أيضاً
- ”تعايش أهل الحتة” و ”عمارة 5” .. أيادي ومبادرات واجهت تصدع السلم المجتمعي
- هناء شلتـوت تكتب: جزء من النص مفقود
- هناء شلتوت تكتب: ”الشنطة فيها كتاب دين”
- سوء الأحوال الجوية .. غلق الطريق الرابط بين محافظتي البحر الأحمر وقنا
- مفاجآت كبيرة في قائمة الأهلي لمباراة مازيمبي في دوري الأبطال
- رامي ربيعة: مباراة مازيمبي صعبة ونحتاج دعم الجماهير للتأهل لنهائي الأبطال
- ماذا قال كولر قبل مواجهة الأهلي ومازيمبي في إياب نصف نهائي دوري الأبطال؟
- إدارة السياحة تنظم معرض لبيع المنتجات اليدوية لمبادرة أيادي مصر بجامعة مصر الدولية
- تعرف على طاقم تحكيم مباراة الإياب بين الأهلي ومازيمبي
- السياحة» تعلن آخر موعد لقبول طلبات اعتذارات الحجاج
- تغييرات كبيرة في تشكيل الأهلي الرسمي أمام مازيمبي بدوري الأبطال
- بالصور- الأهلي يختتم مرانه قبل مواجهة مازيمبي في دوري الأبطال غدا السبت
في البداية نود أن نعرف من هو أحمد الحيتي؟
أنا أحمد الحيتى، أعمل في ثلاثة مجالات أحاول التشبيك فيما بينهم، حاليا أعمل في مجال السياحة داخل مصر وخارجها، وأهتم بتبادل وتدريس اللغات بطرق مختلفة، يرتكز عملي ما بين مدينة دهب بجنوب سيناء، وتركيا، سافرت أوروبا كلها تقريبا وبدأت حياتي وسط جنسيات كثيرة مختلفة تعلمت من أفكارهم وطرائقهم المختلفة في العمل والحياة.
إلى جانب ذلك عملت بسباق الدرجات، وهو أمر ساعدني كثيرا في التعرف على جنسيات وثقافات مختلفة، كان هدفي الأول هو استخدام الدرجات كبديل للمواصلات في مصر، حيث أعمل على تنظيم ماراثون في أكثر من مدينة ومحافظة من بينها محافظة الإسكندرية، والقاهرة، ومدينة دهب، ونوفر برامج للإيجار الشهري بأسعار زهيدة حتى يستطيع الشباب استخدام الدراجة للذهاب إلى الجامعة أو العمل، ثم تطور الأمر لاستقبال المتسابقين الأجانب من دول مختلفة ومن هنا نشأت فكرة "الاستضافة المجانية للأجانب" في مسقط رأسي الإسكندرية.
حدثنا أكثر عن كواليس نشأة فكرة الاستضافة المجانية وما هي أبرز المشكلات التي واجهتها في سبيل تنفيذ هذه الفكرة؟
فكرة الاستضافة المجانية للأجانب هي فكرة موجودة منذ سنوات، وحث عليها الإسلام في القرآن الكريم بضرورة إكرام الضيف، في البداية كان أمر الاستضافة يسير بشكل سلس من خلال تواصلي مع المتسابقين في ماراثون الدرجات وبالفعل استضفت في منزلي بالإسكندرية الكثير من الأسماء البارزة في هذا المجال من جنسيات وبلدان مختلفة حيث خصصت أنا وأسرتي غرفة لاستضافة الأجانب في منزلنا، ومع تطور رتم الحياة تم تنظيم الأمر لتصبح الاستضافة من خلال مواقع وتطبيقات إلكترونية متخصصة مثل موقع بالـ" Airbnb " و الـ "Couchsurfing"
و"الكاوتش سيرفينج" هي عبارة مستحدثة تعني التنقل لبضعة أيام من منزل إلى آخر، وتهتم هذه المواقع بتوفير كافة مواصفات التأمين والحماية للأشخاص المترددين عليها، حيث يتيح "كاوتش سيرفينج" الاستضافة المجانية للأشخاص، أما "اير بى ان بي" فهو موقع مخصص للاستضافة المدفوعة، بمعنى أنك تستطيع استضافة أي شخص مسافر في منزلك إما مجانا من المواقع المجانية أو بشكل مدفوع، حيث يقوم الضيف بكتابة "ريفيو" عبر تلك المواقع عن المستضيف له ومن ثم يتم بناء الثقة من خلال تلك المواقع التي تحصل في العادة على كافة بيانات الطرفين بهدف ترسيخ الثقة في مسألة الاستضافة وتوسيع انتشارها، ولا شك في أن خوضي لهذا المجال قد ساعدني كثيرا في تبادل الخبرات مع الأجانب، فضلا عن مساهمته في عملية الاندماج والتعايش مع أتباع الثقافات المختلفة ونقل ثقافة موطنك لهم في نفس الوقت.
للطباع والثقافات المجتمعية الشرقية قولا آخر في مسألة الاستضافة، فهل واجهت مع المجتمع المحيط بك ثمة مشكلات تتعارض مع اهتمامك بتبادل الثقافات مع الزوار الأجانب؟
استضفت أنا وأسرتي أعدادا لا تحصى من الأجانب في منزلنا، وبعض الأشخاص في الإسكندرية ممن ينتمون إلى الوسط الفكري الخاص بي كانوا ينفذون أيضا فكرة الاستضافة، ومنهم صديقي أندريه إسكندر.
وأهلي كانوا مرحبين بالفكرة كثيرا، لكن بعض الجيران لم يتقبلوا الأمر ومنحوا أنفسهم حق الاعتراض على استضافتنا للأجانب، لكن والذي كان يتصدى لهذه الأمور إيمانا بسمو الهدف الذي كنا نسعى له.
تحدثت عن استضافتك لنماذج مهمة من أشهر متسابقي الدرجات في العالم، إلى جانب نماذج أخرى جاءت لتعلم اللغة العربية، فماذا عن أهم كواليس وتفاصيل تلك الاستضافات الهامة؟
بالفعل استضفت مجموعة كبيرة من الأجانب في بيتنا المتواضع بكرموز، كان من بينهم فنانة المسرح وناشطة الدراجات الأمريكية "مونيكا هانكن" وخصصنا غرفة في المنزل لاستضافة الزوار الأجانب مجانا كجزء من تبادل الثقافات، وهذا الأمر كان من أهم الأسباب التي ساعدت في تشكيل شخصيتي وطريقه تفكيري، لأني كنت محاطا بالأجانب منذ الصغر.
كذلك استضفنا "مادلين كلارك" التي جاءت من الولايات المتحدة لتعلم اللغة العربية وشرفت باستضافتها، كذلك استضفت صديقا آخر من بلغاريا وكان يجوب دول البحر المتوسط بالدراجة، كما استضافت "فين كوكس" من بريطانيا وكان يجوب العالم بدراجته حتى دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأسرع متسابق جاب العالم في163 يوما.
كما استضافت "برينا كوبلاند" وكانت من كندا حي جاءت بالدراجة من جنوب أفريقيا إلى مصر.
هل كان لديك سابق معرفة بهؤلاء؟ وكيف كان يتم التواصل فيما بينكم؟
استضفت كل هؤلاء في منزلي بمنطقة كرموز بالإسكندرية، وكنت أتواصل معهم من خلال ثلاث محاور، الأول بصفتي مديرا لإحدى فرق الدراجات وفرق الدرجات العالمية تتواصل مع بعضها البعض، ودائما تبلغ بوجود رحاله بالدراجات حول العالم ومن ثم من واجبنا استضافتهم.
والمحور الثاني وهو محور تبادل اللغات عن طريق مبادرات ومواقع مخصصة لتبادل اللغات حيث يأتي الأجانب لتعلم العربية، في مقابل تعليمنا الإنجليزية والفرنسية وهكذا.
أما المحور الثالث وهو عن طريق بعض مواقع ال "كاوتش سيرفينج" التي ليس لها أي شروط، ولكن لها بروفايل مثل مواقع التواصل الاجتماعي، يتم من خلالها ترك تعليقات عن الاستضافة "الضيف والمستضيف" ريفيو "، وتتوفر من خلال الموقع موافقات مسبقة ومراقبة للطرفين، وفي حالة وجود أي تجاوز سواء من قبل الضيف أو المستضيف يكتب عنه تعليق شيء ويتم منعه من استخدام الموقع، كما يطلب الموقع بطاقة هوية للتأكد من هوية الضيف والمستضيف مسبقا.
هل تغير شكل الاستضافة أو آليتها بعدما انتقلت لمدينة دهب وبدأت العمل في السياحة؟
الموضوع توسع أكثر خاصة بعد اكتسابي مجموعة خبرات في مجال الاستضافة، ومن ثم بدأ العمل في السياحة وفي الفنادق والكامبات المختلفة بمدينة دهب، وحاليا نقلت عملي إلى تركيا للعمل في السياحة وتدريس اللغات.
هل خضت بنفسك التجربة؟
نعم تمت استضافتي في مدن بتركيا مثل اسكى شاهير، وستراسبورج في فرنسا من قبل أصدقاء عن طريق موقع الكاوتش سيرفينج، وكانت التجربة آمنة جدا لأن عقلية من يقوم باستخدام تلك المواقع من رحاله مطمئنة جدا وجميعهم على قدر عال من الفكر الراقي والقافة المنفتح نحو الآخر.
لا توجد تجربة مغايرة لتقاليد وثقافة المجتمع دون أن يمسها جزء من النقد والهجوم، فكيف واجهت التعليقات السلبية حول خوضك لهذه التجربة وتنفيذها في محيط اجتماعي لا يقبل كثيرا ثقافة مختلفة عن ثقافته السائدة؟
واجهت بالفعل الكثير من التعليقات السلبية من الجيران تارة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي تارة أخرى، حتى أن البعض وصفني بالديوث وعديم الاخلاق، لكنني أتفهم جيدا أن هذه التعليقات تأتي نتيجة مجتمعنا المنغلق فكريا والرافض لكل فكر مغاير للفكر السائد بمحيطه.
وهنا أذكر على سبيل المثال أن والدتي كانت حريصة أشد الحرص على إنجاح تجربة الاستضافة بما يتوافق مع ثقافة مجتمعنا المصري، فعندما كنا نستضيف فتيات أجنبيات كانت تحرص على متابعة شكل الاستضافة وتحرص على عدم تواجدنا في المنزل معهن دون تواجدها، أو وقت انشغالها في عملها، لتصنع توازنا بين العقل والحلال والحرام، وثقافة المجتمع المحيط.
فالكل كان يحاول فرض رأيه الديني علينا، في حين أن هناك مسائل خلافية كثيرة لا يوجد فيها رأى واحد، في حين أن مجتمعنا ما قبل الثمانينيات كان منفتحا ثقافيا أكثر نحو الآخر، إلا أن صعود الفكر الداعشي والوهابي لفترة من الزمن أثر سلبا على طريقة تفكير البعض وقبولهم لاختلاف الآخر وثقافته، فالمجتمع غالبا يهوى التصيد والترصد للآخر بزعم تطبيق الشرع والحلال والحرام.
حدثنا عن أهم المواقف التي واجهتك مؤخرا وترى أن فيها نوعا من فرض الرأي وعدم احترام الآخر؟
مؤخرا كتبت منشورا عبر موقع فيس بوك عن صديقتي "خديجة منصور" هي من متسابقي الدراجات، وكانت في رحلة خارج مصر إلى جنوب أفريقيا، حتى وصلت السودان في نفس التوقيت الذي بدأت فيه الحرب هناك، إلا أنها أصرت أن تكمل طريقها لإثيوبيا، وعندما طالبت بدعمها معنويا واجهتني كمية من التعليقات السلبية التي وصفت خديجة بالجنون وارتكابها أمر حراما وأنها لا يجوز لها السفر دون محرم، وهو أمر أزعجني كثيرا.
كيف ترى أهمية وقيمة اختلاف الآخر؟
الاختلاف يجعل الحياة ممتعه، وأن نستيقظ يوميا لنرى نفس الجنسيات من حولنا أرى أنه أمر في غاية الملل، فقد قال المولى -عز وجل- في محكم آيته: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير"، ومن ثم فقد حث القرآن الكريم على التعارف فيما بيننا لحكمة يعلمها الله.
أخيرا... ماذا عن أحلامك؟
منذ سنوات استعد لرحلة أحلم بتنفيذها إلى القدس والمسجد الأقصى بالدراجة، وما زلت أخطط لتنفيذ هذا الحلم.