البراءة فوق كرسي متحرك .. حكاية ”نور” ملكة جمال ذوي القدرات الخاصة

"نور" لـ"الميدان": جميع المدارس ترفض "ذوي الهمم".. وإعلامي شهير قال لي: "أنت مش زعلانة على نفسك؟!

شاركت في إعلان منظمة اليونيسيف لتقبل الاختلاف تحت شعار "لينا حق" بهدف الدعوة للتعليم والعيش بسلام

أحلم بتخصيص فصول دراسية تناسب ظروف ذوي "القدرات الخاصة" لتسهيل حركتنا دون مساعدة أحد

شاركت في حفل "قادرون باختلاف".. والرئيس عبر عن فخره بنا ودعانا لافتتاح مسرح العاصمة الإدارية

"شيكابالا" أهداني درع الدوري مسبقا.. وأفخر بصداقتي لعدد كبير من لاعبي الزمالك

أتأثر بتعرض زملائي لـ"التنمر" .. وأحد الأشخاص تهكم على زميلي وقال له: "أنت راجل عجوز"

أحب مدرستي .. ومحافظ الإسكندرية يهتم بذوي الهمم ومؤخرا افتتح حديقة وشاطئ مخصص لنا

وكأن المدن غير مصممة لاستيعابهم على الإطلاق، وكأنهم ولدوا لأب وأم من كوكب آخر بخلاف ما نحيا عليه، فقلوبهم كأفئدة الطير، يضيرها ما قد يضير عصفور صغير كسر جناحه ولم يعد يقوى على التحليق في سماء مجرته، قبل زمان ليس ببعيد سقطت حقوقهم سهوا كما تسقط دمعة من المآقي في لحظة حزن عابرة، إلا أن روح التحدي ظلت تراودهم إلى أن أصبحوا "قادرون باختلاف".

فمن على ضفاف المتوسط، من الإسكندرية الماريا، كان لقائي مع فراشة تحلق فوق كرسي متحرك، أو ملكة جمال الكرسي المتحرك، كما يلقبونها، هي بطلة الجمهورية في السباحة، فاشون موديل، بطلة ماراثون كراسي متحركة، مشجعة زملكاوية عنيدة، بطلة ولاعبة جمهورية في السباحة البارالمبية‎، شاركت في كورال حفل "قادرون باختلاف"، وتم تكريميها من قبل رئيس الجمهورية.

هي "نور إسلام" طفلة من ذوي القدرات الخاصة، تحمل وجها ملائكيا، من الوهلة الأولى تستشعر في ملامحها البريئة مرادفات كثيرة، في مقدمتها التحدي والطموح والعزيمة والسلام، ترى "نور" صاحبة الاثني عشرة عاما، أن الاختلاف لا يقف عند حدود الشكل أو اللون أو المرض، بينما يكمن اختلاف الإنسان في عقله، كما ترى أن اختلاف الإنسان في مكنونه حكمة من حكم الحياة، يحمل في طياته الرحمة، وأن كل نقصان في نعمة يكمله نعم الآخرين، تحلم "نور" أن يراها الجميع كما هي، لا كما تراها نظراتهم الممزوجة بالشفقة أو التنمر.
تجيد "نور" اختيار ملابسها وتنسيقها منذ نعومة أظافرها، إضافة إلى حبها عمل جلسات التصوير التي تظهر في معظمها كفراشه تحلق فوق مقعدها، الأمر الذي منحها فرصا كثيرة وانهالت عليها عروض العلامات التجارية المهتمة ب " الفاشيون " والموضة.
في حديثها لـ "الميدان" أخذت "نور" في سرد أمنياتها الصغيرة التي يأتي في مقدمتها "زوال التنمر "، حيث عبرت "نور" عن تأثرها لتعرض بعض زملائها من ذوي الهمم لحرج شديد، مشيرة إلى أحد المواقف الذي تعرض له صديقها بعد أن قال له شخص في المدرسة: "أنت شكلك راجل عجوز"!.

من هنا بدأت الأزمة..
قالت "نور" بعفوية مفرطة: "أكبر مشكلة واجهتني كانت فصلي، وعندما دخلت المدرسة كانت ماما أو الدادة بيشلوني وأطلع فوق، وكنت بتضايق، حتى تحدثت والدتي مع المديرة وتدخل المحافظ لحل المشكلة، لكن ليا أصدقاء في مدارس أخرى لسه أمهاتهم بتشيلهم عشان تطلعهم الفصل وبيزعلوا أوى وفي كثير منهم مش بيحبوا يروحوا المدرسة غير وقت الامتحانات فقط".
هكذا عبرت نور عن استيائها من سقوط ذوي القدرات الخاصة سهوا من ذاكرة وزارة التربية والتعليم.
وأضافت: "أنا قبل ما أدخل مدرستي لفيت مدارس إسكندرية كلها، كله كان يرفض التحاقي بالمدرسة، وبيعتبروا الكرسي وذوي القدرات الخاصة عبء عليهم".

تحلم "نور" كبقية أقرانها من ذوي الهمم بتخصيص فصول دراسية تناسب ظروفهم الخاصة، وأن يكون هناك فصل على الأقل في الطابق الأرضي بكل مدرسة لتسهيل حركتهم دون مساعدة أحد أو استعانتهم بشخص آخر لحملهم إلى أحد الطوابق العلوية، وهو الأمر الذي عانت منه نور فترة كبيرة، حتى صدر قرار من محافظ الإسكندرية بتخصيص فصل لها بالطابق الأرضي الأمر الذي أثلج صدرها وساهم في تحويل طاقة التذمر لديها لحب لمدرستها ومدرسيها.

تنمر إعلامي شهير..
في خضم حديثي معها استوقفتني "نور" قائلة: "ممكن متكتبيش حاجة وحشه عن مدرستي عشان أنا بحبها وبحب المدرسين بتوعي أوي وهم كمان بيحبوني أوي ".
وعلى ما يبدو أن هناك موقفا سابقا استرعى ذهن "نور" خلال لقائنا بها وجعلها تتحسس طريق كلماتها مع وسائل الإعلام بشكل عام، حيث استعادت نور ذكريات لقاء لها مع إعلامي شهير –رفضت ذكر اسمه-، وخطابه المحفوف بالتنمر الذي وجهه لها حتى يحصد المزيد من المشاهدات.

"أنت مش زعلانة علي نفسك؟! مش بتتخيلى نفسك لما تكبري وتبقي عروسة هتكوني عاملة إزاي ؟!"، كان وقع هذه العبارة مثل أحد السهام المارقة التي وجهها الإعلامي الشهير للطفلة الجميلة "نور" "ملكة الكرسي المتحرك"، وعن تفاصيل هذا اللقاء قالت نور: "المذيع كان مصر يخلينى أبكي، لكن أنا راضية بنفسي جدا وفضلت أضحك طول اللقاء، وعملت قص للأجزاء اللي مش حباها ولغتها من عندي عشان ما افتكرش".

قادرون باختلاف..
وحول مشاركتها في حفل "قادرون باختلاف" الذي تنظمه رئاسة الجمهورية لذوي الهمم، أوضحت "نور" أنها شاركت في الحفل على مدار عامي 2022,2023 م، وذلك ضمن كورال أغنية "بلادي أسلمي" مع الفنانة "دنيا سمير غانم"، إضافة إلى مشاركتها في استعراض بالكرسي مع الفنانة "هنا الزاهد"، حيث قدمت لها الدعوة المهندسة "أمل مبدي" المدير التنفيذي لمبادرة قادرون باختلاف، والمخرج "هشام جمال".

وقالت "نور" إن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، عبر عن فخره لها وإعجابه بالاستعراض الذي قدمته، كما دعاها هي وأصدقائها إلى افتتاح مسرح العاصمة الإدارية الجديدة.

إعلان اليونيسيف... وحديقة ذوي الهمم..
روت لنا "نور" أيضا كواليس مشاركتها في إعلان منظمة اليونيسيف الشهير، لتقبل الاختلاف، الذي حمل شعار "لينا حق"، وحملت كلماته كما كبيرا من الدعم والتوعية لتقبل الآخر وقبول الاختلاف، وحقوق الآخرين في الحياة والتعليم والعيش بسلام.

وأكدت نور أنه علينا جميعا تقبل اختلاف كل من حولنا، مشيرة إلى أنها تجلس فوق كرسي متحرك إلا أنها تستطيع فعل كل شيء، وأنها تعتبر الكرسي "أسلوب حياة"- بحد وصفها-.

كذلك شاركت نور في افتتاح أكثر من مشروع لذوي الهمم في محافظة الإسكندرية، مثل حديقة ذوي الهمم التي وضع اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية صورة "نور" على اللافتة الرئيسية للحديقة، كما شاركت في افتتاح شاطئ المندرة لذوي الهمم.

زملكاوية أصيلة..
في نهاية حديثنا معها، أكدت لنا "نور" أيضا اعتزازها بانتمائها لمشجعي القلعة البيضاء، وأنها "زملكاوية جدا"، وحلت كمذيعة في قناة الزمالك في فترة من الفترات، كما أشارت إلى تكريمها من قبل النادي ورئيسه، كما تفخر بصداقتها بعدد كبير من لاعبي الزمالك الكبار مثل شيكابالا الذي أهداها درع الدوري مسبقا.